بالأمس كنت فى طريقى إلى جامعة القاهرة مكان عملى واتجهت بسيارتى كالمعتاد لدخول الجامعة من بوابتها الرئيسية فإذا بى أفاجأ بأن أمن الجامعة قد أغلق البوابة لمنع خروج المظاهرات إلى الشارع أو ربما إلى السفارة الإسرائيلية. اضطررت لاتخاذ طريق آخر للدخول من بوابة أخرى واستغرق ذلك الأمر منى حوالى عشرين دقيقة فى ظل الازدحام الشديد للشوارع المحيطة بالجامعة فى ذلك التوقيت. فى هذه المدة القصيرة أخذت أتامل فى فوضوية هذه المظاهرات السياسية التى تحدث بين الحين والآخر فى جامعتنا.
يلاحظ أن الغالبية العظمى من مظاهرات طلبة الجامعات المصرية فى العشرين عاما الأخيرة انحصرت أسبابها فى شأنين خارجيين هما القضية الفلسطينية والحرب الأمريكية ضد النظام الصدامى البائد. فمع تركيز وسائل الإعلام على أزمة فى الأراضى الفلسطينية أو العراقية يخرج عدد غير قليل من طلبة الجامعات مرددين شعارات متكررة قومجية وإسلاموية وتوعدية. تستمر المظاهرات غالبا مدة يوم أو يومين وتشهد صدامات للطلبة مع الأمن ومحاولات خروجهم للشارع لحرق السفارة الإسرائيلية أو المطاعم الأمريكية. ولا مانع من وجود بعض البهارات أو التوابل فى تلك المظاهرات مثل حرق العلم الاسرائيلى أو الامريكى أو كلاهما معا. الخلاصة أن مظاهرات الطلبة فى الجامعات المصرية عبارة عن كوكتيل متكرر من الفوضى والعنف والشعارات المستهلكة.
على الجانب الآخر ربما تفاجأ عندما تلاحظ أن نسبة كبيرة من الطلبة المنتمين لهذه التيارات التظاهرية يحاولون استخدام شتى أنواع الغش فى الامتحانات! هؤلاء الطلبة ببساطة يعانون من لغط فكرى ووقعوا تحت تأثير فضائيات الدروشة والتواكل والصوت العلى. بعضهم يحاول تغطية فشله الأكاديمى بالبحث عن دور قيادى فى جماعة ما دينية أو سياسية حتى يعوض ما فقده. هم أيضا يقلدون بعضا من أساتذتهم ذوى التيارات المماثلة الذين انشغلوا بالتخطيط للسيطرة على انتخابات نوادى أعضاء هيئات التدريس لأسباب أيدلوجية بحتة.
المظاهرات فى جامعات أوربا الغربية تكون غالبا فى أيام العطلات ولا تشهد أى مظاهر عنف كتلك التى تحدث فى جامعتنا، أما مظاهرات طلبة جامعاتنا فيمكن أن نرى فيها بعض الجرحى – أو القتلى أحيانا- و بعض الخراب وقد ينتج عنها أيضا تعطيل الدراسة وغلق الجامعات.
وطبيعى أن يتفاعل رجل الشارع البسيط المؤدلج مع صخب مظاهرات طلبة الجامعة وما يشابهها من حملات إغاثة للقضية الفلسطينية يقوم بها إعلاميون ذوو رؤى متناقضة أو فنانات نصف معتزلات يبحثن أيضا عن دور إعلامى. يتم إرسال قوافل الإغاثة لنصرة القضية وإعمار ما خلفته الغارات الجوية. يأخذ الجميع استراحة قصيرة تعود بعدها مظاهرات طلبة الجامعة وحملات إغاثة شعبية للإعمار من جديد مع أى أزمة أخرى. ثم استراحة قصيرة أخرى فأزمة فلسيطينية أو عراقية تالية ...إلخ. والنتيجة فى النهاية مجموعة أصفار كبيرة صفر فى مستوى خريج الجامعة صفر فى حل أزماتنا وإدارتها صفر فى إصلاح الشأن الداخلى.
لمعلوماتك:
مرتب دكتور الجامعة فى مصر يبدأ من 2000 جنيه فى المتوسط فى حين أن مرتب دكتور الجامعة فى غزة يبدأ من مبلغ يعادل 7000 جنيه مصرى، وقس على ذلك مرتبات جميع فئات القوة العاملة لدينا ولديهم.
بعض الطلبة الفلسطينين الذين ألتقى بهم فى جامعة القاهرة وأعرفهم عن قرب يرون أن ظروف المعيشة فى القاهرة ونظام المرور بها أسوأ بمراحل من غزة والضفة الغربية، بل يشفقون على أهل القاهرة مما يواجهونه من صعوبات معيشية.
أكاديمى مصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة