محمد حمدى

قراءة فى الحالة الإعلامية

الأربعاء، 03 مارس 2010 12:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحكم القضائى بمنع برامج أحمد شوبير على قناة الحياة يعد سابقة فى الحياة القضائية والإعلامية بمصر، لذلك لا يجب مروره مرور الكرام لأنه يسجل سابقة خطيرة يجب الانتباه إليها ودراستها، لأنها تتعلق بحرية الرأى والتعبير، ودور القضاء فى صيانة هذه الحرية وليس القضاء عليها ومصادرتها.

ومع تأكيدى الذى سجلته أمس بأن شوبير أخطأ مهنيا وكان يجب عقابه، لكن العقاب لا يكون بالمنع أو الحبس فى حالة الصحافة، والسؤال المهم هنا: كيف يتم عقاب من يستغل الإعلام فى الإساءة إلى الناس والخروج على القانون؟

وأتصور أنه ليس علينا اختراع العجلة من جديد، فقد ألغت الغالبية الساحقة من دول العالم العقوبات السالبة للحريات من قوانينها، ولم تعد هناك حاجة لقوانين خاصة بالنشر، وإنما يندرج الموضوع كله فى إطار القانون العام.

وتعارف العالم على أن من حق من يشعر بجور الصحافة أو أى وسيلة إعلامية أخرى على حقوقه اللجوء للقضاء لإثبات ما تعرض له، ومن ثم أحقيته فى التعويض عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية.

وليس خافيا على أحد أن التعويضات فى قضايا النشر تصل إلى ملايين الدولارات فى القضية الواحدة، إلى جانب تسوية قضائية تلزم الصحيفة أيضا بالاعتذار لمن أخطأت فى حقه.

ومع تكرار مثل هذه العقوبات ألزمت الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة نفسها بمواثيق شرف إعلامية قد لا تكون مكتوبة، وإنما أصبحت أقوى من أى نص يجرى كتابته فى مصر، مثل ميثاق الشرف الصحفى على سبيل المثال الذى نشأ بموجب قانون الصحافة فى مصر دون أن يلتزم به أحد أو يرتب عقوبات على أحد أو يعيد الاعتبار للصحافة كمهنة قبل أن يحمى الناس من تطاول وخروج بعض الصحفيين عن التقاليد وآداب المهنة.

لكن الحكم الذى صدر بوقف برامج أحمد شوبير لا يختلف كثيرا عن حكم بمنع كاتب من الكتابة أو صحيفة من الصدور، وأعتقد أنه ليس من مهمة القضاء وقف حرية التعبير حتى ولو تجازونا حدود المسموح به قانونا، وإنما على القضاء مواجهة أى خروج بإلزام من أخطأ بالاعتذار العلنى فى وسيلته الإعلامية إلى جانب التعويض المادى الكبير.

أعرف جيدا أن شوبير أخطأ لكنه ليس وحده فالساحة الإعلامية المصرية تشهد انفلاتا غير مسبوق، وممارسة للحريات الصحفية غير معهودة فى مصر، لكنها فى ذات الوقت تشهد انتهاكات غير اعتيادية للقانون وحقوق الناس وحتى للأخلاق العامة.

وقد كتبت مرارا وتكرارا فى هذا المكان عن ضرورة وقوف الإعلام وقفة صحيحة وحقيقية مع النفس، لأننا بدأنا نفقد الكثير من مصداقيتنا، وتركنا مهمة الصحافة الأساسية فى البحث عن الحقيقة وتنوير الناس، وتحولنا إلى شرطة ونيابة وقضاء نحاكم الناس ونغتال سمعتهم، واختصرنا جميع سلطات الدولة فينا نحن.. والأسوأ من ذلك أننا استخدمنا الحرية فى الطغيان على حقوق الآخرين.

شخصيا أتمنى عودة أحمد شوبير على الشاشة، لكن أتمنى أكثر أن نتعظ جميعا من هذا الدرس، فى ذات الوقت الذى يجب على القضاء الانتباه جيدا إلى أن استعادة حقوق الناس لا تكون بمصادرة الأقلام ومنع الصحف ووقف برامج التليفزيون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة