منذ قدوم أمين أباظة كوزير للزراعة فى 2006 خلفا لسلفيه يوسف والى وأحمد الليثى حددت قيادات الوزارة وهيئة استصلاح الاراضى له خطوطاً لا يجوز أن يحيد عنها مهما حدث خاصة أنه جاء بعد مرحلة كان فيها الليثى وزيراً لمرحلة انتقالية بعد 23 عاماً قضاها والى فى منصب صاحب المعالى.
غير أن قضية استصلاح الأراضى لم تكن تشكل شيئاً بالنسبة للوزير الجديد الذى ترك الأمر كله لرجاله فيما تفرغ هو للتصريحات الصحفية الخاصة بالقطن لخدمة مصالح شركاته التى أكد أكثر من مرة انه تركها منذ صدور قرار تعيينه وزيراً، وهو ما نفته قيادات وزارته مؤكدين ان ازمة السيطرة على أراضى الدولة لم تكن القضية الرئيسية لأمين أباظة طوال أربع سنوات تفجر فيها العديد من الأزمات والصراعات على تلك الأراضى، كان أبرزها صراع الوزير شخصياً مع رجل الأعمال مدحت بركات الذى سيطر على مساحات كبيرة مستغلا انشغال الوزير فى قضية القطن والقمح والخلاف بينه وبين خبراء الزراعة حول زراعتهما أم استيرادهما.
الوزير دخل بقضية مدحت بركات أول معترك حقيقى مع مافيا الأراضى الصحراوية فى مصر، ووضع نفسه فى مأزق كبير خاصة بعد ان اكتشف انه كان أحد الاسباب الحقيقية لتضخم بركات، ووصل الامر إلى حد اتهامه بأنه من سهل لبركات السيطرة على اكثر من 150 الف فدان من أراضى الدولة وانتهت المعركة لصالح الوزير بالحكم بسجن بركات 7 سنوات لاتهامه فى التحريض بالقتل.
قضية مدحت بركات فتحت ملفات الأراضى الصحراوية الخاضعة لولاية هيئة التعمير والتنمية الزراعية ليكتشف استيلاء مافيا الاراضى على 3.4 مليون فدان من أجود أراضى الدولة شارك الوزير نفسه فى ضياعها إما بغفلة منه أو بعلمه حسبما أكدت مصادر رفيعة المستوى بالوزارة، وهى الأمور التى دفعت اللواء محمود عبدالبر المدير التنفيذى السابق لهيئة التعمير إلى تقديم استقالته من الهيئة، وإن تكتم على اسماء بعض الوزراء والشخصيات الهامة من المسئولين الذين استولوا على أراضى الدولة، كشف انهم استولوا عليها بمساعدة من وزير الزراعة أمين أباظة شخصياً.
عبدالبر كشف وقتها أن واحدا من أسباب تقديم استقالته جاء بسبب رجال مقربين من أباظة أرادوا الاستيلاء على 8600 فدان بمنطقة وادى النطرون، رفض عبدالبر تخصيصها لهم وكشف أن الشركة التى أرادت الاستيلاء على الأراضى هى (أورجانيك إيجيبت)، المملوكة لاشخاص منهم مدحت المليجى «الذارع اليمنى للوزير» وأحد اعضاء لجنة التطوير التى شكلها اباظة، اضافة إلى بعض المستثمرين العرب الذين يسكنون منطقة وادى الفارغ بوادى النطرون ويضعون أيديهم على الأرض.
استقالة عبدالبر وتصريحاته فتحت النار على وزير الزراعة تحت قبة البرلمان وتقدم عدد من النواب المستقلين بعدة استجوابات كشفوا خلالها عددا من قضايا الاستيلاء على أراضى الدولة إما بعلم الوزير أو بدون، حيث كشف النواب واقعة استيلاء بعض رجال الاعمال على الاراضى بمشروع شرق العوينات، منها ما قامت به إحدى الشركات الزراعية التى وضعت يدها على 60 ألف فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوى. وهذه الشركة باعت الاراضى بقيمة 50 جنيها للفدان فى المناطق المحرم فيها البيع وتم تحويل معظمها إلى منتجعات.
وكذلك أرض العياط التى أضاعت على الشعب المصرى اكثر من 55 مليار حنيه وقالوا إن «أرض العياط» مثال صارخ للإجرام، حيث باعت وزارة الزراعة 37 ألف فدان للشركة العربية الكويتية بقيمة 200 جنيه للفدان كأرض زراعية، ثم حولتها الشركة إلى مبانٍ فى منطقة استراتيجية أثرية.
وبحسب مصادر فى وزارة الزراعة فإن تقارير رقابية تم إعدادها مؤخرا أكدت ضلوع مسئولين بالوزارة من المقربين للوزير فى تسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة منها استيلاء احد رجال الاعمال على قطعتى أرض «15 الف فدان» بمنطقة وادى النطرون تم تحديد سعر قطعة منها بـ92 الف جنيه للفدان وقت أن كان محمود عبدالبر مديراً تنفيذياً لهيئة التعمير، والقطعة الثانية تم تقدير سعرها مؤخرا بـ3500 جنيه فقط علما بأن القطعتين متجاورتان وتم الاستيلاء عليهما بوضع اليد فى وقت واحد.
وقالت المصادر إن رجل الاعمال اعترض على تقييم الوزارة الجزافى فأراد تقييم القطعة الاولى بنفس سعر الثانية وسانده الوزير فى طلبه واستند الرجلان على قرار رئيس مجلس الوزراء بتقنين أوضاع واضعى اليد بالاسعار السائدة فى 2006.
وقالت المصادر إن هيئة التعمير والتنمية الزراعية التى يرأس الوزير مجلس إدارتها عرضت على المجلس التنفيذى للهيئة حصراً ببيع نحو 260 ألف فدان دفعة واحدة، بسعر يتراوح بين 200 و4500 جنيه للفدان، على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى، فى وقت بلغ فيه سعر الفدان المليون جنيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة