أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات

مصر غير مؤهلة للثورة الشعبية

الأربعاء، 24 مارس 2010 12:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى المشهد الختامى الذى جمع قيادات ائتلاف الأحزاب الأربعة (الوفد والتجمع والناصرى والجبهة) فى نهاية أعمال مؤتمرهم الذى استمر يومين، وطالب بحزمة مطالب للإصلاح السياسى، كان السؤال الذى يجدد نفسه: هل بوسع هذا الائتلاف أن يفرض مطالبه على الحزب الوطنى الحاكم؟ وهل بوسع الحزب الوطنى أن يستجيب لهذه المطالب؟ وهل من المحتمل أن تحدث لحظة انفراج نادرة فى العلاقة بين الطرفين، تؤدى إلى بعث النشاط السياسى فى الأحزاب الشرعية المقدر لها أن تقوم بدور حقيقى فى الحياة السياسية؟
مشهد ائتلاف الأحزاب جاء فى لحظة لا يمكن قراءتها بمعزل عن الحالة التى أحدثتها عودة الدكتور محمد البرادعى، والتى أدت إلى تكوين «الجبهة الوطنية للتغيير»، ولا يمكن قراءتها خارج الشعارات التى تطرحها كل جماعة احتجاجية تدعو إلى التغيير، وتعمل خارج الصف الحزبى، ومن هذه الشعارات «الثورة الشعبية»، والمقصود بها ثورة غضب شاملة تقوم على أكتاف مئات الآلاف من الجماهير الحاشدة التى تتظاهر وتعتصم لإسقاط النظام.

وإذا كان شعار «الثورة الشعبية» هو من الأدبيات الأصيلة للفكر اليسارى تحمله رؤى فكرية فى السياسة والاقتصاد وعموم الحياة الاجتماعية، فإنه أصبح من أدبيات معظم الحركات الاحتجاجية التى عرفتها مصر منذ عام 2005، بمولد حركة كفاية ثم حركات احتجاجية أخرى مثل الجبهة الوطنية للتغيير بقيادة الدكتور عزيز صدقى رائد الصناعة المصرية ووزيرها فى عهد جمال عبدالناصر ورئيس الوزراء فى عهد السادات، والذى أعدت وزارته مصر لحرب أكتوبر عام 1973.

وتميزت هذه الحركات وقت مولدها بضم حشد من الشخصيات التى لا تعمل فى الصف الحزبى، ففى حركة كفاية وجدنا أسماء بوزن المفكرين الراحلين عبدالوهاب المسيرى، ومحمد السيد سعيد، والدكتور محمد أبوالغار، والدكتور عبدالحليم قنديل، وجورج إسحق، وأبوالعلا ماضى، وأحمد بهاء الدين شعبان، والدكتور هانى عنان، وبهاء طاهر، وحمدين صباحى وأمين إسكندر وجمال فهمى ومحمد عبدالقدوس والدكتور عبدالجليل مصطفى وغيرهم، وفى «الجبهة الوطنية للتغيير»، كانت هناك أسماء مثل الدكتور عزيز صدقى والدكتور يحيى الجمل والنائب مصطفى بكرى ومحمد مهدى عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين السابق والمهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق، والكاتب والباحث ضياء رشوان وغيرهم.

ومن الخطاب التحريضى الذى تميزت به حركة كفاية، إلى الخطاب الإصلاحى الذى ميز «الجبهة الوطنية للتغيير»، كان هناك خفوت حزبى لدى أحزاب المعارضة الرئيسية، بالدرجة التى غلبت فيها لغة التحليلات التى تقول إن المستقبل للحركات الاحتجاجية التى تعمل خارج الصف الحزبى بعد أن يئس الكل من الأحزاب، لكن بقى أن ما يعيب ذلك هو أن مطالب تلك الحركات ربما تكون أكثر من قدراتها، وأن العمل على التجييش العام للضغط على النظام فى مطالب سياسية عامة لم يعد ناجحا، لأسباب أمنية واجتماعية أدت إلى انسحاب عام من العمل العام وفى القلب منه العمل السياسى، فى المقابل كان هناك درجة وعى من كتل اجتماعية فى مسألة تنظيم صفوفها من أجل تحقيق مطالبها الفئوية، وقامت هذه الكتل بتنظيم الاعتصامات وغيرها من الاحتجاجات السلمية، وتحقق لها ما أرادت عبر مفاوضات مع الدولة، وتمثلت بلاغة الدرس من كل أصحاب هذه الاحتجاجات فى أنهم حددوا مطالبهم فى جوانب فئوية تعود عليهم بالمكاسب فى الأجور والمكاسب المادية الأخرى، كما حدث فى اعتصامات العاملين فى الضرائب العقارية، والمدرسين من أجل إقرار الكادر، ومدرسى الأزهر، وأساتذة الجامعة، وغيرهم. أعطت هذه التحركات ملمحا هاما بأنه لم يعد الحديث عن الثورة الشاملة مضيئا كما كان فى الماضى، وإنما الصحيح هو صيغة الاحتجاج السلمى الذى تصاحبه مفاوضات من أجل انتزاع هذه الحقوق، كما أنها أعطت معنى آخر أطرحه ويحتاج إلى نقاش، وهو أن هذه الحركات تختفى بعد وقت، إما بالموت الكامل أو بهشاشة التأثير، لأنها إما أن تكون أقرب إلى العمل الموسمى بمعنى أن لها أجندة مطلبية محددة فى زمن محدد، ومع تحقيق هذه المطالب لا يكون لها تواجد مؤثر، أو أن ظهورها كان رد فعل سريعا لشىء ما، ومع اختفاء هذا الشىء لم يعد لبقائها قيمة، والمأساة أن الاختفاء يتم دون أن يكون هناك مصارحة لأسبابه، بمعنى أن يقدم القائمون على هذه الحركات على الإعلان عن أن هدفها قد تحقق، وبالتالى لم يعد وجودها مبررا، وعلى سبيل المثال لا يعرف أحد ما هو مصير الجبهة الوطنية للتغيير التى قادها الدكتور عزيز صدقى والتى لم يعد يسمع أحد عنها شيئا منذ وفاة الرجل.

ما علاقة كل ذلك بائتلاف الأحزاب و«الجمعية الوطنية» للتغيير بقيادة الدكتور محمد البرادعى؟
العلاقة واضحة فى ضوء معطيات المرحلة الماضية، فإذا كانت أحزاب المعارضة الرئيسية قد شهدت أكبر مراحل ضعفها فى وقت ظهور حركة كفاية والحركات الاحتجاجية الأخرى، فإن هذه الأحزاب تبدو الآن متيقظة لدورها، ولا تريد أن يتم سحب البساط من تحت قدميها، ولا تريد أن تسلم بما يقوله الآخرون بأنها كالجسد الميت، ولا تريد أن يدهسها الجميع تحت أقدامهم بدءا من الحزب الوطنى الحاكم وانتهاء بكل المعارضين للحكومة ومجمل النظام الحاكم، لكنهم يرون فى نفس الوقت أن هذه الأحزاب المعارضة ليست هى الصيغة البديلة الصحيحة.

بهذه الخلفية عقدت الأحزاب الأربعة ائتلافها، ورغم كل الانتقادات لهذه الأحزاب، فإنه من باب الموضوعية والمنطق نقول إن هذا الائتلاف خطوة جيدة ويقظة حزبية تحسب فى باب الإيجابيات وليس السلبيات لحركة أحزاب المعارضة، والدليل أنه طرح مطالب فى الإصلاح السياسى أهمها، تعديل الدستور فى مواده «76 و77 و88»، وهى المواد التى تنظم العملية الانتخابية للبرلمان والرئاسة، وتعديلها طبقا للمعارضة، سيضمن تنظيمها تنظيما صحيحا يحقق الشفافية فى الممارسة الديمقراطية بين الأحزاب، وقد يقول قائل إنه لا جديد تقدمه هذه الأحزاب لأنها تنادى بهذه المطالب من قبل، وأنها تفعل ذلك من أجل محاصرة تحركات «الجمعية الوطنية للتغيير» بقيادة البرادعى، والرد على ذلك يأتى من الدكتور محمد أبوالغار أحد قيادات هذه الجمعية والذى تساءل وأجاب فى نفس الوقت: «ما هو وجه الخلاف بين الأحزاب والدكتور البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير وبين الشارع المصرى؟ لا أرى شيئا فى الحقيقة».

ولأنه وكما قال أبوالغار لا يوجد خلاف بين الطرفين.. أطرح سؤالا: لماذا لا ينضم الدكتور البرادعى إلى حزب معارض، ومعه كل أعضاء الجمعية مادامت المطالب واحدة؟ أليس هذا خيارا أفضل يؤدى إلى اختصار الطريق فى التغيير؟

أطرح السؤال ومعه ما ذكره سامح عاشور نائب رئيس الحزب الناصرى: «لا خلاف مع أحد، خصوصا الجمعية الوطنية للتغيير، لكن لا نقبل أن يفرض علينا أحد قراراته، فنحن مؤسسات حزبية لا نستطيع أن نصدر قرارات فردية فى اجتماعات فردية حتى نساير منطق الجمعية الوطنية، لدينا مطالب بالتغيير ومن يستطع أن يصل إلى تحقيقها سنسانده».

لمعلوماتك..
4 عدد من تولوا منصب منسق كفاية حتى الآن








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة