د نيفين شكرى تكتب: مصر من ثلاثين عاما وكلام لابد منه

الإثنين، 22 مارس 2010 04:45 م
د نيفين شكرى تكتب: مصر من ثلاثين عاما وكلام لابد منه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعض الشباب فى مصر ممن ولدوا خلال العشرين أو الثلاثين عاما الماضية لم يروا فى مصر إلا ما هى عليه الآن وبالتالى ذهبت أحلامهم إلى بعيد جدا وقام البعض ممن لديهم أغراض أخرى بتحريضهم وتسويق صورا غير حقيقية ومضللة لهم مستغلين حب الشباب لمصر وغيرته عليها ورغبته أن يقفز بها سريعا إلى مصاف الدول المتقدمة- حسب تفكيرهم- بينما البعض يحاولون بطرق خبيثة تشويه الصورة لهم لأجل استغلال اندفاعهم، لكى يصلوا لأغراضهم التى يغلفونها بأشياء جميلة ونبيلة بينما تحمل فى طياتها الخراب والدمار لمصر.

هؤلاء الشباب لم يروا كما رأى من سبقوهم الحالة المدمرة التى كانت عليها مصر قبل وأثناء وبعد نكسة 1967 ونصر أكتوبر 1973 ولم يفهموا كيف كان حال بلد خاض حروبا شرسة واستدان وتدمرت مدن القناة عن آخرها وتهجر سكانها وتم استنزاف مواردها القليلة فى التسليح وكيف كان فى ذلك الوقت بعض التجار الجشعين يستغلون الوضع لإخفاء السلع التموينية لزيادة سعرها ولم يراعوا ما تمر به البلد وكان همهم مصالحهم الشخصية فقط ولم يروا كيف كانت مصر تفتقر إلى أبسط سبل الحياة وكيف كان الحصول على الصابون أو الشاى أو السكر يحتاج إلى صراع طويل وكيف كانت المياه لا تصل إلى أى قرية وكيف كانت القطارات حالتها خربة وكثيرة الأعطال وكيف كان غالبية الشعب المصرى يعانى من الأمية وكان الأسهل هو حساب عدد المتعلمين فيها الذى كان لا يزيد عن عشرة فى المائة؟

كان السائر يرى الطرق الصحراوية والزراعية صحراء قاحلة مهجورة غير مرصوفة ولا ممهدة ومدن القناة كلها بيوت أشباح هجرها سكانها الذين تدمرت بيوتهم على رؤسهم وسيناء طبعا كانت لا تزال غير محررة واستلمناها صحراء أيضا وكان من يمتلك تليفونا هو شخص فى كل قرية أو بضعة أشخاص فى كل مدينة وكان التليفزيون قناة واحدة أو اثنين فقط وكان لا يركب السيارات ولا التاكسى إلا المتيسرين ماديا وكانت الأجور لخريجى الكليات عشرون جنيها شهريا ولكن كان الناس راضين وليس لديهم أطماع كبيرة ومثلما مع كل نظام حاكم تظهر طبقات فاسدة فظهرت شريحة مراكز القوى فى عصر السادات التى بسببها قامت ثورة التصحيح وظهرت شريحة الانفتاح والاستيراد فصنعت طبقة تعمل على التهريب وظهرت شريحة الإرهاب والتطرف.

رغم كل ذلك كانت مصر رائدة مقارنة بالدول العربية الأخرى التى كان بعضها يعانى آثار الاحتلال والصراع مع المحتل سواء الإنجليزى أو الفرنسى أو الإسرائيلى وكانت غالبية الدول العربية صحراء وفارغة من السكان تقريبا وعندما ظهر عصر النفط بدأوا يستوردون مثقفين مصريين علموهم وعالجوهم وبنوا لهم ونفس أولئك المصريين عمروا وثقفوا دول أفريقيا مقابل بعض الوفرة من المال بالطبع فظهرت شريحة العاملين بالخليج وهم يمثلون غالبية المصريين المتيسرين حاليا وظلت دولا عربية تٍعانى من الثقافة القبلية والتعصب وقلة عدد السكان مقارنة بمساحاتها، بينما مصر المحروسة كانت أكثر مجالات الإنتاج فيها هو الإنجاب وبالتالى من يقارنون مصر بمستوى الصين يتجاهلون أن الصين حرمت إنجاب أكثر من طفل ولولا ذلك لصارت أفقر دولة فى العالم.

هم أنفسهم تأخذهم الأحلام بعيدا ولا يحسبونها بالمنطق فكافة الدول الأوروبية لا يزيد عدد أطفال أى أسرة عن طفلين بل ولديهم نقص فى نسبة السكان إلى المساحة وأى شخص منهم يعمل عشرة أضعاف ما يعمله أى مصرى وليس أقل من 10-12 ساعة عمل يوميا وفى الحقيقة فإن أمريكا بدأت نهضتها من مئات السنين وليس فقط من ثلاثين عاما لأنها لم تخض حروبا كثيرة وهى قارة بأكملها وغنية بالموارد ومقارنة قارة بدولة غير منصف وفيها خيرات كثيرة وتستقطب خبرات من كل بقاع العالم وثقافة الناس فيها تختلف جذريا عن ثقافة منطقتنا بكل تأكيد ولا يمكن مقارنة تفكيرنا بهم فالمقارنة بين دولا سبقتنا فى الاستنارة والتحرر والتطوير بمئات السنين هى مقارنة ظالمة بكل المقاييس، خاصة مع التحديات والظروف والتهديدات التى واجهتها مصر ومقارنة مصر بأى دويلة عربية نفطية يبلغ الوافدين فيها ثلاثة أرباع عدد السكان هو مقارنة ظالمة أيضا.

و من يراقب الأمور ويرى الفارق أنك خلال الأعوام السابقة لا يكاد يمر يوما دون أن ترى معدات الحفر والبناء تشيد مبانى هنا وهناك وترصف طرقا وتوصل شبكات غاز وماء وكهرباء وتليفونات وصرف صحى ومن يزور أى مدينة بعد غياب أعوام يصاب بالذهول من أعداد المحلات والتغيير العمرانى الرهيب ومن يرى الصحراء التى صارت مدنا ومن يرى انتعاش السياحة وثقة رجال الأعمال فى مصر يدرك الفرق، فمن لم يرى ما كانت عليه مصر قبلا قد يكون له بعض العذر أما من يحرضون ضد رجال الشرطة والجيش والمسئولين والحكومة فهم لديهم أغراض أخرى ويخفون كثيرا من الحقيقة ويستغلون اندفاع الشباب بصورة خطيرة ومدمرة ولا يمكن الوثوق فيهم ونعتبر أن إعلام مصر مقصر ومساهم فى ذلك بشكل كبير بإصراره على طرح السلبى فقط وتجاهل الإيجابى، مما يثير اليأس والإحباط ويعطى قدوة سيئة فهل من ينتبه لخطورة ذلك؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة