فى حياة كل منا أشياء عزيزة على قلبه قريبة إلى نفسه أشياء غالية فى قيمتها سواء كانت المادية أو المعنوية، فماذا لو فقد أى منا شيئا من هذه الأشياء؟
لعلنا مررنا جميعا بتجربة فقدان شىء عزيز له قيمته الغالية فى نفوسنا ويمكننا أن ندرك مدى ما يسببه هذا الفقد من توتر وإحباط وعدم التركيز، والذى يمتد فى كثير من الأحيان إلى توقف عقارب الساعة عن الدوران حتى نتمكن من العثور على هذه الأشياء المفقودة . هكذا هو حالنا فى هذه الأيام فلم يتوقف بنا الوقت فحسب وإنما سرعان ما بدأ يعود بنا إلى الوراء . فإننا نعيش حالة من التخبط والتيه وفقدان القدرة على تحديد الاتجاه وكأننا فقدنا البوصلة ، أو الخريطة التى تبين لنا من نحن ؟ وأين نسير ؟ وإلى أى مكان نريد أن نذهب؟.
إن الناظر إلى حالنا اليوم ينتابه الكثير من مشاعر الحزن والألم والغربة والانعزال والوحدة والتدنى والخجل والعجز والذل والمهانة والإحباط... وغيرها الكثير، فقد تطول القائمة حتى أنه قد يعجز القلم عن حصرها، فكان لابد من وقفة لمعرفة أسباب هذه الحالة وهذا التراجع.. قد يرى البعض أن السبب هو سوء الحالة السياسية وتدنى مستوى السياسيين وعجزهم عن تطبيق ما يعرف مجازا بالديمقراطية، وقد يرى آخرون أن السبب هو سوء الحالة الاقتصادية وتدنى مستوى معيشة الفرد وعجزه عن تلبية أقل القليل من حاجاته الأساسية، ويرى آخر أن السبب هو العولمة وعدم جهوزيتنا للتعامل مع تحدياتها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... وغيرها، وينظر آخر إلى سوء الحالة التعليمية والثقافية والعجز عن تخريج إنسان مصرى قادر على التعامل مع التحديات الحضارية والانفتاح الثقافى وثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد يقتنع البعض أن من أهم الأسباب هو غياب النخبة التى يدفعها الإخلاص لقيادة وتوجيه الأمة صوب أهداف واضحة ومحددة... وهكذا تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة فشل يتبعه فشل... فما الحل إذن للخروج من هذا النفق المظلم والذى كدنا أن نختنق بداخله؟!
أنا على قناعة تامة بأن كل ما ذكرت من أسباب سلفا له دوره وتأثيره البالغ والعميق فى وصولنا إلى ما وصلنا إليه وإنما كل هذه الأسباب ليست بالجديدة على أمتنا المصرية والتى يشهد تاريخها على صلابتها وقوتها تلك الأمة التى وقعت فى براثن الاستعمار عشرات السنين ومع ذلك لم تبلغ هذه الحالة من التردى، أمة صارعت عدوا متجبرا ستين عاما ويزيد مدعوم من القوى العالمية ولم تصل لما وصلت إليه من اليأس والإحباط؟! أمة عانت من استبداد حكامها وتعنتهم وتجبرهم ومع ذلك لم تفقد القدرة على البقاء والرغبة فى المقاومة، إذن ما الذى فقده الإنسان المصرى جعله يبدو هكذا هزيلا ضعيفا مقهورا لا يملك القدرة على أن يقول"لا"، أنا أؤمن تمام اليقين بهذا المخلوق وصلابته التى جعلت منه رمزا لتحقيق ما يعجز عن تحقيقه الآخرون ، لذا فلتكن البداية معرفة ما الذى فقده هذا الإنسان ليتحول من حال الشموخ لحال الضمور والاضمحلال.
قد لا يوجد شخص بمفرده قادر على إيجاد حل لمثل هذا الوضع المتأزم مهما بلغت قدرته ومها كانت إمكانياته ، فلماذا لا نتكاتف جميعا للبحث عن أشيائنا المفقودة لعلنا حينها نعرف الحل ومن أين نبدأ؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة