جـــار النبى الحــلو يكتب: قلب مفتوح

الثلاثاء، 09 مارس 2010 08:14 م
جـــار النبى الحــلو يكتب: قلب مفتوح الكاتب الروائى جار النبى الحلو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحدث أحياناً أن يفقد الشخص الثقة فى الأصدقاء، ويتلفت حوله فلا يجد زملاء حتى الذكريات تزيد حدة الحزن، ويكاد الشخص ينسى وجوه عمره الماضى، ويشعر أنه مثل طائر عجوز حط فوق شجرة جرداء ذات غروب بارد. يا ساتر!

هذا ما حدث لى منذ شهور، انزويت، عضضت شفتى حزناً على ما ظننت أنى وهبته لأصدقائى، إلى هنا والأمر سيئ، إلى أن قال الدكتور بحسم: إلهام، وإلهام هذه زوجتى وأم أولادى طبعا، تعانى من انسداد ثلاثة شرايين تاجية ولابد من إجراء جراحة قلب مفتوح فوراً، ولما تلعثمت قال: خلال أسبوع وإلا وقعت المفاجأة، هنا صار الأمر أسوأ، لحظتها تلفتُّ حولى فوجدت الشاعر فريد أبوسعدة والصحفى محمد الرفاعى احتضنانى برفق ومسّدا على قلبى المرتجف، وهنا لعبت أصابعى بأزرار الموبايل، طلبت صديق عمر قديم لم أره من عشر سنوات هو حمدين صباحى وما أن همست له بهمى حتى كانت إلهام فى معهد ناصر لتجرى العملية فى اليوم الأخير الذى حدده الدكتور، ليست هذه هى الحكاية .

الحكاية أن يوم العملية كانت ابنتى وحدها مع الأم، وأنا فى الأتوبيس، وخليل كلفت زميل العمر والمترجم المعروف، الذى كنت أسمع صوته عبر الموبايل كل بضعة أشهر، كان هو من يقف على باب حجرة العمليات الكبرى!!، وما أن استقرت إلهام على سريرها حتى حدثت الحكاية، فبعد يومين فوجئت بأصدقاء خرجوا من ألبوم الذكريات القديم، أحدهم لم أره منذ ست سنوات، وآخرين لم أسمع عنهم من سنوات بعيدة، ولم يتوقف الموبايل عن الرنين: كتاب وصحفيين وفنانين، كنت أظن أنى تهت من سكتهم، فجأة وجدت نفسى طائراً ملوناً خفيفاً تحمله النسمات فوق شجرة مزهرة، ورأيت إلهام، وقد حطت الطمأنينة فى قلبها، واندفع الدم فى شرايينها، ترمقنى بنظرة فرح، ومع كل دقة جديدة من قلبها يأتى الأصدقاء والزملاء القدامى فى لحظات مدهشة، نظرت فى وجوههم العجوزة أستعيدها عندما كانت فى مظاهرات الطلبة فى أوائل السبعينيات، ولما كانت تلقى الشعر، ولما كنا نلعب الشطرنج، ونناقش القصص، ونتكلم فيما قرأنا من كتب، استرجعت حكايات الحب الأولى، ورأيتهم جميعا ً فى حجرتى فوق السطح، وأدركت أن حبى لأصدقائى لم يكن هباء، وإن إلهام التى فتحت بيتها لهم ثلاثين سنة قد أعادتهم إلىّ من جديد، عرفت أن القلب صندوق محكم على أصحاب العمر، وأنهم يطلعون كأرصدة جميلة تربت علينا فى لحظات ضعفنا، وعندما صرت كالعفريت، أجرى وأغنى أخذت أسأل لماذا لا نفتح قلوبنا لبعضنا دون حاجة إلى عمليات جراحية؟! ضربت كفاً بكف ورددت: أما حكاية!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة