لقد تبرأ إبريل من الكذب بعد أن أثقل عليه العامة بتحميله مالا يطيق، فقد كان الاتفاق أن يتحمل إبريل وحده كذبات العام كلها على أن نظل صادقين فيما سواه من شهور، لكننا نكسنا عهدنا معه ومع أنفسنا وأبينا إلا أن نصبح مخادعين وكاذبين على طول المدى وما يُعد كذبة إبريل الكبرى، حقاً إننا لا نكذب وأننا نصدق أنفسنا بأننا لا نكذب ولو تدبرنا سوياً ما حولنا بعين البصيرة فلن نرى سوى عام كامل هو إبريل متصل.
فعندما تنتظر ما تقرره القمة العربية المنقضية من قرارات ومقاطعات وردود فعل يقوم لها العالم ولا يقعد وتختفى لها إسرائيل خلف الأبواب مرتعدة فرائسها هلعاً فربما بدأ إبريل وعندما تصدق أن مصر بلد ديمقراطى فأنت فى إبريل، وعندما تصدق أن ثّم تغيير آت، فأنت فى إبريل، وعندما تظن أن بمصر أحزاب معارضة وليسوا كومبارس فى مسرح الحزب الحاكم فأنت فى إبريل، وعندما يقولوا لك أن الرجل المحترم جودت الملط استطاع أن يجعل الحكومة فى حيرة من أمرها، وأعاروه اهتمامهم وأنظارهم واكترثوا بصراخ الرجل ونحيبه وما يحمله من أوراق ومجلدات تصف حالنا المتدهور، ومنهم من اعترف أنه مُقصّر، ومنهم من استقال ووافق على مغادرة الوزارة والكرسى الذى ربما يحمل اسمه ويعرفه العامة به أكثر من معرفتهم لأسم الوزارة ذاتها، فأنت حقاً فى إبريل.
وعندما ترى البيانات تصدر يومياً مؤكدة أن مصر لا يوجد بها احتقار فى مواد البناء، وأن الأسعار العالمية هى السبب الخفى وراء ذلك، وأن أحمد عز برىء من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب فأنت فى إبريل، وعندما ترى المسلم يداً فى يد مع أخيه المسيحى فى إعلان للوحدة الوطنية واندثار للفتنة الطائفية وطمس الحكومة لتلك الحقيقة وعدم الوقوف أمامها كنعامة تخفى رأسها فى الرمال حتى لا ترى ما الذى طرأ علينا، وما هى الأصابع الخفية وراء ذلك، فأنت فى إبريل.
وعندما يعزل الحزب الحاكم كل نواب القمار والمرتشين والفاسدين الذين ينتمون إليه بمحض إرادته ودون ضغط إعلامى وقبل أن تفوح رائحتهم ويفضحون غيرهم، فأنت فى إبريل، ولو قيل لك إنهم قلة قليلة ونماذج فردية تمثل أنفسها .. فأنت بالفعل فى إبريل، ولو أخبروك أن الدكتور المحترم أحمد زكى بدر قد استطاع أن يتغلب على مافيا التعليم وعصابات الفساد التى كانت مرابطة له فى مصر، وأنه لن يتم تغيره والإطاحة به فى أول تعديل وزارى أو ربما قبله، فخذها منى نصيحة أنك فى إبريل.
ولو صدقت أن الضرائب مصلحتك أولاً وأن أموال التأمينات مرجعها إليك وليس إلى الهاربين إلى سويسرا فلابد أن تسأل كم مضى من إبريل، ولو قرأت فى صفحات الجرائد أن البرادعى قد حصل على تعاطف سبعون مليون مصرى وربما اقترب من الكرسى، وربما هو الرئيس المنتظر فتأكد أنك فى إبريل، ولو أخبروك أن الأهلى حصل على الدورى هذا العام، لأنه الأقوى فهو إبريل بعينه يا صديقى، ولو رأيتنى أكتب مقالاً بعد هذا هنا سالماً معافى، فربما بدأ أبريل وهل هلاله قبل موعده، وربما لن يرحل الهلال حتى نرحل نحن ويأتى الله بقوم آخرين....
