رغم الأصوات الكثيرة التى سمعها الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر، تناديه أثناء مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية بلقب"سماحتك" وهو لقب يطلق عادة على كبار رجال المذهب الشيعى، إلا أن شيخ الأزهر ورئيس أكبر مؤسسة دينية سنية، كان أكثر الحريصين على ألا يتطرق المؤتمر إلى قضية الخلاف بين الشيعة والسنة، ورغم هذا الحرص فإن بعض النقاشات كان زمامها يفلت وينساق نحو الخلاف بين المذهبين، مثلما حدث فى الجلسة الأولى التى اختلف فيها أعضاء المجمع حول جدوى الحوار بين كلا المذهبين، وإمكانيته، والموانع التى تعيق ذلك.
وكان أكثر المتحمسين لهذا النقاش هما الدكتور عبد المعطى بيومى أستاذ الفلسفة الإسلامية، والدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامى، حيث أصر الأخير على أن الشيعة مازالوا متمسكين بآراء قديمة لعلمائهم ، تحمل ما سماه " فحشا فكريا" تجاه الصحابة وأهل السنة والجماعة، محذرا من وجود حرب مشتعلة ببن السلفيين والشيعة تهدد بتفجير الموقف بينهما رغم أن كليهما يمثل جزءا من 10 % من المسلمين فى العالم.
ودلل عمارة على ذلك بما شاهده فى معرض الكتاب الأخير من كتب تعبر عن فكر الجانبين، إلا أن الدكتور عبد المعطى بيومى تمسك برأيه فى أن التعامل مع الشيعة لا يجب أن يُبنى على ماضيهم، فهم على حد قوله يعملون بقاعدة شرعية أنهم" لا يقلدون أمواتهم" مؤكدا على أن إمام الوقت، "أى العلماء الحاليين لهم"، هو المعيار للتعامل، ودلل على ذلك بأن الخومينى مرشد الثورة الإيرانية قام بتغيير بعض آرائه عندما عاد من باريس وعندما كان فى العراق.
ولم تفلح تلك المناقشات الفقهية والأكاديمية بين أعضاء مجمع البحوث فى إخفاء الهالة السياسية التى كانت تحف المناقشات، وإن كانت بادية أكثر فى الطريقة التى تعامل بها شيخ الأزهر عند تدخله فى أى نقاش، فكان يتمسك بأن موضوع المؤتمر عن "الصحابة " ولا يجب أن تستغرق المناقشات الجانبية وقت المؤتمر، ليشعل بذلك الشكوك الخاصة بأسباب عدم مناقشة قضية التقريب بين المذاهب الإسلامية والتى كانت مقررة هذا العام بعد تأجيلها من العام الماضى.
عضد الرأى السابق مطالب بعض الأعضاء بعدم توسيع "الرقعة السياسية"، لهذا الخلاف لأنه يضر دول الخليج التى بها نسبة من الشيعة، فكان دور الدكتور عمارة فى طمأنة الأعضاء بأنه شدد أكثر من مرة بأن الحوار بين المذهبين يجب أن يجرى فى" الغرف المغلقة" بين العقلاء من الجانبين بعيدا عن أعين الإعلام.
خلاف "السنة والشيعة" يتفجر بين أعضاء مجمع البحوث.. وشيخ الأزهر يحاول إنهاءه لاعتبارات سياسية.. ومحمد عمارة يريد حوارا "سريا" بين علماء المذهبين
الجمعة، 05 مارس 2010 01:57 م