بحساب الزمن بدقة بساعة (Stop watch) يستغرق بث الإعلانات التجارية بالقنوات الفضائية خمس دقائق وأربعين ثانية، بعد كل بث للبرامج مقداره نصف ساعة، وأحيانا نصف ساعة وخمس دقائق، وأحياناً أربعون دقيقة، ولا تزيد فى معظم الأحيان عن خمس وأربعين دقيقة، ولا يجادل أحد فى كون أن هذه الإعلانات هى أشرف دخل للقناة الفضائية، ودليل على انتشارها ومصداقيتها وإقبال المشاهدين عليها، وذلك يقابله على النقيض الاتصال بـ 09000 الذى يعتبر نهبا واستجداء قذرا للمشاهد، وكان آخرها الغش الفاضح والمكشوف فى إحدى القنوات بالاتصال بـ 09000 ثم يهدونه الجائزة، وكأنهم يتعاملون مع سذج والمشاهد يعرف تماماً قصة 09000، وأنها مافيا تستنزف جيوب الحالمين وتجنى آلاف الجنيهات، وربما الملايين ثم يتعطفون ويتكرمون على المشاركين بجائزة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة، مما يجنون وبعضهم يعلن عن الفائزين بأسماء وهمية، وتلك ممارسات اقتصادية خاطئة ولا تجنى على ممارسيها إلا الخراب المستعجل، وكانت قديماً تسمى (اليانا صيب)، ومثلها كانت (الكارتيللا)، وكلاهما اختفيا من المجتمع المصرى منذ عهد بعيد، ونهيب بالبرامج الدينية أن تستبدل تلك الممارسات الشيطانية بفتح صناديق تبرع من كافة المشاهدين القادرين لحج وعمرة غير القادرين وتكتفى برسائل بريدية من الفقراء الراغبين فى ذلك، وتكون شفافة فى ذلك بتقديم كشف حساب لما أودع ومن فاز بالجائزة وإن كان الحج فرضه الله على القادرين فقط (ومن استطاع إليه سبيلا)، فإذا كان الحج كذلك، وهو فرض والركن الخامس من أركان الإسلام فالعمرة إذن تكون لأقدر القادرين.
المهم ولكن معظم المصريين بسبب أكل المسبكات والطرشى والمواد الحريفة ولولا أنهم يحبون أكل البطاطا والذرة المشوية لزادت النسبة عن ذلك، وكثير من الدراسات والأطباء يحذرون من تناولها وكثير من الخليجيون يزيلون بقع الدهون من المفروشات والسجاد بالمشروبات الغازية عديمة الألوان، فما بالكم بالمعدات المتقرحة والأمعاء المتهرئة، ولذلك كان أحرى بشركات الإعلانات أن تعالج ذلك ولا تربط بين شرب المواد الغازية واصطدام كوكب بالأرض من شرفة بار وكل واحدة تعبر عن حبها فتهجم على حبيبها وينتهي الأمر بشرب علبة مادة غازية.
وليس ثمة علاقة بنيوتن وسقوط التفاحة بالمشروب ولا علاقة بأنه خاطب فتاة وعلى علاقة بأخرى وكل التفاهات الأخرى مثل توجيه خراطيم المياه والرذاذ، وأخيراً ينتهى الأمر بشرب علبة مياه غازية، ولم يتبين لنا أى فائدة من شرب تلك المشروبات إلا السخف والهبل والتفاهة والضحك على الدقون.
وفى إعلانات الشاى أيضاً أصابها ما أصاب إعلانات المياه الغازية، ولكن بأغنيات بلا كلمات ولا موسيقى ولا هدف ولا تخدش إلا الآذان الموسيقية ويسمونها (نشاز) والذى نعرفه أن الشاى منبه، وأنه ذو نكهة ولذيذ وكثير من فلاحينا وعمالنا فى بحرينا وصعيدنا يعتبرونه محبسا لغدوة أو عشوة معتبره ويقولون (عايزين نحبس) أى نشرب شاى بعد الأكل، وأحيلكم أيها القراء الأعزاء لتلك الإعلانات هل فيها شىء من هذه الجاذبية لهذا الشاى، إلا أنه ثقيل ومن ثقله أوقف المصعد وكسر الرخامة ويالها من رخامة بفتح الراء والخاء.
وثالثة الأسافى إعلانات الفوط الصحية والتى تدعو للقرف عندما تتحسس فتاة الإعلانات فراشها لتحرى البلل، وكان يكفى أن يعلن أن تلك الفوط مأمونة وصحية وتعيشين حياتك طبيعية بلا أغانى ولا مناظر ولا سكب سوائل رحمة بأذواقنا وأطفالنا، ودخلت حلبة السباق إعلانات المدن الجديدة، وأستغرب هل وجود محلات للملابس ومسابح مفتوحة على الشقق جاذب للمشترين على حجز شقق فى تلك المدن، ولو كان هذا صحيحاً، وإن كان يعنى قرب الشقق لتلك الخدمات لما أقبل أحد على الشراء، وذلك لأن المدن الجديدة يبحث المشترين فيها عن الهدوء والسكينة وتعويض الملايين التى دفعوها أثماناً لتلك الشقق أو الفلل وليس لدخول المحل وكل شويه تشترى قميص نوم.
وكثير من الإعلانات تحتاج لشرح وتوضيح وأرجو من شركات الإعلانات أن تسلم كل قناة كتالوج عن الإعلان حتى يقوم المذيع بالرد على استفسارات المشاهدين بالاتصال من أى خط أرضى بالرقم 09000، وكله مكسب وكله على كله ولما تقابلوا قوله.
