للأسف يؤمن الكثير من العاملين فى المجال الصحفى والإعلامى أنه بقدر ما تجذب القارئ إلى متابعة موضوعك؛ بقدر ما يدل ذلك على نجاحك وبراعتك، بصرف النظر عن مصداقية ما تكتبه من عدمه، بل يتعمد بعض الصحافيين أن يكتبوا ما يجلب لهم النقد وربما السباب والشتائم من أجل الشهرة، فقد اعتادوا أن يلجأوا إلى التزييف والتدليس والحط من مكانة الآخرين عن طريق التقليل من قدر بلادهم، فكلها أساليب مباحة عند هؤلاء الصنف من الكتاب؛ ما دام سيؤدى فى نهاية الأمر إلى رواج أسهمهم فى "سوق" الكتابة، فكل رد يأتى إليهم من القراء، حتى لو كان سباً فيهم، إنما يزيد من إحساسهم بأهميتهم ووجودهم، ويدلل لهم على نجاحهم.
وبتجاوز تلك المقدمة التى تحتاج إلى مقال منفصل؛ آتى إلى صلب الموضوع، وهو كثرة ما يلاحظ هذه الأيام من هجوم الكثير من الصحافيين العرب وكتاب الأعمدة على مصر، وعلى تاريخها، وكل ما يرمز إليها، مع التأكيد فى نهاية كلامهم على أنهم يقصدون نظام الحكم، وليس الشعب المصرى العظيم، وكأنهم بتلك الجملة يبيحون لأنفسهم تسفيه كل ما هو مصرى، رغم أنهم، وبصفتهم عربا، ينطبق عليهم المثل القائل "من كان بيته من زجاج؛ فلا يقذف الناس بالحجارة"، ولأن أنظمة الحكم العربية كلها سواء فى السوء، فكان الأولى بهم أن يجعلوننا نرى فروسيتهم وشجاعتهم "الكتابية" فى نقد أنظمة الحكم فى بلادهم، أما عن نظام الحكم فى بلدنا فنحن أولى به، ولا أعتقد أن هناك بلدا عربيا يتعرض رئيسه للنقد والهجوم مثلما يحدث للرئيس المصرى، وليس هذا مدحا له، بل هو إشادة بالمصريين الذين ينتقدون رغم ما يتعرضون له، إلا أننا ننتقد بلدنا "بشكل مباشر"، وننتقد غيرها من البلدان "على استحياء"، وليس بفجاجة وشماتة كما يفعل غيرنا من الكتاب العرب، رغم امتلاء بلادهم بما يستوجب النقد، ولكن ما أؤكد عليه أن هذا النقد لا يفيد أحدا سوى كتّابه، فالحقيقة أنه لولا كتاباتهم الناقدة لمصر، لما وجدوا شيئا يفعلونه، ولأمضوا بقية حياتهم فى بيوتهم أمام التلفاز يستمعون إلى خطب رؤسائهم الثورية، فالنقد بالنسبة لهم وسيلة لكسب الرزق، ولا يعرفون منهجا غيره فى الكتابة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة