محمد العيادى يكتب: كم احتجت إليك اليوم

السبت، 27 مارس 2010 03:20 م
محمد العيادى يكتب: كم احتجت إليك اليوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كم احتجت إليك اليوم يا أمى وأنا حائر تائه فى دنيا قعيدة لا تملك إلا بؤسًا ولا تعطى إلا همًّا ونكدًا، فإذا واست دهست، وإذا حضنت شاكت ونزف القلب من سهامها المسمومة وسهام أهلها وهى تغوص فى أعماقه دون رحمة ولا شفقة، لا أحد فيها يعرف معنى الحب، فالكل يهرول لنفسه لا يرحم من أمامه ولا يسمع أنين من يتعذب بأفعاله، ولا يرى أحدًا فى الدنيا إلا نفسه، فالأنا غالبة على أمره والحقد والحسد شيمته، فالمخلص منهم لا يعرفه إلا لنفسه.. فيا أمى أين أنت منى اليوم؟ فأنا محتاج يديك تلتف حول جسدى النحيل، ماسحة بكفيك رأسى راسمة قبلة على جبينى، وابتسامة منك ونظرة من عيون محتاج تروينى حنانا وحبا تقوى بها نفسى للتغلب على متاعب الدنيا وآلامها وحقد أهلها الدفين، أماه يا من كنت تعذريننى إن أخطأت وتسامحيننى إذا تجاوزت وتغفرين لى قبل أن أتوب وتقبلين عذرى قبل الاعتذار ما أعظمك يا أمى ما أعظم حبك الذى أفتقده الآن.
محتاج إليك اليوم لأشكو همى وأبكى كثيرا كى أرتاح وبعدها تمسحين دمعى بيدك الطاهرة وتضميننى فى حضنك الدفىء كى أنسى كل الهموم والمتاعب والآلام الشديدة، فالحمل ثقيل والطريق طويل، والله أحتاجك معى فيه كى أتخطى سدوده الطامية ودربه الوحل، والله يا أمى لو كان بيدى واختيارى لاخترت وجودك للأبد معى كى تنيرى لى طريقى بحبك وتنزل علىّ السكينة وتتفتح لى الأبواب وتذلل لى المصاعب بدعائك.
ولكن إرادة المولى عز وجل حالت بينى وبين إرادتى فعزائى أنك بجواره برغم احتياجى لك.
كنت أشعر بحلاوة الحياة وجمالها وهى تتراقص فى عيونى زهورها، تفوح فى أرجاء قلبى رحيقها، إذا بعدت عنها يأتينى خيالها، ويتسلل إلى أُذنى صوتها، ويسرى فى عروقى حُبها، ويشدو فى ذكرياتى حنانها فهى لا ترتاح إذا سافرت ولا تشبع إذا ما شبعت وينتابها البرد عندما يبرد جسدى.. فهى تحس بآلامى دون أن اشتكى إليها وتفرح قبل أن أزف إليها فرحى. لا يهدأ لها بال وأنا بعيد عنها فلا راحة فى نومة ولا طعم فى أكلة ولا تذوق فى شربة ولا طمأنينة فى أى شىء إلا بعودتى
أُماه.. إننى أتعذب كلما تذكرت أنى فقدتك وفقدت كل أحاسيسى معك.. كل ما أحسه هو حبك ولا يوجد بذاكرتى سوى صورة سنك الذهبية التى تتلألأ عند ابتسامتك برؤياى.
اللهم ارزق عبدك الصبر على فقد أغلى ما فى حياته فهو بشر ولا يتحمل إلا بمنك عليه فهو منك يطلب، وهون عليه الدنيا ومتاعبها، وامح كل مساوئ أهلها واكفه كل الشرور، واجمعه يا الله بها بالفردوس الأعلى وتجاوز عن أى إساءة منه إليها فهو يتحمل كل شىء إلا غضبك لها لا يتحمله، وبارك لكل من له أم على قيد الحياة وارزقهم يا الله رضاها ومحبتها، واهمس فى أذنيه عش تحت أقدامها واطلب الرضا ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما، واصبر وجاهد فيها كى لا تندم يوم لا ينفع الندم .. يوم تجد نفسك فى الدنيا بدون أُم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة