تابعت القنوات الرياضية عقب انتهاء مباراة كره قدم القدم بين فريقى الأهلى وإنبى ولأننى من عشاق مشاهده مباريات كره القدم لكنى لا أحرص على متابعة ما يسمى بالأستوديوهات التحليلية ولكن فى هذا اليوم أجبرت على المتابعة كنوع من أنواع التغيير وأعرف إلى أين وصلت المهنية فى أداء هذه البرامج.
ولأن تجربة القنوات الرياضية فى مصر جديدة ومثل أى جديد تغيب معايير مهنية كثيرة على القائمين على هذه القنوات مما يفقد أى تحليل المنطق والحياد المطلوب فيه وهى قاعدة تنطبق على أى تحليل سواء سياسى أو اقتصادى أو فنى ونستخرج من هذا التحليل دروساً يستفيد منها الناس ولكن وجدت أن هذه الأستوديوهات لا تقوم بهذا الدور وإنما تعتمد أسلوب الإثاره والتهييج رغم أن القائمين عليها إما رياضيين كبار أو صحفيين كبار أو موظفين فى اتحاد الكره نفسه أى لهم من الخبرة ما يجعلهم أكثر حياد ومنطقية وهو محل الاستغراب منى.
فالمحلل لا يجب أن يظهر انتمائه الرياضى مثلما المحلل السياسى لا يجب أن يظهر انتمائه السياسى أثناء عرض تحليله وكذلك عندما يتحدث الصحفى لا يجب أن يتحدث من موقع المتفرج العادى ولا يقوم بدور القاضى أو ضابط الشرطة فى إلقاء التهم أو إصدار أحكام نهائية لانقض فيها ولا إبرام ولا يأخذه الانفعال اللحظى والعاطفى ويغلب الانفعال على مشاعره ويتكلم تحت ضغط الاثنين الانحياز وانفعال المشاهد.
كل الأستوديوهات انتهت إلى أن حكم مباراة الأهلى وإنبى أو قل حامل الراية قد ظلم فريق إنبى وألغى هدفين وهو أمر يحدث فى أعتى الملاعب الرياضية وفى أرقى المستويات الدولية ولكن اتهام الحكم أو حامل الراية بالتعمد فى إلحاق الهزيمة بفريق إنبى هنا الأمر يحتاج إلى دليل وكان على من قال هذا الكلام أن يقدم الدليل لأن المصريين تعبوا من قضيه إلقاء الاتهامات جزافاً وبدون أى دليل على صدق هذا الكلام، لأنه لو كان هذا الكلام صحيح لتم تقديم الحكم وحامل الراية وقيادة النادى الأهلى إلى النيابة العامة بتهمة التلاعب فى نتائج المباريات، وهى تهمة دولية وفقا لقانون الاتحاد الدولى لكره القدم وعليها عقوبات جنائية وتأديبية، ومن حق الحكم وحامل الراية وإداره النادى الأهلى أن يقدموا بلاغاً ضد من قال هذا الكلام والقناة ومقدم البرنامج بتهمة التشهير بهما، خاصة وأن مقدم البرنامج ترك الضيف يتحدث بل حاول أن يستدرجه إلى توجيه الاتهام صراحة، وقد نجح فى استدراجه واضطر رئيس لجنة الحكام الكابتن محمد حسام الدين إلى إجراء مكالمة فى محاولة فاشلة للدفاع عن نفسه، وعن حكامه ولكن بدلا من الدفاع المنطقى وتحليل الوضع انفعل وحول الحوار إلى معركة شخصيه معه، وانتقد زملائه السابقين الذين تولوا نفس المنصب فى السنوات الماضية، وانتهى إلى أن حال التحكيم الرياضى فى مجال كرة القدم ليست مسئوليته ولكنها مسئولية السابقين عليه أيضا، وحاول الضيوف الأجلاء وهم زملاء أفاضل احتواء الحديث الذى تحول إلى مشادة كلامية بين الكابتن حسام والزميل الصحفى، ولكنهم فشلوا مما اضطرنى إلى إغلاق التلفزيون والنوم.
هذه الواقعة ووقائع سابقة تابعتها أكدت لى أن تجربة القنوات الرياضية تجربة رغم حداثتها تفتقد إلى معايير المهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة الإعلامية وهذا يرجع إلى أن القنوات مملوكة لرجال أعمال هدفهم الأساسى ليس تقديم خدمة جيدة ومنافسة قنوات عربية ودولية فى مجال الرياضة ولكن تحقيق الربح المادى فقط لاغير، وبأى صورة حتى باستخدام الإثارة وافتعال معارك مع أطراف اللعبة وكأننا لم نتعلم من درس الجزائر وما فعله الإعلام الفضائى فى البلدين من أزمة ما زالت باقية حتى اليوم.
الخدمة المهنية الجيدة تكلف أصحاب القنوات أموالا فى تأهيل وتدريب القائمين على العمل وإرسالهم إلى بعثات للاحتكاك بالتجارب الأقدم والأكثر مهنية فى التعليق والتقديم والتحليل والإخراج والإعداد وتكوين فريق قادر على البدء من حيث انتهى الآخرون فى هذا المجال وهذا لم يحدث لأنه لو حدث كان ظهر المردود على الشاشة وأحس به المشاهد.
والشئ المهم الذى غاب عن المحلليين الرياضيين الإجابة عن سؤال مهم هل الحكام مصريون أم أجانب؟ الأكيد أنهم مصريون وعليهم أن يسألوا هل الحكام فقط الذين لهم أخطاء مؤثرة وظالمة، أم الكل فى مصر يرتكب مثل هذه الأخطاء من أعلى مؤسسة حتى أصغر مؤسسة وهل المسئولون عن الرياضة فى مصر بوجه عام وعن كرة القدم بوجه خاص ملائكة لا يخطئون ولا يظلمون؟
فالحكام أبناء البيئة المحيطة بهم ويعبرون عنها ويكشفونها فى العلن لأن أخطائهم تكون تحت مظله الكاميرات وعيون ملايين المشاهدين، ولكن هناك من يخطئ ويظلم ولكنه بعيد عن العيون وبعيد عن المحاسبة فاللوم لا يوجه إلى حكام الكرة ولكن إلى كل حاكم فى هذه البلد لأنهم مسئولون عن انتشار الظلم فى كل شبر على أرض مصر.
* نائب رئيس تحرير جريده الوفد