◄◄ بلاغ للنائب العام ضد وزير الإسكان الأسبق بتهمة إهدار المال العام بسبب أراض خصصها لأحد أصدقائه.. والمغربى سحبها بعد 10 سنوات.. وبطل رشوة الإسكان الكبرى خطط للاستيلاء عليها فى 2009.. والعاملون بالبنك المركزى يطالبون بحقهم فيها
تقدم الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب ببلاغ جديد إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، ضد الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق بتهمة إهدار المال العام، والتربح من خلال وظيفته عن طريق تخصيص أراض بمناطق متميزة لأصدقائه من رجال الأعمال، بالمخالفة للقواعد والاشتراطات المعمول بها بوزارة الإسكان.
كشف زهران فى البلاغ قصة 557 فدانا بمنطقة متميزة بطريق الفيوم/الواحات البحرية بجوار الحديقة الدولية، أصدر الدكتور محمد إبراهيم سليمان قرارا بتخصيصها أثناء توليه الوزارة فى عام 1998 لأحد أصدقائه من رجال الأعمال، ويدعى أحمد جمال الدين رئيس الشركة الذهبية للتنمية والتعمير، وصاحب سلسلة محلات كنوز للأنتيكات، بغرض إنشاء مشروع سكنى.
ورغم عدم التزام الشركة ببنود العقد، وعدم اتخاذ أى خطوة جدية نحو تنفيذ المشروع، لم يستطع سليمان إلغاء قرار التخصيص وسحب الأرض، حتى جاء المهندس أحمد المغربى وسحب الأرض، بعدما تبين وجود مخطط لتسقيعها وبيعها والاستفادة من فارق السعر الكبير.
قال زهران فى بلاغه، إن عقد البيع الابتدائى المبرم بين وزارة الإسكان والشركة الذهبية، تضمن العديد من التسهيلات لرجل الأعمال والمخالفات من قبل وزير الإسكان السابق، حيث خصص سليمان 547.3 فدان بما يعادل 2 مليون و299 ألف متر فى يوم واحد بتاريخ 21 أبريل 1998 للشركة الذهبية للمقاولات والتجارة والتنمية الزراعية بمنطقة متميزة بطريق الفيوم، بجوار الحديقة الدولية، بسعر يتراوح بين 10 و 50 جنيها للمتر، وهو سعر منخفض مقارنة بالأراضى المجاورة التى تم تخصيصها فى نفس الفترة الزمنية، مضيفا أن العقد الابتدائى المبرم بين وزارة الإسكان وأحمد جمال الدين، يتضمن تيسيرات واسعة للدفع، مع تحديد مواعيد على فترات متباعدة، بحيث يقوم أحمد جمال الدين بدفع 5 % عند تقديم طلب استغلال المساحة المذكورة، و10 % بعد سنة من تاريخ تقديم الطلب، و10 % بعد سنتين من تاريخ تقديم الطلب، و75 % تسدد على خمس سنوات بأقساط سنوية، تبدأ بعد سنتين من تاريخ تقديم طلب الاستغلال.
يؤكد زهران فى بلاغه أن بنود التعاقد شابها العديد من المخالفات، فطبقا للبند الثانى عشر يجوز لأحمد جمال الدين سحب مبالغ مالية من الحساب البنكى الجارى الخاص بتنفيذ المشروع، تصل إلى قيمة 50 % من رصيد الإيداعات، فضلا عن أن البند الرابع عشر يتيح له بيع 25 % من صافى المساحة المخصصة للاستخدامات فى كل مرحلة من مراحل المشروع كأرض فضاء، وبالتالى يحصد جمال الدين ملايين طائلة من وراء الاستفادة من الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع.
يضيف زهران أنه وسط كل هذه التسهيلات والمميزات التى حظى بها جمال الدين، وأقرتها وزارة الإسكان فى العقد الابتدائى فإن البند الواحد والعشرين يلزم وزارة الإسكان بتوصيل جميع المرافق الرئيسية من مياه وصرف صحى وشرب وطرق وتليفونات وكهرباء «جهد متوسط» إلى أماكن على حدود الأرض، بامتداد مليون و617 ألف متر.
ويؤكد زهران أن علاقة الصداقة القوية بين الدكتور إبراهيم سليمان وأحمد جمال الدين أنقذته من سحب الأرض فى عام 2003، عندما شكلت هيئة تنمية المجتمعات العمرانية اللجنة رقم 180 فى 20 يوليو 2003 لفحص الأرض، والتى انتهت إلى أن جمال الدين لم ينفذ أى مرحلة من مراحل المشروع بعد مرور 5 سنوات على قرار التخصيص، وهو الأمر الذى يقضى بفسخ التعاقد نهائيا، وسحب الأرض، غير أن سليمان تدخل وأبقى على 46 فدانا بالأسعار القديمة «50 جنيها للمتر» مع تعديل أسعار 510 أفدنة بحيث يكون 169 جنيها للمتر، ويضيف زهران فى بلاغه أن الأرض استمرت 5 سنوات أخرى تحت يد جمال الدين، دون تنفيذ أى خطوات جدية فى المشروع المستهدف، وهو الأمر الذى دفع المهندس أحمد المغربى لاتخاذ قرار فورى بإلغاء التخصيص وسحب الأرض، بعد اجتماعه مع قيادات الوزارة فى 10 مارس 2008.
وحسبما يقول زهران فى البلاغ، فإن الإبقاء على 557 فدانا بمكان متميز تحت يد رجل أعمال، ويحصل على كل تلك المزايا والفرص والتسهيلات طيلة 10 سنوات دون إنجاز خطوة حقيقية فى تنفيذ مشروع سكنى تحت زعم أنه صديق شخصى لإبراهيم سليمان، ليس إلا إهدارا متعمدا للمال العام ولثروات البلد.
ويضيف زهران أن جمال الدين تاجر بتلك الأرض وحصل من ورائها على أموال طائلة، حيث حصل على قرضين بقيمة 60 مليون جنيه بضمان الأرض، أحدهما بقيمة 28 مليون جنيه من البنك العقارى، والآخر بقيمة 32 مليون جنيه من بنك قناة السويس، فضلا عن أنه استغل تلك الأرض فى الترويج لاسمه بالخارج، وحصل على 259 مليون جنيه من الأمير السعودى عبد الحميد بن طايل، ابن عم حرم الملك الراحل فهد بن عبد العزيز تحت زعم شراء أسهم بنسبة 51 % من الشركة الذهبية، غير أن الأمير السعودى اكتشف كذب حقيقة الأسهم، وعدم تسجيلها بأى جهة حكومية، وقدم بلاغا لجهاز المدعى الاشتراكى ضد أحمد جمال الدين تحت رقم 4161 لسنة 2007، وإضافة إلى ذلك فإن جمال الدين تلاعب فى أعمال ميزانية البنية التحتية للأرض بعد سحبها منه، حيث ادعى أن البنية التحتية تكلفت 99 مليون جنيه، رغم أن لجنة من جهاز مدينة السادس من أكتوبر قدرتها بملغ 8 ملايين فقط.
أوضح زهران أن هذه الصفقة كشفت عما يحدث فى كواليس ديوان عام وزارة الإسكان، والمصالح والعلاقات الشخصية التى تؤثر بشكل رئيسى على مصلحة إدارة ملف الأراضى، ولهذا فإن هذا البلاغ يستحق أن يضم إلى ملف تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا فى القضية رقم 408 لسنة 2009 حصر تحقيق أموال عامة عليا، والتى نسبت تحريات هيئة الرقابة الإدارية فيها إلى سليمان تهمة التربح من وظيفته، وتخصيص أراض بالمخالفة للقانون لعدد من رجال الأعمال، على رأسهم وجدى كرارة رئيس شركة مكسيم للمقاولات، وحسن درة، رئيس مجموعة درة للاستثمار العقارى، وعماد الحاذق، صاحب منتجعات ليك فيو بالتجمع الخامس، ويحيى الكومى رئيس نادى الإسماعيلى الأسبق.
مفاجأة ثانية فجرها زهران فى نهاية بلاغه للنائب العام، وهى أن الأرض التى خصصها إبراهيم سليمان لأحمد جمال الدين فى عام 1998 هى مخصصة بالفعل لجمعية إسكان العاملين بالبنك المركزى، وحسبما جاء بالأوراق المرفقة ببلاغ النائب العام أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية قد أعلنت بجريدة الأهرام بتاريخ 16 مايو 1977 عن طرح مساحات للمشروعات الإسكانية وتخصيصها بالقرعة العلنية للجمعيات الفئوية للإسكان، وفازت جمعية إسكان العاملين بالبنك المركزى بالموقع الثالث بطريق الفيوم، واشترت مساحة 100 ألف متر مربع من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية على طريق الفيوم فى نفس موقع أرض الشركة الذهبية، وتسلمت الجمعية الأرض بتاريخ 13 يوليو 1981، وقامت بتقسيمها إلى 220 قطعة وظلت تلك الأرض مستقرة فى حيازة الجمعية طيلة 15 عاما، دون أى منازعة من أى جهة حكومية، حتى فوجئوا بقيام شركة كنوز بوضع لافتات على الأرض، وهو الأمر الذى دعاهم لرفع دعاوى قضائية ضد الشركة الذهبية للمقاولات والتجارة والتنمية الزراعية، ورئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تحت رقم 6136 لسنة 99 المحكمة الكلية بالجيزة، ومازالت تنظر بالمحاكم.
المفاجأة الثالثة هى أن الأرض التى تطالب جمعية إسكان العاملين بالبنك المركزى بحقها فيها منذ 30 عاما، والتى ظلت تحت يد رجل الأعمال أحمد جمال الدين 10 أعوام إلى أن سحبها المغربى، هى نفسها الأرض التى كان يخطط الدكتور أشرف كمال مساعد نائب رئيس هيئة تنمية المجتمعات العمرانية، وبطل قضية الرشوة الكبرى، للاستيلاء عليها وتوزيعها مقابل عمولة 10 جنيهات على المتر فى عام 2009، غير أن الرقابة الإدارية ألقت القبض عليه قبل أن يفعل ذلك وهو يقضى الآن عقوبة 5 سنوات بسجن طره.