د. خالد سيد ناجى

المالك والمستأجر

الإثنين، 29 مارس 2010 07:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العلاقه بين المالك والمستأجر تمثل مشكلة كبرى لا يجب السكوت عليها، ويجب على الدولة التدخل فيها وعدم تركها للمواطنين لكى يقوموا بحلها وإذا أرادت الحكومة حلاًّ لهذه المشكلة فسيتحقق لها ما تريد بشرط إشراك فئات الشعب المختلفه فى إيجاد طرق حل عادله تزيل عن المالك ظلم ضعف العائد من العقار، والمحافظة على المستأجر الفقير الذى يجب أن يقوم المجتمع بواجب مساعدته وأرى أن المشكلة الأساسية هى إهمال الحكومات المتعاقبة لهذه المشكلة، خوفًا من غضب الجماهير واجتنابًا للمشكلات الجماهيرية ولعلى باقتراحى هذا أقدم أساسًا لنموذج مقترح لحل هذه المشكلة.

بداية أقول إن المحرك لسلوكنا فى المجتمع قوتان الأولى هى الدين ومراقبة الله عز وجل، والثانية هى واجب الالتزام بالقانون، إذا فلنر رأيهما فى حل هذه المشكلة.
كان القانون الكنسى يرى أن تغير ظروف العقد ووقوع ظلم على أحد أطرافه بحيث لا يتعادل ما يدفعه أحد الأطراف مع ما يأخذه هو إحدى صور الغبن فى العقود، والغبن صورة من صور الربا المنهى عنه فى الكتاب المقدس، لذا يجب تعديل أو فسخ هذا العقد بما يحقق التوازن العادل بين طرفيه.

أما فى الشريعة الإسلامية فيرى فقهاء المذهب الحنفى أن تغير قيمة العملة وحده وانخفاض قيمتها كفيل بتعديل العقود وهو نفسه ما فعلته الحكومة فى فترة الستينيات عندما أصدرت قوانين بتخفيض القيمة الإيجارية، فكان تدخلها لصالح المستأجر ثم فى عام 1996 بإصدارها القانون رقم 4 لسنة 96 بزيادة القيمة الإيجارية فكان تدخلها لصالح المالك وعقد الإيجار أحد العقود المتراخية والمستمرة فى التنفيذ فالمنفعة التى تعود على المستأجر يستفيد منها كل شهر والمقابل الذى يدفعه يدفعه كل شهر وعلى ذلك نسطيع أن نقول إننا أمام مجموعة من العقود ثم تجميعها فى عقد واحد فما تم منه انتهى أما ما لم يتم منه فيجوز فيه إعمال قواعد الشرع الحنيف الساعية لتحقيق العدالة بين طرفى العقد والتى يقول عنها ابن قيم الجوزية- رحمه الله- فى كتابه (إعلام الموقعين): (إن الله أرسل رسله، وأنزل كتبه، بالعدل الذى قامت به السماوات والأرض، وكل أمر أخرج من العدل إلى الجور، ومن المصلحة إلى عكسها، فليس من شرع الله فى شىء، وحيثما ظهرت دلائل العدل وأسفر وجهه فثم شرع الله وأمره) اهـ . والعقد بهذه الصورة يحتوى على عدة مخالفا ت شرعية تتعارض مع مبادئ وأهداف الشريعة الإسلامية ومنها:

1-انعدام الرضا من المالك وهو باتفاق العلماء أحد أركان العقد الذى يبطل العقد بغيابه.
2- تعارضه مع قواعد العدالة والله أمر بها (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقد أشرك سيدنا عمر بن الخطاب الإخوه الأشقاء مع الإخوه لأم فى نصيبهم عن الميراث تحقيقا للعدالة رغم مخالفة ذلك لما اجمعت عليه الأمة قبله، والأمثلة فى الفقه الإسلامى كثيرة جدا، بل إنه أحد مزايا الشريعة الإسلامية حيث تسمو الأهداف على الوسائل.
3- تعارضه مع قاعدة "الضرر يزال بقدره".
4- تعارضه مع قاعدة "لا ضرر ولا ضرار".
5-الغبن الواقع على أحد طرفى العقد وهو المالك وهو ما أجاز به الفقهاء تعديل أو فسخ العقد.

هذا وقد أقر الفقهاء فسخ العقود وإنقاصها وزيادتها بما أسموه الأعذار والجوائح وتغير ظروف العقد

2- من الناحية القانونية:

تنص المادة 147 من القانون المدنى على

(1) العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون.

(2) ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدى، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.

والفقره الأخيره من المادة يطلق عليها فقهاء القانون"نظريه الظروف الطارئة" ومعنى هذا جواز تعديل العقد بالفسخ أو التعديل إذا جدت ظروف طارئة كان من شأنها الإخلال بمصلحة أحد طرفى العقد والحجة فى ذلك أنه يفترض وجود شروط افتراضية غير مدرجة فى العقد ومنها بقاء الظروف الاقتصادية وقت التعاقد إلى حين تنفيذ العقد وأن تغير هذه الظروف يغير بالتبعية من بنود العقد وبذلك يكون هناك شروط أربعة لتطبيق هذه النظرية:

1-أن يكون العقد ملزما لجانبيه متراخ التنفيذ وهو الحادث فى عقود الإيجار لتكرار تنفيذ العقود والحصول على ثمرته من كلا الطرفين بصورة متجددة.

2-أن تحدث ظروف استثنائية طارئة وهى انخفاض قيمة الجنيه وقت تحصيل الأجرة عن قيمته وقت التعاقد.

3-أن تكون هذه الظروف لا يمكن توقعها ولا دفعها وهنا لا يملك المالك تعديل قيمة القوة الشرائية للجنيه ولا كان لأحد أن يتوقع هذا الانخفاض الكبير فى قيمة العملة.

4-إصابة المدين بإرهاق مادى شديد من جراء تنفيذ هذا العقد وهو الحادث فى عقود الإيجار حيث يحصل المالك على جنيهات قليلة لا تكفى متطلبات الحياة بينما يحصل المستأجر على منفعة عظيمة بأقل مقابل حتى وصل الأمر إلى أن يغلق البعض الأماكن المستأجرة ويرمى تلك الجنيهات إلى المالك من هنا يتضح أن تطبيق روح القانون ومبادئ الشريعة الإسلامية ومبادئ القانون الكنسى توجب التدخل فى العقود الإيجارية لإعادة التوازن بين المالك والمستأجر.

ولكن لأن أى قوانين لابد وأن لها ضحايا ومما لاشك فيه أن مشكلة المسكن والمأوى حق اجتماعى لكل مواطن، ولكن فى حدود إمكانيات واحتياجات كل فرد، لذا يجب الأخذ فى الاعتبار الإقلال قدر الإمكان من الأضرار الجسيمة التى قد تقع على بعض المستأجرين لذا أرى أن يتمثل الحل فى إصدار قانون يتم فيه تقسيم المستأجرين إلى أربعة فئات:

1- فئة يجب فسخ العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر فورا وفى خلال عام ومن أمثلة هؤلاء من يملكون عقارات أخرى وأصحاب الدخول العالية وأصحاب بعض المهن ممن تزيد دخولهم على حد معين.

2- فئة يتم فسخ العقد فيها بين المالك والمستأجر بعد مدة قصيرة من الزمن، ولتكن خمس سنوات من أمثلته العقود الإيجارية التى مر عليها أكثر من خمسين سنة ولهم دخول مالية ثابتة تسمح لهم باقتناء وحدة سكنية خلال تلك المدة.

3- فئة يتم فسخ العقد فيها بين المالك والمستأجر بعد مدة زمنية أطول نسبيا من الفئة السابقة ولتكن عشر سنوات من أمثال الموظفين وأصحاب الحرف وغيرهم.

4- فئة يتم فسح العقد فيها بين المالك والمستأجر بعد مدة زمنية طويلة، ولتكن عشرين عامًا وذلك لباقى الفئات هذا مع وضع الضوابط اللازمة لذلك.

تتبقى بعد ذلك فئة هامة وهم المرضى ومن هم بدون عائل أو العاجزون عن العمل والمسنون ممن لا يوجد عائل لهم وهؤلاء يجب عدم إغفالهم وأرى أن يتم حل مشكلتهم بإنشاء صندوق يديره مجموعة من المستأجرين يهدف إلى إيجاد أماكن لهؤلاء أو مساعدتهم فى الحصول على مسكن ودفع القيمة الإيجارية نيابة عنهم على أن تتكون موارد هذا الصندوق من مبلغ تقوم الحكومة بدفعه لتحقيق هذا الغرض وتحصيل مبلغ من مالك كل وحدة قام باسترداتها تطبيقًا لهذا القانون فى حالة صدوره وهو ما يحقق رصيدًا للصندوق كفيلا بحل مشكلة هؤلاء.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة