قالت مجلة الإيكونومست الأمريكية إن عودة الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية "المشوقة" من الخارج قد أزعجت النظام المصرى، مشيرة إلى أن الصحافة والشباب يمثلان أهم أسلحة البرادعى فى حملته من أجل التغيير الديمقراطى.
وتبدأ المجلة تقريرها بالسخرية من المناهضين للبرادعى قائلة ربما بإمكان المصريين أن يتنفسوا الصعداء الآن، فقد شكلت سبعة من أحزابهم السياسية جبهة موحدة للدفاع عن البلاد ضد مؤامرة أجنبية. ولم يتضح ما إذا كانت هذه المؤامرة صهيونية أم أمريكية، إلا أن الأحزاب وافقت على أن هدف المؤامرة تقويض استقرار مصر، وأن رأس حربتها ما هو إلا البرادعى الحائز على جائزة نوبل للسلام.
وتمضى الإيكونومست فى القول إن الكشف عن هذه المؤامرة لم يدهش الكثيرين فى مصر، فمنذ أن أعلن البرادعى فى نوفمبر الماضى أنه ربما يرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية عام 2004 إذا تم الالتزام بقواعد العدالة والنزاهة، زادت التوقعات بأن حلفاء الرئيس مبارك سيجدون سبلاً للهجوم على هذا الخصم الذى يتصاعد نجمه.
وعندما وصل البرادعى الشهر الماضى إلى القاهرة فى زيارة استغرقت عشرة أيام، ارتفعت هذه التوقعات. ليس فقط بسبب احتشاد الآلاف لاستقباله فى مطار القاهرة عند وصوله والذين يتجاوز عدد النشطاء البارزين فى الأحزاب السبعة التى ترعاها الحكومة والمتحالفة ضده الآن. لكن أيضا لأن الدبلوماسى السابق صاحب الكلام المعسول أصحب حديث الطبقات الشغوفة بالثرثرة فى مصر مع إعلان عشرات المفكرين البارزين عن دعمهم له ووصل عدد أعضاء الجروب الداعم له على الفيس بوك إلى 160 ألف شخص.
وتنقل الإيكونومست عن الشاعر عبد الرحمن يوسف قوله إن سبب تزايد شعبية البرادعى واضح، "فبعد 40 عاماً من ابتعادهم عن السياسة، يريد المصريون محفزاً، شخصاً يحقق آمالهم، ويربطهم بفكرة التغيير"، وذلك دون حتى أن يرشح البرادعى نفسه للرئاسة.
وترى الصحيفة إنه على الرغم من أن سلوكه معتدل وأفكاره ليبرالية على النحو الذى يتناقض مع النزعة القومية والتشدد الدينى الذى ميز الخطاب السياسى فى مصر، على حد تعبيرها، إلا أن البرادعى يبدو وكأنه لامس وتراً حساساً، خاصة بين الشباب، بإصراره على أن الكثير من العلل الاجتماعية فى مصر لم تأت من الإخفاقات السياسية بقدر ما أن سببها غياب الديمقراطية.
ومن حسن حظ البرادعى، كما تقول الصحيفة، فإن الرأى العام فى مصر قد سأم ليس فقط من الحزب الذى يحكمه دون انقطاع منذ عقود، ولكن أيضا من لعبة السياسات المقيدة التى خلقها. ويتضمن هذا المعارضة الموالية ضمنياً للحكومة وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسمياً التى طالما كانت بمثابة "بعبع" لتخويف المتشككين فى دعم الرئيس مبارك وحكومته، بما فى ذلك الدول الغربية المانحة. وتشير إلى أن البرادعى محظوظ أيضا لأن أحد أسلحته القليلة فى دولة مبارك هو وجود صحافة حرة نسبياً. فعلى الرغم من الغمز والافتراء عليه من أبواق النظام، إلا الصحف المستقلة والقنوات التلفزيوينة منحت الوافد الجديد منبراً عادلاً.
وربما يستفيد البرادعى أيضا من السنوات الثلاثين التى قضاها فى الخارج. فيقول يوسف "إن الحكومة لا تملك شيئاً ضده" فعندما يهاجمون شخصا له مكانته الدولية، يبدو الأمر سيئاً فى الخارج وهذا يرعبهم.
ورغم ذلك، فإن أنصار البرادعى أنفسهم يعترفون أن غيابه الطويل عن مصر ربما يثبت أنه أحد معوقات كثيرة. فقواعد الترشح للرئاسة تجعل من الصعب ما لم يكن مستحيلاً على المستقلين الترشح. وقد رفض البرادعى الانضمام إلى أى من عشرات الأحزاب المرخصة من الحكومة لممارسة السياسة، مصراً - بدلاً من ذلك- على تغيير الدستور لفتح المجال أمام الجميع والتأكيد على نزاهة الانتخابات. وهذا كما يقول البعض أمر غير واقعى.
الإيكونومست: الصحافة المستقلة والشباب أهم أسلحة البرادعى فى مواجهة اتهامات المؤامرة الخارجية
الجمعة، 05 مارس 2010 05:21 م