محمد عادل

ليه جزمة أقل واحد فى الوطنى أنضف من أى حد؟

الخميس، 04 مارس 2010 07:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصلتنى دعوة لحضور ورشة عمل أقامها المعهد الديمقراطى المصرى تحت عنوان "نحو تطوير قانون الإدارة المحلية" التى انعقدت يوم السبت 27 فبراير بفندق بيراميزا الدقى، وكأى مهتم ذهبت دون النظر للحضور أو المحاضر أو المكان، ومنذ دخولى القاعة الخاصة بالورشة لاحظت التفاوت بين الحضور، فلم يكن التعديل المقدم لقانون المحليات مقدماً من الحزب الوطنى الوطنى فقط، لكن كان الحضور طاغياً من قبل نواب الوطنى وعلى رأسهم محمد خليل قويطة وجمال الزينى وحسام ماضى، وأعضاء المجالس المحلية المنتمين للوطنى وحتى الإعلام الوطنى كان موجوداً أيضاً ولا أنكر وجود نسبة قليلة من نشطاء المجتمع المدنى والإعلاميين بالمسارات الإعلامية المستقلة أو الخاصة إن صح التعبير.

ما يهمنا هنا هو الحوار القائم حول التعديل المقترح، الذى تحول فجأة لقصائد شكر وعرفان وتقدير للحزب من قبل نوابه مع التطرق على استحياء لمجموعة من مشكلات المحليات "الدايت" مثل السلطة المخوّلة إلى أعضاء المجالس المحلية ومرتباتهم أو بدلاتهم الضعيفة جداً ولم يتطرق المدافعون عن السياسة الحكومية الرشيدة لتزوير انتخابات المحليات وتأجيلها ولا لتدخل السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية فى مجريات أمورها ولا للفساد المستفز بالمحليات ولا لسيطرة الوطنى على مجريات العمل المحلى ولا الكثير والكثير عن فساد المحليات فى مصر، والغريب والمستفز أيضاً هو رأى النواب بأننا لن نستطيع أن نطبق الديمقراطية دفعة واحدة ولن نستطيع مثلاً أن ننتخب المحافظ أو نطبق أى تجارب خارجية فى الفترة الحالية، وأننا يجب أن نحبو خلف قطار الديمقراطية خطوة خطوة مرددين المثل الدارج "مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة"، مما جعلنى أتساءل أين نحن الآن؟ هل وصلنا إلى الخطوة الأولى أم لم نخطو بعد؟

رغم ما كان بداخلى من سخط واعتراضات كثيرة على ما يدور بداية من عدم تمثيل قوى المعارضة والمستقلين ومنظمات المجتمع المدنى، بالإضافة إلى السخط من الآراء المستفزة لى أحياناًَ إلا أننى تماسكت واحترمت كل الآراء وكل الحضور وطلبت الكلمة بعدما شعرت بأن دمائى تحارب من أجل الخروج من جسدى منفجرة ومعبرة عن رفضها للكثير مما قيل، وبعد معاناة وصل الميكرفون لى وأذن مدير الجلسة لى بالتحدث، فتلخصت مداخلتى فى مجموعة من النقاط وهى:

أولاً: اعتراضى على فكرة أن يحصل الشعب على الديمقراطية على جرعات، وتساءلت عن من يتحكم فى صنبور الديمقراطية؟.. وأبديت اعتراضى قائلاً "لو صارت الأمور بهذا الشكل فإننا سنظل كما كنا لم نحصل على الديمقراطية منذ ثلاثين عاماً ولن نحصل عليها لثلاثمائة عام قادمة".

ثانياً: هل من الديمقراطية عندما يقدّم الحزب الوطنى الديمقراطى مقترحاً لقانون جديد أو لتعديل قانون أو غيره أن يقدم هذا التعديل القانونى دون الرجوع لكافة القوى السياسية والحزبية فى المجتمع ومنظمات المجتمع المدنى والمعنيين بهذا القانون، كيف تكون تلك ديمقراطية فى حين أن الحزب الوطنى لا يعبر عن الشعب المصرى كله، لكنه يعبر عن المنتمين إليه فقط.

ثالثاً: فى ظل الفساد القائم داخل المحليات فى مصر والذى وصل للحلقوم وأظهرته مشكلات كثيرة كانت آخرها السيول أرى أن ما يقدمه الحزب الوطنى من اقتراحات بتعديل القانون ما هو إلا مسكن من المسكنات الكثيرة التى تعودنا عليها عقب كل أزمة فى مصر.

رابعاً: يهتم التعديل بموضوع تقسيم أعضاء المجالس المحلية إلى فئات وعمال، فلصالح من يتم تقسيم الشعب المصرى إلى فلاحين وعمال وإداريين ومعلمين وأطباء وصيادلة وبيطريين سوى لصالح الحزب الوطنى ولصالح مجموعة من المفسدين المستفيدين من هذا الوضع وهنا جاءت مقاطعة نائب الوطنى "حسام ماضى" بقوله "إن جزمة أقل واحد من الحزب الوطنى أنضف من أى حد، مشيراً إلى جزمته وإلىَّ" وتشتعل القاعة مؤيدة مقاطعة النائب بين برلمانيين من جماعته وأعضاء مجالس شعبية ينتمون لنفس الحزب وطالبونى بالاعتذار، وتدخل مدير الجلسة وقدم اعتذاره، الأمر الذى جعلنى أصر على استكمال حديثى دون التطرق لمقاطعة النائب وأوضحت أننى لن أعتذر لأننى لم أرتكب أى خطأ ولم أهاجم الحزب أو غيره ولن أعتذر.. واستكملت حديثى قائلاً إن تقسيم البرلمان لعمال وفلاحين لم ينتج عنه إلا مزيد من مشكلات العمال من خصخصة وفصل وتشريد ولم ينتبه أحد لمشكلات الفلاحين، بل تزايدت مشكلات الفلاحين والعمال وتزايد رجال الأعمال والمصالح فى البرلمان.

بعد مداخلتى ثار الكل من الوطنى والقليلون جداً من المدافعين عنى واعتذر مدير الجلسة ثانياً عن أسلوبى فى الخطاب الذى لا أرى فيه أى هجوم ولا اتهام "هو مجرد وجهة نظر مبنية على واقع مرير نحياه كلنا"، هذا ما قلته لنفسى محاولاً الخروج من قفص الاتهام بالتعدى أو التطاول على من وصفوا هذا الشعب بأنه أقل من أحذيتهم، وانتظرت قليلاً حتى أسمع كل الانتقادات والتجريحات ونظرات التحدى والتوعد، ونظرات الشفقة من صديقى الذى كان يجلس بجوارى خوفاً منه على مستقبلى غير الواضحة معالمه مثل أى شاب مصرى، وتساءلت كثيراً هل أتى هذا الشعب بهؤلاء النواب كممثلين عنه وساعدهم فى الحصول على الحصانة؟! هل أجمع الشعب على هؤلاء؟ وأجبت على سؤالى قائلاً "لا وألف لا" لن يجمع الناس على شخص يهينهم ويذلهم ويدنوا بكرامتهم حتى وصلت إلى وصفهم بأنهم أقل من الأحذية.. واستندت على تقارير مراقبة الانتخابات التى تؤكد حالات تزوير الانتخابات وما رأته عينى فى الانتخابات وقلت أخيراً لو جاء الشعب بهؤلاء ممن ازدادوه ذلاً وإفقاراً فالعوض ع الله.. وعند خروجى لاستنشاق بعض الهواء الذى لم يلوثه السباب خرج الكثيرون بعضهم من الوطنى ليهاجمنى ويدخل ثانيةً والآخر ليقول لى أثبت على رأيك وثالث يرشقنى بنظرات الاحتقار ورابع يعرض على المساعدة فى حالة التعرض لأى اعتداء، والملفت أن كل من وقف بجانبى كان متخفياً، أما كل من هاجمنى كان ظاهراً ومجاهراً بالهجوم، ومنذ انتهاء تلك الورشة لم أسامح نفسى على أننى لم أرد على اعتداء هذا النائب على الشعب المصرى حتى ولو كان يقصد الحضور أو حتى فرد واحد وودت لو كنت فى زمن آخر أستطيع أن أسترد حق هذا الشعب وإعطاء درس قمة فى القسوة لكل من حاول إفساده وتضليله وإذلاله وإفقاره ولكنى ارتضيت بالصمت ولم أفعل شيئاً سوى محاولتى أنا ومجموعة من الشباب الإعلاميين تقديم دراسة عن البرلمان المصرى توضح للمواطن البسيط ماذا يفعل ممثلوه فى البرلمان.. ماذا يشرعون ولصالح من؟ كيف يقومون بدورهم الرقابى؟ وما هى ممارساتهم وكيف يحترمون ما أعطاه لهم الشعب من مكانة وحصانة، هذا إن كان الشعب هو من أعطى، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى يستطيع هذا الشعب الدفاع عن نفسه ضد من جعل منه مسخاً أقزر من أحذيته واستثنى مجموعة من اللا منتمين واللا أكفاء وجعلهم هم السادة وفوق الجميع، ورسالتى الأخيرة لسيادة النائب الذى جعل أحذية الوطنى أنظف منا "يا سيادة النائب ليس من الديمقراطية مقاطعة من يتحدث.. يا سيادة النائب ماذا فعلت؟ وماذا فعل الوطنى حتى تعلو أحذيتهم فوق الجميع؟.. يا سيادة النائب إن كنت قد أخطأت من وجهة نظرك، فكان من الواجب أن توضح لى الصورة كما تراها، أن تدافع عن انتمائك بأسلوب أكثر تهذيباً، وأظن أن من واجبك أن تدافع عن هذا الشعب وتحمل همومه فوق كاهلك لا أن تسبه وتحقّر منه.. يا سيادة النائب لو كنا فى بلد ديمقراطى حقاً ويحترم شعبه، لكنت الآن خارج أسوار البرلمان".
باحث فى الديمقراطية وحقوق الإنسان






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة