إذا أصيب وزير أو مسئول حكومى بالأنفلونزا أو الزغطة، يسارع بالسفر للعلاج فى الخارج، وعليه نرى أن كل المسئولين فى الحكومة يسافرون للعلاج فى الخارج، مهما كانت بساطة ما يصابون به، بل الأكثر إثارة، أن وزير الصحة كما كشفت الأوراق، يسافر إلى الخارج لإجراء فحوصات روتينية، بالرغم من أنه يرأس واحدة من أكبر مراكز العلاج وأحدثها فى الشرق الأوسط. ليس هو فقط، بل إنه يسافر هو وعائلته.
ونحن هنا لا نتطرق لفكرة علاج المسئولين على نفقة الدولة، مع مافى ذلك من علامات استفهام، لكن تصور أن كل المسئولين إذا أصاب الواحد منهم أنفلونزا، يسارع بالسفر للخارج.. إلى أمريكا أو فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا.
وعلى رأس هؤلاء وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى، الذى سافر لإجراء فحوصات على نفقة الدولة بالمخالفة للقانون. لكن الخطر هنا أن الدكتور حاتم الجبلى هو وزير الصحة، وأمامه مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية، فضلا عن أنه يرأس واحدة من أكبر المؤسسات الطبية فى الشرق الاوسط «دار الفؤاد»، التى تضم طاقما طبيا وتمريضياعلى أعلى مستوى، ومعنى أن وزير الصحة يترك دار الفؤاد ليجرى فحوصات فى الخارج، أنه يقول لكل هؤلاء الناس بمن فيهم القادرون، أنه لايثق فى مستشفى دار الفؤاد. وأن هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم للعلاج فى مراكز استثمارية، يغامرون بحياتهم ويعرضون أنفسهم للتهلكة.
سفر الجبلى دليل على فشل منظومة العلاج فى مصر. وهو أمر يشكك فى نجاح أى نوع من العلاج، ناهيك عن أن الأغلبية من المصريين، يفترض أنهم يعالجون فى مستشفيات عامة ومركزية تابعة لوزارة الصحة، لا يمكن لأفخمها أن يرقى إلى أقل المستشفيات الخاصة والاستثمارية. أصحاب المستشفيات يسافرون للعلاج، فماذا يفعل المواطن العادى غير القادر أصلا على العلاج فى المستشفيات الخاصة والاستثمارية، ويضطر لتلقى العلاج فى المستشفيات العامة؟.
الأمر تجاوز العلاج والطب إلى كل شىء، المسئولون لا يشربون ماء الحنفية، ولا يأكلون منتجات مصرية خوفا من التلوث. ولا يلبسون ملابس مصرية، ولا يستخدمون أدوات ومنتجات مصرية، ولا يمكن لأحد أن يصدقهم وهم يتحدثون عن «صنع فى مصر»، بينما هم يحتقرون كل ما يصنع فى مصر، ويتعالون على المواطن الذى يشترى بضائعهم ومنتجاتهم. مثل صاحب مطعم يأكل فى مطاعم أخرى، معترفا بأن مطعمه فاشل. ولا يمكن للمستهلك أن يثق فى صناعة مصرية، يكتشف أن صاحبها يستخدم منتجا آخر.
لا نريد المزايدة، لكننا لم نسمع عن وزير إسرائيلى يعالج خارج إسرائيل، وحتى أريل شارون رئيس الوزراء الأسبق، عندما دخل فى غيبوبة ميؤوس منها، لم يفكروا فى نقله للعلاج فى الخارج، ثقة من الإسرائيليين فى مستشفياتهم، يسافر إليهم مسئولون مصريون وعرب للعلاج هناك. بينما وزير الصحة والوزراء عندنا ينسفون شعار «صنع فى مصر».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة