أكد الشاعر اللبنانى بول شاؤول على أنه لا توجد حضارة عربية أو غربية نقية، والدليل أن هناك حضارات تتشعب عنها التعددية الثقافية، مضيفًا "النهضة العربية قامت على ضوء الترجمات، وأقول بأنه وراء كل مفكر عربى مفكر أجنبى وبالأخص فرنسى، ووراء كل شاعر عربى شاعر فرنسى بالمعنى الإبداعى، ووراء كل مسرح عربى مسرح أجنبى، فكل من نهضوا بالمسرح العربى اعتمدوا على الترجمات سواءً البصرية كالسينما أو القراءة".
جاء ذلك خلال الجلسة التى عقدت بعنوان الترجمة والهوية الثقافية، بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، مساء أمس، ضمن فعاليات مؤتمر الترجمة، وتحدث فيها كل من د.أنوار عبد الخالق، د.محيى الدين بسيونى، بول شاؤول، قاسم عبده قاسم، وأدار الجلسة حمادى صمود.
وأوضح شاؤول "منذ أن بدأت الترجمة فى العالم العربى رافقتها مفاهيم ومقولات حول الأنا والآخر، واحترام خصوصيات الآخر، بما يعنى أنه علينا أن نترجم بدون أن نتدخل فى هذه الخصوصية، وبهذا فبدلاً من أن تكون الترجمة أداة للخروج، تتحول لأداة هروب وعودة أبدية للماضى"، وأضاف "وبرأى أن الترجمة هى أننا نكتشف ما بداخلنا عبر هذا الآخر – المترجم - فلا توجد خصوصيات ثابتة ولكن هناك ذوات كامنة نستنهضها بالترجمة".
وقال قاسم عبده قاسم إذا كانت الحضارة العربية الإسلامية قد استخدمت الترجمة فى بناء هويتها الثقافية على نحو ما، فإن الحضارة الغربية لم تستطع أن تتخلص من معوقات التقدم التى زرعتها الكنيسة بفعل العزلة التى فرضتها على أوروبا من خلال الوصاية التى زعمتها لنفسها على العقول والضمائر وأدواتها التى تمثلت فى محاكم التفتيش وغيرها"، مضيفًا "وأقول بأن الحضارة الأوروبية لم تستطع أن تشكل هويتها الثقافية العامة سوى من خلال حركة الترجمة التى وفرت الشروط المناسبة للنهضة الأوروبية فى أواخر العصور الوسطى، كما أن الحضارة العربية الإسلامية استفادت بفعل الترجمة الهائلة التى سارت بخطى متوازية لخطى البناء الحضارى فى جوانب أخرى من جوانب الحضارة العربية الإسلامية منذ السنوات الأولى فى تاريخ المسلمين، فاستفادت من عمليات الترجمة بدون أن تشوش هذه الترجمات على هويتها الثقافية".
وأكد محيى الدين بسيونى، أن سبب نجاح اللغة الإنجليزية هى أن تقتبس من اللغات الأجنبية الأخرى مفردات جديدة، والقرآن الكريم سمح للعرب أن ينقلوا من لغة إلى لغتهم كما وجدنا فى القرآن الكريم من مفردات أجنبية مثل قسورة"، مشيرًا إلى أنه لا توجد نقلة حضارية إلا وقامت على الترجمة.
وفى كلمتها قدمت د.أنوار عبد الخالق دراسةً نقدية لترجمة محسن مصيلحى لمسرحية كاريل تشرتشيل "بعيدًا جدًا"، والتى دعت للاهتمام بما يقوم به المترجم من جهد كبير ومناقشة هذا الجهد، وأكدت على أن المترجم لا ينقل من لغة إلى لغة أخرى، بقدر ما يعيد صياغة وإحياء نص من لغة إلى لغة أخرى، وأن جهد المترجم لا يقل بل يزيد عن جهد المبدع فى فعل الكتابة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة