قالت" لكن قلبى يحدثنى أنه لم يبرأ من داخله.. ربما استسلم لأقداره.. وأنا منها لكنه استسلام اليائس.. هكذا كان وبدأت فى الحديث.. عندما سألت صديقتى التى لم ألتق بها منذ أيام الجامعة.. عن حالها وأحوالها.. بعد أن هنأتنى على ما تقرأ من أشعارى.. ومقالاتى.. وما شدنى هو بساطتها التى فاجأتنى بها.. لقد كانت فى حديثها.. تلقائية كعادتها.. وأسلوبها يدل على بساطة وتقليدية، ولكنه لم يخل من حب شديد للزوج بالطبع ورغبة أصيلة فى الاحتفاظ به وهناك فرق شاسع بين محاولة الاحتفاظ بالزوج ومحاولة الاحتفاظ "بحبه".
وخاصة عندما قالت لى تلك الصديقة عقب سؤالى عن ملامح الحزن على وجهها
فقالت: أشعر أنه غير مقبل على.. متذمر دوما.. صامت أو ساخر.. أنا بالنسبة له واجب أو فرض عليه تأديته.. يجهر بعدم رضاه وندمه مازحا والجد يملؤه، ومازاد الأمر تعقيدا أننى عرفت أن فى حياته أخرى.. جن جنونى ورحت أحاصره بالطلبات ومشاكل البيت والأولاد وافتعال المشاكل، ونجحت فى إبعاده بأن ملأت حياته بكل التعقيدات فهذا مريض ويحتاج تحاليل وهذا محتاج لدرس وعليك التواجد حال وجود المدرس وهكذا.
وأدركت أنه على رقة ملامحها بسيطة المظهر وليست البساطة عيبا بالعكس ولكنها بساطة من يهمل وليس من يتعمد البساطة كنمط حياتى، وأدركت أن ثقافتها العتيقة ستضيع منها زوجها فقد وعت على الدنيا وهى تعتقد أن مهمتها بعد الزواج هى الإنجاب فقط وإلهاء الرجل بالمطالب والقضاء أولا بأول على كل أمواله لإبعاد شبح الأخريات.. نسيت أن الأخريات يبتعدن إذا أحسنت هى الحفاظ على زوجها بطريقة تملأ بها قلبه وتشغله بها هى وليس بمشاكل البيت وأن هروبه للأخرى بسبب الروتين العقيم والروح الحلوة المفتقدة.. سألتها ولم لم تصارحيه بأنك عرفت الحقيقة ولم لم تسأليه عما يميزها عنك ولم لم تسعى لمعرفة الفارق بينكما.. كيف كان الصمت هو سلاحك الذى قتلت به نفسك.. نظرت إلى مندهشة وقالت لى: كيف أصارحه؟ صدمتنى الكلمة.. تتساءل كيف "تصارح" زوجها قلت لها ياسيدتى: إنه الشخص الوحيد فى هذه الدنيا الذى يحق لك أن تصارحيه بكل آلامك وآمالك ورغباتك مهما صغرت أو دقت.. إنه الشخص الوحيد الذى تستطيعين الاختباء خلفه.. إنه جزء منك.. أو لم يسقط بعد الحائط بينكما؟ بعد الأطفال والعشرة؟ وفهمت مأساتهما التى وللأسف تتخفى داخل معظم بيوت الشرقيين.. رغم الثقافة الإسلامية التى تدعو الزوجين للتصارح والمشاركة، وطلبت أن تنفذ ما سأطلبه منها بالتفصيل.. فعليها أولا أن تغير من نظرتها له فهى تحبه وعليها أن تعامله كعاشقة له وليست كمالكة وصاحبة حق.. وأن تسعى لحقها فى قلبه قبل حقوقها فى أى شىء آخر.
أن تخصص وقتا طويلا للحوار معه فيما يحبه والسؤال عن عمله فما من إنسان إلا ويعانى فى عمله ولديه منغصات.. وعليها أن تقترح لها حلولا وتشعره بانشغالها وتفكيرها المستمر به.
يجب أن يشعر بلمساتها فى كل تفاصيل حياته وبأن لها وجهة نظر فى كل ماحولهما.
عليها أن تهتم بمظهرها داخل المنزل فإذا كان حالها خارجه كما هو داخله فيالها من مأساة عليها أن تلاحظ ما يعجبه من ألوان ولا تدفن نفسها فى نمط واحد بل عليها أن تنوع وترتدى كل ماهو مبهج وجذاب وأن تنسى كل ثقافتها عن الاحتفاظ بالرجل عن طريق إغراقه فى دوامة الطلبات والمشاكل بل الأهم أن تأخذه معها إلى عالم خاص بهم.. أن تنسى أطفالها ولو ساعتين أو ساعة يوميا.. وتنتبه له.
أن تخرج به لأماكن هادئة كما يفعل الكثيرين وأن تشعره أنه حبيبها وأن تخبره أنها "تحبه" وأنه زوجها وحبيبها وصديقها الذى تتحلل من جميع الضغوط بوجوده بجانبها.
يجب أن يشعر أنها السكن واللين والدعة والرقة والبشاشة.. كانت تنظر لى كالملتاعة التى اكتشفت أنها حولت كل مفردات حياتهما الخاصة إلى روتين باهت لاروح فيه ووجبة مكررة ينقصها توابل التوائم مع الآخر والإقبال والتلطف والمرح.. كانت تنظر لى بخجل كأنى كشفت جرحا غائرا لم تعرف كيف تداريه وظل خجلها يزيده التهابا.. ولم تعرف أنى كشفته لأطهره وأداويه ثم ندارى عليه سويا حتى يبرأ.
لابد أن يقترن كلامها معه بمفردات رقيقة يحب الرجل أن يسمعها وهى مفردات معروفة بالفطرة.. وان تكف عن مناداته بـ "أبو فلان" فهو زوجها وحبيبها فلتدع الاخرين ينادونه بهذا الاسم.. طلبت منها أن تدعوه للخروج وحدهما وأن تحرص على أن ترتدى ما يروق ويليق.. وفى بيتها.. فلتتفنن فيما تحب ويحب.. وان تضع عطرا جديدا غاليا وأن تنظر له كحبيبة.. ثم زوجة.. .
طلبت منها ان يكون اهتمامها بمظهرها داخل البيت اقوى واجمل واكثر جاذبية وان تضع داخل دولاب ملابسها عطورا رقيقة والا تنسى أن الانوثة احساس داخلى ومظهر خارجى وعلينا الاهتمام بالاثنين بصدق..
طلبت منها ان تملأ حياته بهجة ومرحا ورومانسية دافئة بدلا من ان تملئها صراخا وضجرا وافتعالا للمشاكل..
كانت تستمع لى ووجهها يتضرج بحمرة الخجل.. وخمنت اننى وصفت حياتها وطريقتها كأننى معها بالمنزل وطالبتها أن تهجر هذه الأنماط الغريبة من الملابس فى بيتها وأن الطرحة والإيشارب وغطاء الرأس مهما كان شكله للخروج فقط وليسوا للبيت!!
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يوجه السيدة عائشة وكانت فى البداية صغيرة السن قليلة الخبرة.. فكان يقول لها "مالى أراك شعثاء سلتاء مرهاء".
فقد كان يريد أن تهتم بشعرها وتضع الدهن على وجهها وهو "كريم الوجه" والحناء ليديها وقدميها وأن تكتحل والكحل بالفعل أرق وأجمل مايمكن للمرأة أن تتزين به.
إذن على المرأة أن تتزين وتتطيب وتتهيأ لإدخال البهجة والسرور والسكن والمودة والحب على الرجل.. وأن لاتقع عينه منها على قبيح وأن تتعطر له فلا يجد منها إلا كل طيب.
وأهمس فى معرض حديثى لكل زوج.. رفقا بالقوارير.. فعلى الرجل توجيه زوجته لما يحبه ولما ينفره بكل صراحة والعكس صحيح.. ولا يجب أن يكتفى كل طرف بالامتعاض مما يكره دون أن يصارح شريك حياته خاصة الرجل الذى يبدو وكأنه "يتلكك" ويتركها تقع فى شر أعمالها ليكون له "العذر" مسبقا وهى حركة لئيمة يقوم بها الرجل كثيرا بأن يترك زوجته تخطئ دون توجيه ونسى أن حقها أن يوجهها وينبهها ويحذرها من مواطن القصور وكيفية إصلاحها وأن يصارحها بكل رغباته وامنياته صراحة...
انها الصراحة التى تنقص بيوتنا فنفاجأ بانهيارها ونحن نتسائل كيف انهارت هكذا فجأة.. وهو الذى لم يشكُ يوما.. وهى التى لم تتذمر يوما..!!
لذا فكل رجل وامرأة يجب ان يتصارحا فى كل شئ ما يحب وما يكره بكل صراحة ووضوح فى كل الأمور وأدقها.
ويجب ان يعرف كل طرف مايريده وما يطلبه فى شريكه بلا مواربة وبمنتهى الرقة والذوق .. ساعتها سيعرف كل طرف ماعليه وماله وسيكون التعامل به من الارتياح والسكن والألفة.. مايغنى الطرفين عن الوقوع فى مشاكل تزيد الجفاء بينهما وتصبح الحياة روتينا جافا فى كل شيىء وساعتها ينجرف الرجل لأى تجديد وتكون النتيجة هى ما قصته على تلك السيدة.
إنه آفة الشرقيين أنهم يعانون من "المسكوت عنه" ولا يفكرون أنه ربما لو تصارحوا لتلافوا كل مشاكلهم ولاستمتعوا بميزة اسمها "راحة البال".
دينا سعيد عاصم تكتب: المسكوت عنه.. بين زوجين شرقيين!!
الإثنين، 29 مارس 2010 01:06 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة