جوائز الأوسكار.. 82 عاما من الحسابات السياسية

الأحد، 07 مارس 2010 10:13 م
جوائز الأوسكار.. 82 عاما من الحسابات السياسية السياسة تلعب دورا كبيرا فى جوائز الأوسكار
كتب ريمون فرنسيس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن وأن تبتعد السياسة عن السينما الأمريكية وعن الأوسكار بدوره كأعظم مراتب الشرف فيها، ومهما توافر حسن النية بأن تكون الأوسكار وسيلة رقى بصناعة السينما وإبداعها فى الولايات المتحدة العالم بعيدا عن أى معيار سياسى، إلا أن فى الواقع معظم جوائزها غالبا ما تكون انعكاسا للوضع السياسى فى العالم بل يمثل منح الجوائز بما يحققه من نجاح مكسب عالمى فى كثير من الأحيان هو أداة إستراتيجية لمكافأة الحلفاء أو محاربة الغرماء.

تمثل الخلفية السياسية أحد دعائم منح جوائز الأوسكار على مدار 82 دورة لم تبتعد السياسة عن منح الجوائز فيها تبدأ تقريبا مع بداية الأربعينات عندما ابتعدت السينما الأمريكية عن سينما المشاعر الجميلة وبدأت تتجه نحو الأفلام السوداء التى قامت على العنف والحروب والجنس الفج، ومن الممكن أن نبدأ من فيلم مارس كازابلانكا والذى أنتج عام 1942 وحصل على الأوسكار عام 1943 وهو من بين أفلام الحرب العالمية وكان يحمل تبرير دخول الولايات المتحدة الحرب والفيلم يعتبر المغرب ولاية فرنسية.

وعندما سيطرت على أمريكا فكرة الدولة العظمى التى تحكم العالم، مع بداية الأربعينات حتى ترسخت فى الخمسينات من القرن الماضى، منعكسة على معظم الأفلام الامريكة التى فازت بالأوسكار فى تلك الفترة من بينها "نهاية الأسبوع المفقودة" والذى فاز بالأوسكار عام 1945 و"كل رجال الملك" فاز بأوسكار أفضل فيلم أيضا عام 1950 وفيلم "جسر على نهر كواى" والذى حصل على نفس الجائزة عام 1957.

مع نهاية الخمسينيات من القرن الماضى عندما أصبح للتيار الصهيونى سيطرة شبه كاملة على صناع السينما الأمريكية، وكان هناك اتجاه قوى يرحب بتصالح اليهود مع العرب وهو ما ظهر جليا فى فيلم "بن هور" عندما ركز جزء كبير من أحداث الفيلم أن أحد الأعراب من شبة الجزيرة ساعد بن هور اليهودى وعاونه على تحقيق هدفه وهو الاتجاه الذى لاقى ترحيبا فى هذا الوقت واستكمالا لهذه الفكرة قدمت هليوود فيلم لورنس العرب والذى حصل على الأوسكار عام 1963 وقد تعمدوا اختيار أحد النجوم العرب للمشاركة فى بطولة الفيلم كنوع من تقرب الكيان العالمى الجديد من البلاد العربية واختاروا لبطولة الفيلم النجم عمر الشريف أحد أكثر النجوم شعبية بعد رشدى أباظة فى ذلك الوقت.

مع نهاية الستينات وبداية سبعينيات القرن الماضى كان هناك مشروع أمريكى متكامل لتصدير فكرة المارد الأمريكى الخارق عن طريق شخصيات المصارعين ورعاة البقر التى لا تهزم، وهو منهج أمريكى اتبعته للسيطرة النفسية على العالم ويعد فيلم "راعى بقر منتصف الليل" من أبرز الأفلام التى نجحت فى تكريس هذه الفكرة أفلام "راعى بقر منتصف الليل والذى حصل على أوسكار أفضل فيلم عام "1969" وفيلم روكى حصل على نفس الجائزة عام 1977 رغم أنها تعد من الأفلام السوداء التجارية التى تكرس للعنف. وفى فترة الستينات جاء فيلم د.جيفاجو المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم حصلت على جائزة نوبل والذى تحدث عن الحرب الباردة بين النظامين الامريكى والسوفييتى وينتقد بشدة تجربة الاتحاد السوفيتى وحصل على جائزة أفضل فيلم مأخوذ عن رواية وشارك فى بطولته النجم عمر الشريف.

ثم بدأت بعد ذلك فى تصدير سياسة جديدة للعالم وهى فكرة البطل المخلص الذى يخلص الوطن من الطغيان، وذلك تمهيدا لتنفيذ ما لديها من أجندة عسكرية تجاه الشرق الأوسط وخصوصا بعدما قامت بالتدخل فى حرب العراق مع الكويت من وقتها بدأت تبيع فكرة أمريكا التى تخلص الدول من طغيان حكامها، وبدأ هذا من فيلم القلب الشجاع إنتاج عام 1995 وحصل على عدة جوائز اوسكار عام 1996 من بينها أفضل فيلم وهى الفكرة التى خدمت هذا الفكر الأمريكى الذى يقدم والس الذى أنقذ أيرلندا من الطغيان، وما يؤكد هذا فيلم المصارع الذى تم إنتاجه 2000 وحصل على عدة جوائز اوسكار عام 2001 والذى يقوم فيه بطل الفيلم بالانتقام من الطاغية ويضحى بنفسه من أجل تحقيق الجنة التى حلم بها هو وزوجته وهذا الفيلم أفضل ما يمكن تقديمه عام 2000 الولايات المتحدة تستعد لحربها على أفغانستان والعراق وفى نفس الإطار فيلم سيد الخواتم "عودة الملك" الذى حصل على أوسكار أفضل فيلم عام 2004، وهذه الخلفية السياسية للأفلام الحائزة على الأوسكار لا تعنى على الإطلاق أنها لا تستحق ما نالته من جوائز بل على العكس.

أما جوائز الأوسكار فكانت وسيلة أيضا لمكافأة الحلفاء الإستراتيجيين للولايات المتحدة وخير مثال لهذا فيلم غاندى وحصل على الأوسكار عام 1983 وهو انعكاس للعمق العلاقات الهندية الأمريكية التى جاءت على أثر زيارة رئيس وزراء الهند أنديرا غاندى للولايات المتحدة عام 1982 واستكمالا لنفس هذا التيار من العلاقات يتجدد اللقاء بين الهند والولايات المتحدة عام 2009 بعد أن تطورت السينما الهندية بشكل كبير تبدأ هوليوود لأول مرة لإفساح الطريق أمام دولة شرق أسيوية تنافسها على ريادة السينما وذلك عام 2009 عندما فاز فيلم المليونير المتشرد بمعظم جوائز الأوسكار ولا أحد ينكر استحقاق الفيلم لما حصل عليه من جوائز ولكن لابد وأن دعم التحالف العسكرى بين نيودلهى وواشنطن.

الدكتور رفيق الصبان الناقد السينمائى يؤيد وجه النظر هذه ويضيف "اعتقد أن الحسابات السياسية موجودة بكافة المهرجانات العالمية الكبرى الأخرى وهى "كان وبرلين و فينيسا" كذلك جوائز الجولدن جلوب هذه حقيقة مؤكدة رغم أن هذه المهرجانات تنكر هذا، إلا أن المتابع الجيد يلاحظ وجود الميول السياسية فى كل دورة حسب الريح السياسى وهذا العام تمثل حرب العراق تيارا سياسيا هاما فى منح جوائز الأوسكار وهو السبب الذى جعل فيلمى أفاتار وخزينة الألم الأكثر ترشحا للجوائز.

فيلم أفاتار أظن أنه سيكون بعيدا عن الترشيحات لأنه يهاجم حرب العراق ودليل على هذا أنه خرج من مهرجان بافاتا البريطانى بلا جوائز، أما تناول فيلم خزانة الألم لحرب العراق بشكل مباشر قد يضعه على بساط الجوائز" ويضيف الصبان "أكبر دليل على تدخل السياسة فى منح جوائز الأوسكار فيلم "مملكة الجنة" الذى تناول شخصية صلاح الدين الايوبى بشكل إيجابى ورغم جودة الفيلم وتكلفته الإنتاجية الكبيرة، إلا أن السياسة التى تحمل توجها ضد العرب أبعدت الفيلم عن أى جائزة، ويذكر لنل الدكتور رفيق الصبان فيلم" د.جيفاجو" الذى تحدث عن الحرب الباردة بين النظامين الأمريكى والسوفييتى وانتقد بشدة تجربة الاتحاد السفيتى، وهو مأخوذ عن رواية بنفس الاسم حصلت على جائزة نوبل.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة