اعتبر الكاتب الصحفى صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة "القاهرة"، الحرية التى تتمتع بها الوسائط الحديثة سببا مباشرا فيما وصفه بالفوضى، وعبر عن ذلك بقوله "الحرية كانت حلما ولكنها تحولت إلى كابوس"، جاء ذلك خلال الجلسة الأولى من الندوة التى عقدت بمركز الأهرام للنشر والترجمة وحملت اسم "حرية التعبير والأدوات الثقافية والإعلامية الجديدة"، فى حضور المفكر "السيد ياسين" مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية والكاتب الصحفى "سعيد شعيب" مدير تحرير موقع اليوم السابع والذى قدم ورقة عمل حول تأثير الوسائط الصحفية الاليكترونية على الصحافة الورقية، والكاتب الصحفى "جمال غيطاس" رئيس تحرير مجلة "لغة العصر"، والمدون "شريف عبد العزيز" صاحب مدونة "العدالة للجميع" الذى قدم شهادته عن المدونات والإعلام الجديد.
وقال "كنت من الجيل الذى خرج فى المظاهرات يهتف "عايزين صحافة حرة العيشة بقت مرة"، إلا أننا وبعد أن تمتعنا بقدر من الحرية عادت "العيشة مرة تانى"، وأضاف "الأمر يرتبط بالحرية المسئولة التى تستهدف خدمة مصالح عامة، وليس مجرد سيل من المعلومات يؤدى إلى تشوش فى الرؤية".
وأشار "عيسى" إلى أن المدونين لا يتفقون على آراء أو مبادئ سياسية أو أيدلوجية بقدر ما يتفقون على "عناوين سياسية"، وينكرون ضرورة وجود أحزاب، بل ويعتبرون "عالمهم الافتراضى" بديلا عنها، وعبر عن ذلك بقوله "هذا العالم الافتراضى به جزء كبير من الوهم"، وضرب مثلا بما حدث قبل حضور البرادعى فاتفق ما يزيد عن 70 ألف مدون وناشط على استقبال البرادعى فى المطار، إلا أن العدد الفعلى لمن استقبلوه لا يتجاوز الـ3 آلاف شخص.
وأكد المفكر السيد ياسين أن إضراب 6 إبريل الشهير الذى حدث فى القاهرة عام 2006، لم يكن حركة شبابية فى الأساس كما يشاع عنها، إنما "عمال المحلة" من صنعوها ثم جاء الشباب و"ركبوها"، وأكمل "ياسين" المدونون لا يعرفون الفرق بين العصيان المدنى والإضراب والثورة والاعتصام، وتساءل فكيف يمارسون العمل السياسى؟، وضرب مثلا بالإضراب الذى دعا إليه بعض الشباب عندما طالبوا الجماهير بأن تلتزم منازلها وترفع فيها الرايات السوداء، وقال "هذا نوع من الدعاوى الساذجة التى لا تعرف طبيعة المجتمع الذى تتعامل معه فكيف يستجيب المواطنون للجلوس فى المنزل وهم مطالبون بأكل العيش؟، وأضاف: و"هناك نوع من المدونات يمارس نوعا من النقد السياسى الذى يتجاوز حدود النقد إلى السب والقذف والشتيمة، وهو ما لا نقبله، ومع ذلك هناك نوع من المدونات الأدبية البديعة مثل مدونة "منال وعلاء" التى كتبوا فيها يومياتهم ومذكراتهم".
وأوضح "شعيب" فى كلمته أن موقع اليوم السابع يختلف عن صحيفة "اليوم السابع" فالموقع يجمع كل الوسائط المطبوعة والمسموعة والإلكترونية وهو ما يختلف عن الصحيفة، مشيرا إلى أن مواقع الصحف تحولت إلى فتارين لعرض ما جاء بنسختها المطبوعة، وهو ما لا يحدث فى موقع "اليوم السابع"، وأكد "شعيب" أن المواطن يمتلك ما لا تمتلكه المؤسسات الحديثة فمن خلال هاتفه المحمول يستطيع أن يصور لقطات فيديو ولقطات ثابتة ويرسل أخبار ويستقبل أخرى ويدخل على الإنترنت، مما يعنى أن دائرة التعبير اتسعت لدى المواطن، لكن هذا لا يعنى أنه سيكون صحفيا محترفا، وضرب مثلا بكليبات التعذيب التى انتشرت على أجهزة المحمول فى فترة ما، وهى من إنتاج مواطنين، ثم فرضت نفسها على الصحافة المطبوعة وحتى التليفزيونية، ثم خرج متحدث باسم "وزارة الداخلية" ليدافع عنها ويبرر، وهو مما جعل الوزارة فيما بعد تنتبه لضرورة تثقيف الضباط والأفراد بثقافة حقوق الإنسان، وأضاف "شعيب" كما أن حركة 6 إبريل انطلقت بدعوة من على الإنترنت وتحولت إلى الواقع، مما يدعونا إلى إعادة النظر فى تسمية تلك الوسائط "بالافتراضية"، لأنها تؤثر فى الواقع.
وأشار "شعيب" إلى أن طبيعة المادة الصحفية الإلكترونية لابد وأن تتسم بالقصر، لأنها تراعى طبيعة مستخدم الإنترنت الذى يختلف عن قارئ الصحف المطبوعة، فقراءة الصحيفة المطبوعة تتيح للقارئ قدرا من الراحة البدنية، فقد يقرأ وهو جالس أو مضجع أو مسترخٍ، مما يتيح له أن يقرأ لفترات طويلة على العكس من قارئ الصحيفة الإلكترونية.
ومن جانبه أكد "جمال غيطاس" أن الصحافة الإلكترونية تتسم بنوع من "الشخصنة" فكل متلقٍ يدخل على موقعه المفضل من أجل قراءة اهتماماته الشخصية دون غيرها، فكل قارئ يشكل محتوى صفحته الخاصة فإذا كنت تحب الرياضة تستطيع أن تصمم صفحة الخاصة لكى تتيح لك ذلك، وأضاف "غيطاس" وهناك العديد من عوامل الضعف الكامنة فى حرية الرأى والتعبير على الإنترنت، فالنشر الإلكترونى لا يحافظ على حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى السب والقذف والتشهير، وضرب مثلا بما حدث مع المدون "وائل عباس" الذى اتهمته وزارة الداخلية بأنه "سوابق" فما كان منه إلا أن وضع "الفيش والتشبيه" على مدونته الخاصة ليراها القاصى والدانى.
ثم تحدث المدون "شريف عبد العزيز" عن تجربته، وأكد أن المدونين يمرون بمراحل من النضج، فمن يبدأ اليوم يختلف وضعه غدا، وأشار إلى أن مدونته تدعو للعدالة الاجتماعية وترفض الظلم دون اتفاق على محددات أيدلوجية أو معتقدات فكرية معينة.