خلال الحرب الأمريكية على أفغانستان كتب الدكتور مأمون فندى مقالا فى جريدة الشرق الأوسط أسماه عرب بن لكن، وأعاد الصديق الصحفى الذى ذهب مع الريح رضا هلال الكتابة على المنوال نفسه عن عرب ولكن، وذهب الاثنان إلى أن العرب الحاليين تنتهى كل جملهم وكتاباتهم لكن، مما يحول الكلام من جملة مفيدة إلى جمل اعتراضية، فنحن نبدأ بالمبادئ العامة التى تعارفت كل الأمم عليها ثم نتبعها دائما بلكن.
كان الرئيس الراحل أنور السادات من أول وأشهر الزعماء العرب فى العصر الحديث الذى دعا إلى الديمقراطية، ثم اتبعها بلكن الديمقراطية لها أنياب وأظافر، وفى عهد الرئس حسنى مبارك تحدث كثيرا عن النمو الاقتصادى الذى عاشته مصر قبل الأزمة المالية العالمية، ثم أتبع الحديث بلكن آثار هذا النمو لم تصل إلى جميع الطبقات.
وفى العراق يتباهى رئيس الوزراء نورى المالكى بإجراء انتخابات برلمانية أقرب إلى الشفافة رغم التجاوزرات التى حدثت بها، لكنه لا يريد التسليم بنتائجها ولا يريد منح منافسه إياد علاوى الفرصة لتشكيل الحكومة الجديدة فى العراق.
والرئيس السودانى عمر البشير يريد إجراء انتخابات رئاسية فى السودان، لكنه لا يريد التنازل عن السلطة، أما الحركة الشعبية لتحرير السودان فإنها تريد الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان العام القادم، لكنها لا تسمح للمرشح المنافس على رئاسة حكومة الجنوب لام أكول بتنظيم حملات انتخابية فى مناطقها، لأنه لا ينتمى للحركة الشعبية.
وسمحت حركة فتح بإجراء انتخابات تشريعية فى الأراضى الفلسطينية، لكنها لم تسمح لحماس الفائزة فى الانتخابات باستمرار الحكم حتى الانتخابات التالية، وحماس تريد المصالحة الفلسطينية، لكنها لن توقع على اتفاق المصالحة.. ويريد الحزب الوطنى الديمقراطى إجراء انتخابات نيابية حقيقية فى مصر، لكنه لا يريد أن يفقد أغلبيته أبدا.
هكذا الحياة فى العالم العربى تبدأ دائما بأغراض سامية ونبيلة، لكنها سرعان ما تنتهى بلكن، وحين ترد ولكن فى أى جملة عربية، أو على لسان أى مسئول أو مواطن عربى فلابد وأن التالى سيكون مصيبة مدوية تنسف كل ما سبقها من كلام جميل، وجمل كانت مفيدة حتى أفسدتها ولكن.
وإذا كانت ولكن هى أحد مصائب العالم العربى فلماذا لا يجتمع مجمع اللغة العربية ويتخذ قرارا بحذفها من اللغة العربية من الأساس، صحيح أن السياسيين ومنظريهم سيجدون كلمات وأفعال أخرى تحقق أغراضهم، لكن حتى يحدث ذلك ربما يتخلص العالم العربى من بعض التأثير السيئ الذى تحدثه، ولكن فى حياتنا.