قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك، إن الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيجد طريقاً صعباًَ فى مساعيه للإصلاح الديمقراطى فى مصر، مشيراً إلى أنه لا يقدر صعوبة موقفه، خاصة أن السياسة فى مصر تختلف عن متابعة تطورات إيران (فى إشارة إلى تولى البرادعى إداراة ملف إيران النووى أثناء رئاسته للوكالة".
وأوضح فيسك أن ما يقوم به البرادعى لا يزعج الرئيس مبارك كما يتصور البعض. واستهل فيسك مقاله فى صحيفة الإندبندنت اليوم متسائلاً: ما الذى يبقى العجائز فى السلطة فى مصر؟ وما الذى يجعل الرجال متوسطى العمر يرغبون فى السلطة فى بلد المجتمع فيه منهك وتزداد فيه الطائفية، وقوات الشرطة فيه تتسم بالوحشية والفساد الوبائى متفشى فيه فى ظل نظام انتخابى ينظر إليه باعتباره مزورا.
ويقول فيسك إن الكثير من المصريين لا يعتقدون أن الرئيس مبارك خالد رغم أنه لا يزال فى السلطة وعمره 81 عاماً. حتى الفراعنة أنفسهم اعتقدوا أنهم سيخلدون فقط فى العالم الآخر، لكن الآن البرادعى يقول إنه سيرشح نفسه للرئاسة لو توافرت شروط العدالة والنزاهة. وكلمة "لو" كبيرة فى السياسة المصرية، ومع ذلك فإن البرادعى "القديس" لا يبدى أى بادرة على تقدير مدى صعوية فرصه. فقد دعا إلى تغيير الدستور المصرى وإنهاء قانون الطوارئ. لكنه يجب أن يدرك أن الرئيس مبارك لن "يرتعد فى حذائه" بسماعه هذه الأخبار.
ويرى فيسك أن المشكلة الحقيقية بالتأكيد ليست فى فرص البرادعى، وهى منعدمة إلى حد كبير، ولكنها فى عمر الرئيس مبارك. فكل من الرئيس مبارك ونجله جمال ينكر أن الأخير يريد أن يصبح رئيساً إلا أن الصعود المطرد للابن فى الحياة السياسية المصرية يشير إلى غير ذلك. فإذا ورث جمال عرش والده، سيكون هناك خليفة ثان فى العالم العربى، والأول فى سوريا حيث تولى بشار الأشد بعد أبيه حافظ الأسد وبعد التعديل فى قواعد الحزب العربى الاشتراكى.
واعتبر الكاتب البريطانى أن تصريحات البرادعى السابقة التى لوح فيها بالعصيان المدنى حين ذكر أن "الناس يتحدثون عن كل شىء وربما يعلنون عصياناً مدنياً إذا لم يحدث أى تغيير"، قد لن تفيده.
ويمضى فيسك فى القول إن الكثير من المفكرين المصريين يتشككون الآن فى أن الحكومات المصرية القديمة الفاسدة مسئولة جزئياً عن الطبيعة الطائفية المتزايدة للنزاعات بين المسلمين والأقباط، والتى تتحدث عنها الحكومة دائماً باعتبارها نزاعات داخلية ليست لها علاقة بالدين. لكن اغتراب المسيحيين وزيادة "أسلمة" البلاد تحتاج إلى الكثير من التعامل معها. والشرطة فى مصرغير خاضعة للقانون والعنف الروتينى من جانب الدولة أصبح مقبولاً باعتباره من حقائق الحياة أو الموت.
ويرى الكاتب البريطانى المخضرم أن البرادعى أمامه مشكلات أخرى. فبعض السياسيين المعارضين فى مصر يعتقدون أنه لم يقم بما يكفى لمنع الغزو الأمريكى للعراق ويتهمونه بالرغبة فى لعب دور حامد كرزاى فى مصر الجديدة الموالية لأمريكا، بل إنهم يقولون إنه يجب أن تكون هناك محاكمة ساخرة للبرادعى الحائز على نوبل لفشله فى منع الاحتلال الأمريكى للعراق.
ويقول البرادعى إنه يحاول أن يربط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاح السياسى، وأن الديمقراطية هى الحل لكل المشكلات. ويتساءل فيسك لماذا يجب أن يحاول مبارك الابن والأب تغيير النظام.
وينتهى فيسك إلى القول إن المنافس السابق للرئيس مبارك فى انتخابات 2005 كان أيمن نور وتم سجنه لاتهامه بالتزوير. ربما يكون الطريق أمام البرادعى أكثر صعوبة، لكنه على الأرجح سيجد الديمقراطية فى مصر مهمة أصعب من مراقبة الأوضاع بشأن إيران.
للمزيد اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به
جانب من مقال روبرت فيسك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة