غادة عبود

لست غراباً

الجمعة، 05 مارس 2010 07:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا لونى أسود؟ ولماذا حالة الحداد الدائمة التى أعيشها فى كل مرة أقرر الخروج من البيت؟ أطالع بقية النساء حولى فى السوق أو حتى فى طريقهن لحضور زفاف، ولا أرى إلا اللون الأسود. كتل من السواد تتحرك وتتحدث وتشترى. قد تعارضينى وتقولين لا، لقد أضفت بعض الألوان والنقوش إلى عباءتى!!!. ولكن لا ياعزيزتى. عباءتك سوداء..سوداء...ويظل اللون الأسود هو الشعارالرسمى لكل نسائنا وفتياتنا.

أنا لا أعترض على العباءة، فقد وفرت علينا هم الحيرة فى اختيار الملابس الملائمة للعمل، وأخرى مناسبة للزيارات. فالحمدلله العباءة تضمن لى الاحتشام وفى نفس الوقت العملية. ففى استطاعتى الذهاب إلى العمل بملابس المنزل الرثة أو حتى بيجامة النوم و ممارسة عملى بكل مرونة دون أن يلحظ أحد! فى حين أنه فى بلاد أخرى لو حدث أمر كهذا، ترفد الموظفة فورا لعدم احترامها لقوانين المظهر اللائق داخل مكتب العمل. هذا إذا لم تحل إلى التحقيق واستدعاء مستشفى الأمراض العقلية للبت فى مدى سلامة قواها العقلية.

ولكنى اسمحوا لى أن أتوقف قليلا عند هذا اللون الذى نشأنا كنساء سعوديات على أساس أنه عرفا أو ربما قانونا ونحن النساء لا نسأل. فالأجيال تتبع بعضها دون سؤال لماذا العباءة؟ ولماذا اللون الأسود خصيصا؟! لن أسأل لماذا العباءة. ولكن فقط أريد أن أعرف ما معنى أن أرتدى السواد؟ ومن الذى قرر فى الأصل أن المرأة السعودية سوف يكون قدرها أن ترتدى عباءة سوداء؟ هل كان يقصد باختيار هذا اللون الاحتفاظ بأناقة المرأة، بما أن الأسود هو سيد الألوان؟ أم أن الأسود هو لون الخطيئة والفحشاء التى يجب أن تتوارى خلف قماش أسود؟ وإذا كان الأمر كذلك، أليس من حقى أن أعرف ما هى خطيئتى؟ هل خطيئتى بأنى امرأة؟

لا لست فاحشة ولا عورة. قد خلقنى الله أمًا تحت أقدامى الجنة، فلماذا بعد ذلك أرتدى أنا الأسود. هذا اللون القاتم القاتل الكئيب الميت؟ فى حين يرتدى الرجال الأبيض، لون الفضيلة و الطهارة والنقاء المطلق.

لماذا لا يكون هناك ألوان أخرى هادئة غير مستفزة لا تتعارض مع منظومتنا الاجتماعية. كالأبيض مساواة بالرجال وافتراضا لحسن النية من الرجل تجاه المرأة التى تؤرقه: إلى أين ذهبت؟ من كلمها؟ هل ضحكت وإذا ضحكت، هل سمعت ضحكتها؟
أو من الممكن اقتراح لون آخر كالأزرق كما هى السماء. بحيث أن تنعكس هذه الألوان على نفسية المرأة إيجابا. لماذا لا نجرب ذلك؟ فقد تقل حالات الطلاق وقد تتضاءل نسبة العنف الأسرى. فقد ثبت أن الألوان التى يرتديها الإنسان لها أثر كبير على نفسية الإنسان فى سلوكه وسلوك الغير معه. هل هذا ممكن؟ أم أن اللون الأسود هو قدر المرأة تلتفح به كما هو حال الغراب. لا تعرف عنه إلا ريشه الأسود.
لم أكن أعير هذه المعضلة انتباها لولا أنى كنت فى طريقى للخروج من المنزل وقبل أن أدخل السيارة فإذ بغراب يقف جانبى وينظر لى بكل عينيه يتفحصنى. أتحرك، يتحرك معى! أقف، يقف معى!! و أظن والله أعلم أنه كان يبتسم لى! هل ظن الغراب أنى غراباً مثله؟ أختا له؟ ابنة عم؟ هل ظن أنى ضللت طريقى عن سربى من الغربان؟ و لماذا التعجب؟ فنحن الاثنان قدر لنا الأسود لونا وبروازا وهوية ؟ امرأة فى الشارع؟ شىء يتحرك لونه أسود!!ولكن عفوا لست غرابا. ونعم أبغض اللون الأسود بغضا أعمى. وأحس أنى ألتحف الموت كلما ارتديت عباءتى للخروج من المنزل. وأظل أسأل: إلى متى ألتحف الليل لأختفى وأتوارى؟ وأظل أصر أنا لست بغراب.
* إعلامية سعودية





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة