أشادت الصحف العالمية الصادرة اليوم الاثنين بنجاح الرئيس الأمريكى فى تحقيق نصر تاريخى فى مجال الرعاية الصحية، الذى كان يعتبر أكبر اختبار داخلى للرئيس الأسود، بل ورآه البعض قنبلة موقوتة على وشك الانفجار والإطاحة بأوباما الذى فقد الكثير من شعبيته بسبب نظام الرعاية الصحية.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن مجلس النواب الأمريكى صوت فى جلسة تاريخية، على واحد من أهم التشريعات التى أصدرها الكونجرس الأمريكى على مدى نحو نصف قرن ليتم إقرار قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية بأغلبية 219 صوتا مقابل اعتراض 212، وجاءت كل الأصوات المؤيدة من الديمقراطيين بينما عارضه كل الجمهوريين الحاضرين إلى جانب 34 نائبا ديمقراطيا.
وأشارت إلى أن هذا الإقرار الذى صدر مساء أمس الأحد سيمتد ليشمل أكثر من 32 مليون شخص، كما سيحاول أن يحتوى التكاليف المتصاعدة، وينتظر التشريع الآن تصديق الرئيس أوباما، الذى علق قائلا إن هذا التصويت "أثبت أننا لا نزال قادرين على فعل الأشياء العظيمة، فقد أثبتنا أن هذه الحكومة حكومة الشعب ومن الشعب، ولا تزال تعمل من أجل الشعب".
وذكرت واشنطن بوست كيف اجتاحت الفرحة العارمة رئيسة مجلس النواب الأمريكى، نانسى بيلوسى التى شرعت بمجرد إصدار الإقرار فى التهليل، بينما خيمت مشاعر اليأس والإحباط على الجمهوريون الذين حاربوا الجهود الديمقراطية لإصلاح نظام الرعاية الصحية لأكثر من عام.
ونقلت واشنطن بوست عن بيلوسى، أول امرأة تتولى هذا المنصب، قولها قبل التصديق على نظام الرعاية الصحية، "اليوم لدينا الفرصة إتمام المهمة العظيمة غير المكتملة لمجتمعنا والمتمثلة فى تمرير نظام إصلاح التأمين الصحى لجميع الأمريكيين كحق مكتسب، وليس كميزة".
وذكرت الصحيفة أن الجلسات المتتالية شهدت على مدار يوم أمس الأحد مداولات مضنية استغرقت نحو عشر ساعات كان جل أمل الديمقراطيين من ورائها تأمين 216 صوتا فقط مطلوبة لإقرار المشروع، وبهذا يتم رفع المشروع فى شكله الحالى الذى أقره مجلس الشيوخ من قبل إلى الرئيس باراك أوباما ليوقعه ويصبح قانونا نافذا.
وأقر المجلس فى تصويت آخر التعديلات التى أدخلها على مشروع مجلس الشيوخ ليتم إرسالها إلى الشيخ الأسبوع القادم لإقرارها فى ملحق منفصل سيتم التصويت عليه بمقتضى إجراءات خاصة تحول دون استخدام الجمهوريين لحيلة التعطيل بحيث يتم إقرارها بالأغلبية البسيطة (51 صوتا)، وسيتم ضم هذه التعديلات إلى القانون الذى تم إقراراه اليوم لتكون بمثابة تحسين لبنوده.
وانقسم الديمقراطيون حول هذا المشروع بسبب بنود وردت فيه ومنها تمويل عمليات الإجهاض، لكن ينتظر أن يصدر الرئيس أوباما أمرا يؤكد فيه حظر استخدام الأموال الفيدرالية فى الإجهاض، ويلغى هذا القرار تحمل الحكومة لتكاليف هذا البند إلا فى حالات الإجهاض الناجم عن الاغتصاب أو السفاح أو وجود خطر على الأم.
ويتكلف المشروع 940 مليار دولار ويوفر مظلة التأمين لنحو 35 مليون أمريكى على مدى عقد من الزمن، وسيتلقى من لا يستطيعون الحصول على التأمين الصحى إعفاءات ضريبية من خلال أعمالهم للانضمام تحت مظلة التأمين الصحى.
ويفرض المشروع على كل أمريكى أن يشترك فى التأمين الصحى وإلا فسيتم تغريمه 695 دولار سنويا، كما يلزم أصحاب الأعمال بالتأمين الصحى على موظفيهم وإلا واجهوا غرامة بحوالى ألفى دولار على كل عامل لديهم ليس مؤمنا عليه، وستعمل الإدارة الأمريكية على توفير التمويل لهذا المشروع الضخم من خلال تقليص التمويل لمشروع الرعاية الصحية الذى ترعاه الدولة بمقدار 500 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة ورفع الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة ممن يزيد دخلهم عن 250 ألف دولار سنويا للفرد، وهو مايعنى تقليص العجز فى الموازنة بمقدار 138 مليار دولار سنويا، وبإجمالى 1ر3 تريليون على مدى عشر سنوات متعاقبة.
ولم تفلح عمليات الترهيب والمظاهرات التى حشدها الجمهوريون وجماعات الضغط، وعلى رأسهم شركات التأمين الصحى، فى إثناء الديمقراطيين عن المضى قدما فى التصويت على المشروع، واستخدم المتظاهرون عبارات عنصرية ضد أوباما والديمقراطيين والسود، مطالبين بوقف هذا التشريع بذريعة أنه يمنح الحكومة سلطات ضخمة ويزيد انتفاخ الجهاز البيروقراطى ويزيد من حجم الديون الحكومية.
وأشاد من ناحية أخرى لفيف من كبار الكتاب الأمريكيين بنجاح أوباما فى إصدار تشريع خاص بنظام الرعاية الصحية، ذلك النظام الذى كاد يودى بفريق الرئيس الأمريكى، وقال الكاتب إى جيه ديون فى مقال بصحيفة واشنطن بوست تحت عنوان "نعم لقد صنعوا التاريخ"، إن الرئيس أوباما يحق له أخيرا استخدام شعاره المفضل "نعم نحن نستطيع" أو بالأحرى "نعم استطعنا"، فتمرير تشريع لإصلاح نظام التأمين الصحى كان أول دليل دامغ على أن واشنطن تغيرت.
وخصصت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية افتتاحيتها للتعليق على هذه الخطوة التى وصفتها بالتاريخية، وقالت إن نجاح أوباما فى إصدار هذا التشريع وتوفير نظام رعاية صحية شامل لجميع الأمريكيين، يعد الخطوة الأولى فى طريق الولايات المتحدة الأمريكية تجاه توفير تأمين صحى عالمى، وهو الهدف الذى طالما حير الإصلاحيين منذ أن دعا تيدى روزفلت عندما كان مرشحا للرئاسة عام 1912 لأن يحظى جميع العمال بتغطية صحية.
وذهبت لوس أنجلوس تايمز إلى أن هذه الخطوة ربما تكون الإنجاز الوحيد الذى تمكنت الإدارة الأمريكية الحالية من تحقيقه، برغم من أن الجدل المصاحب لها ربما ينذر بنهاية أغلبية حزب أوباما فى الكونجرس.
ومع ذلك، اعترفت الصحيفة بأن هناك اتفاق سائد داخل الأروقة المعنية بصناعة الرعاية الصحية، على حد تعبيرها، والساحة السياسية بأن النظام فى حالة يرثى لها وفى أمس الحاجة للإصلاح.
وأشادت نيويورك تايمز بدورها فى تحليل لها بالرئيس أوباما مؤكدة أنه سيكون أحد القلائل بين الرؤساء الأمريكيين الذين سيتذكرهم التاريخ بقدرتهم على العثور على طريق جديد لإعادة صياغة نظام الرعاية الإجتماعى فى الدولة.
وذكرت أن أوباما أثبت عن جدارة أنه كان على أتم استعداد للقتال بكل ما أوتى من قوة من أجل شئ شغل كل اهتمامه، وأثار الشكوك حول قدرته كرئيس.
ولكنه أوضح أنه رئيس قادر على الالتزام بتعهداته، والنجاح فى أدائه مهامه حتى وإن كانت فرص تحقيق ذلك ضئيلة.
وقالت نيويورك تايمز إنه بغض النظر عما إذا كان ذلك إنجازا تاريخيا أو انتحاراً سياسياً بالنسبة لحزبه، -وربما الاثنين معا- فإن أوباما نجح فيما فشل الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون فى تحقيقه فى إعادة تشكيل نظام الرعاية الصحية الأمريكى، شأنه شأن خليفته جورج بوش الذى فشل كذلك فى إحداث تغيير جذرى فى البرنامج الداخلى.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
صحف أمريكية: أوباما حقق نصرا تاريخيا فى إصلاح نظام الرعاية الصحية.. ويستطيع الآن قول "نعم استطعنا" بقانون يتكلف 940 مليار دولار ويوفر مظلة التأمين لـ 35 مليون أمريكى
الثلاثاء، 23 مارس 2010 09:52 ص
الصحف العالمية أشادت بنجاح أوباما فى إقرار قانون الرعاية الصحية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة