محمد حمدى

التطاول على مجلس الدولة

الثلاثاء، 09 مارس 2010 12:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشعر بانزعاج شديد مما يتعرض له قضاة مجلس الدولة بسبب موقفهم الرافض لتعيين المرأة فى مجلس الدولة، هذا الانزعاج ليس مبعثه ما يعتبره البعض ردة فكرية، أوحتى اختراق أفكار متشددة لهذا الصرح القضائى، وإنما لأن المدافعين عن حق المرأة فى المساواة، والرافضين لقرار قضاة مجلس الدولة، حولوا الخلاف القانونى والدينى إلى معركة شخصية استهدفت النيل من القضاة والحط من شأنهم، وحتى التطاول عليهم.

أنا شخصياً أعتبر أن حصانة القاضى لا تشمل مناقشة أحكامه، ولا مراجعة قراراته فى الشأن العام، ولا أضفى على القضاة أية قداسة من أى نوع، لكن فى نفس الوقت أعتبر النيل منهم، والتطاول عليهم، هو تعبير دقيق عن افتقاد المجتمع المصرى لثقافة الحوار حتى بين النخبة المستنيرة التى يفترض بها تقديم المثال لباقى الناس.

شخصياً أيضاً أعتبر أن قضاة مجلس الدولة أخطأوا فى تفسير مواد الدستور التى تنمع التمييز، وتنص على الحقوق والواجبات المتساوية بين جميع أفراد الشعب، وبموجب هذه النصوص الواضحة لا يجب منع المرأة من تولى أى منصب أو وظيفة بسبب جنسها، لكن فى نفس الوقت علينا التعامل مع الدستور باعتباره متناقضاً فى بعض مواده، ويفتح باب الجدل فى موضوعات من المفترض أن تكون قد حسمت فى المجتمع مثل ولاية المرأة.

وإذا عدنا للدستور سنجد أن المادة الثانية التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، تصنع تضارباً مع مواد مدنية أخرى فى الدستور، وإذا طبقنا هذا على تعيين المرأة فى القضاء، سنجد أنفسنا أمام قضية فقهية بالأساس تتعلق بولاية المرأة، أزعم أن الفقهاء ورجال الدين لم يحسموها حتى الآن، فمنهم من يقول لا ولاية للمرأة على الإطلاق، ومنهم من يرى أنه لا يجوز لها الولاية الكبرى فقط، ويمكنها الولاية الصغرى.

وإذا طبقنا هذا التفسير على مجلس الدولة سنجد أنفسنا من مفهوم الدين فى حالة خلاف بين هل قضاء مجلس الدولة فيه نوع من الولاية، أم أنه ليس فيه ولاية على الإطلاق؟ باعتبار أن قضاة مجلس الدولة يفصلون فى القوانين والقرارات الإدارية، بما يعنى أنهم ليسوا من الأساس نوعاً من أنواع القضاء.

وأمام هذا التضارب والتداخل، والرؤى المتعددة والمختلفة يتضح أننا أمام قضية خلافية، لا يجوز فيها اتهام أصحاب أحد الآراء بالتخلف، ومنح صفة المستنيرين للطرف الآخر، وحسناً فعل رئيس مجلس الوزراء بطلب تفسير الخلاف من المحكمة الدستورية العليا، لكن الأهم من ذلك أن يحسم رجال الدين خلافاتهم من قضية الولاية، حتى نعرف ما لنا وما علينا.. فليس مقبولاً أو معقولاً بعد أكثر من 1431 عاماً على هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، أن نظل فى حالة خلاف فى فهم أمور ديننا.. فما بالنا بأمور دنيانا المستجدة والمتشعبة؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة