أعادت التفجيرات التى تعرضت لها موسكو خلال الأيام الماضية إلى الأذهان ظاهرة "الأرامل السود"، حيث أثيرت المخاوف من عودة هؤلاء النساء من جديد للانتقام من سياسة روسيا تجاه القوقاز، خاصة بعد الإعلان عن أن الانفجارين اللذين هزا أرجاء موسكو بفارق زمنى لا يتعدى أربعين دقيقة قد وقعا على يد انتحاريتين.
تقول الصحيفة إن بداية ظاهرة "الأرامل السود" ترجع إلى أكتوبر 2002 فى موسكو، حين ظهرت على شاشات التلفزيون الروسى آنذاك صور نساء يغطين وجوههن بنقاب أسود ويرتدين أحزمة ناسفة ضمن المجموعة التى هاجمت مسرح "دوبروفكا" واحتجزت بداخله رهائن لمدة طويلة. وقد نتج عن هذا الهجوم خسائر فادحة وصلت إلى 169 قتيلا من بينهم مرتكبو الهجوم. وقد اكتشفت روسيا فى هذا الوقت ظاهرة الانتحاريات الشيشانيات والتى أطلق عليهم على الفور اسم "الأرامل السوداوات".
وقد عاد من جديد الحديث عن هؤلاء "الأرامل السوداوات"، اللاتى شاركن فى التفجيرات الانتحارية فى الشيشان منذ عام 1999 – وهو تاريخ دخول القوات الروسية هذه الجمهورية المتمردة فى القوقاز - بعد التفجير الذى وقع فى مهرجان لموسيقى الروك فى موسكو فى يوليو 2003 (الذى أسفر عن 15 قتيلا)، وكذلك حادث تحطم طائرتين فى 24 أغسطس 2003 (90 قتيلا) على يد عدد من الانتحاريات.
وعلى الرغم من أن "الأرامل السود" ظللن غير ناشطات خلال السنوات الست الأخيرة فى موسكو، إلا أنهن على ما يبدو قد عدن من جديد لإثارة الذعر فى روسيا، لاسيما وأن السلطات الروسية تشتبه فى قيامهن بارتكاب الهجوم الانتحارى المزدوج، الذى استهدف يوم الاثنين محطتين لقطارات الأنفاق بموسكو. حيث عثر على رأس وأجزاء من جسم إحدى الانتحاريتين فى محطة مترو "بارك كولتورى"، والتى ذكر مصدر فى قوات الأمن الروسية أنها امرأة شابة يتراوح عمرها بين 18-20 عاما، ووجهها يبدو قوقازيا تماما.
وتشير الصحيفة إلى قلة عدد الخبراء الذين عكفوا على دراسة ظاهرة "الأرامل السوداوات" والأسباب التى تؤدى بهن للتضحية بأنفسهن، والتى ترجعها أموندين ريجامى، باحثة فى مركز دراسات الشئون الروسية والقوقازية، إلى رغبة أولئك النساء فى الانتقام لمقتل أزوجهن أو آبائهن أو أشقائهن خلال حرب الشيشان، والتى استمرت حتى الآن نتيجة السياسة القمعية التى ينتهجها الرئيس الشيشانى رمزان قديروف تجاه المقاتلين الإسلاميين وكذلك عمليات مكافحة الإرهاب التى تقوم بها روسيا والتى لاتزال تصيب المدنيين.
وحتى بعد أن ذاقت هؤلاء النساء عذاب الحرب من اغتصاب وقتل، بدأن يتعرضن لاختبار آخر من العنف، وهى محاولات قديروف، حليف موسكو فى المنطقة، فرض الأصولية الدينية داخل المجتمع، عن طريق فرض ارتداء الحجاب على النساء على سبيل المثال. حتى أنه قد شكل ميليشيات من الرجال مسئولة عن مصادرة الهواتف المحمولة من النساء.
وفى هذا السياق، كما تلاحظ ريجامى، زاد الضغط النفسى على النساء الشيشانيات، وأصبحن أكثر يأسا، حتى أن بعضهن قد وجدن ملجأ يهربن إليه من هذه الضغوط عن طريق الانضمام إلى الحركات الإسلامية. وقد وجدت المنظمات الإرهابية فى هؤلاء النساء، اللاتى يسهل التلاعب بعقولهن، وسيلة عمل على نحو فعال، إذ أنهن يثيرن الاشتباه أقل بكثير من الرجال، كما أن "الأرامل السوداء" لا يسهل التعرف عليهن خلال الهجمات.
وتضيف الصحيفة أنه بمجرد انضمام المرأة الشيشانية لهذه الحركات، تجد نفسها وقد أصبحت أمام طريق مسدود، حيث إنها إذا قررت يوما ترك الحركة يتم اعتبارها كافرة وتتعرض لخطر الموت، وفى الوقت ذاته يصعب عليها اللجوء إلى السلطات الروسية إذا فكرت فى ذلك. وتذكر الصحيفة أنه فى عام 2003، قامت انتحارية، كانت على وشك ارتكاب هجوم فى مقهى بموسكو، بالاعتراف بالأمر إلى قوات الشرطة وقدمت لهم معلومات عن الجماعة التى تنتمى إليها.. وعلى الرغم من ذلك، فقد تم إدانتها من قبل القضاء الروسى وتم الحكم عليها بالسجن 20 عاما.
لوفيجارو: انفجارات روسيا تثير الخوف من عودة ظاهرة "الأرامل السوداوات"
الخميس، 01 أبريل 2010 07:23 م