
لسان حال جمهور التليفزيون يقول إن معارك مرتضى منصور وأحمد شوبير ما هى إلا شكل جديد من الدراما الفكاهية التى تجذب المشاهدين أكثر من المسلسلات والأفلام الأكشن..
وليس صحيحًا أن هؤلاء المشاهدين معجبون جدًا ببطلىْ هذه الدراما، بل هم يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى أوحى إليهما بهذا الصراع لكل يعاقب كل منهما الآخر بعد أن تعذر أن يعاقبهما آخرون بما يملكونه من سلطة الكلام وسلطة المعرفة بدهاليز القانون.
والحديث عن الصلح نوع من الاستهتار والاستهزاء بالرأى العام.. فإذا كان الطرفان سوف يتسامحان فى حقيهما، فأين إذن حق الرأى العام؟ وأين حق الذوق والأخلاق وحق الدولة كلها؟.
صحيح الصلح خير لهما.. لكنه لايمثل شيئًا له قيمة للجمهور الذى لن يصيبه الضرر ولا النفع بعلاقة تجمع بين بطلين فى المصارعة الحرة، بل ربما هذا الجمهور لا يريد المصالحة؛ لأنه سيفتقد الكثير من متعة متابعة النزاع العجيب الذى لا يفيد الناس فى شىء سوى التسلية والاندهاش من حجم هذا العداء الشخصى الفج الذى يصل أحيانًا للمعايرة والألفاظ النابية وحب الظهور وتأكيد التفوق فى صراع القوة والنفوذ.
هذا هو انطباع الجمهور.. أما انطباع الوسط الرياضى فهو يختلف.. والمختصر المفيد فيه أن مرتضى منصور يتوقع صراعا مستقبلياً مع ممدوح عباس حول قضايا كبيرة فى الزمالك، وأن أحمد شوبير هو أحد مصادر قوة عباس، ومن الواجب أن يقضى عليها أولاً ليكون ذلك جسرًا لضرب عدوه الأساسى.. فالشكل الظاهر فى المعركة الأخيرة أن الصراع خاص جدا بين مرتضى وشوبير.. لكن فى الباطن يبدو الصراع الحقيقى ممتدًا إلى ما لا تراه أعين عامة الناس وهو ضرب عباس فى مقتل.
وأنا شخصيًا لا أعرف إن كان هذا الانطباع صحيحًا أم خاطئًا، وأعتبر "الخناقة" دخيلة على الرياضة ولا علاقة لها بالشأن العام، إلا فى حدود الفرجة وقد فوجئت من خلال تجاربى الشخصية مع الطرفين أن كل منهما يملك طاقة رهيبة للتحمل وجهازًا عصبيًا "طاظة" لم يستهلك واستعدادًا فطريًا للحروب الكلامية طويلة الأمد.. واكتشفت مؤخرًا أن ليونة لسان شوبير تحمل خطرًا أشد من خشونة لسان مرتضى.. وأنه قد يمنحك قليلاً من السم فى كثير من العسل وإذا لم تكن لديك خبرة فى فرز الكلام والمواقف، فإنك معرض لا محالة للتسمم وحالة من الإغماء من فرط الدهشة. أما مرتضى فهو يملك السم والعسل لكنه يفصل بينهما ويعطى من يشاء السم ومن يشاء العسل حسب حالة الرضا ويحب أن يعطيك السم وأنت تعرف أنه سم أو يعطيك العسل وأنت تعرف أنه عسل حتى إشعار آخر.. وهو نوع من الوضوح لكنه وضوح أيضًا نتيجته تؤدى إلى التسمم والإغماء من فرط الدهشة مضافة إلى الصدمة.