د. خميس الهلباوى

التغيير المطلوب

الإثنين، 22 مارس 2010 07:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إننى كمواطن مصرى لا أنتمى للحزب الوطنى ولا لأى حزب سياسى آخر، أو لأى جماعة دينية، أطالب بالتغيير الفورى، ولكننى أرفض خداع شعب مصر لزيادة آلامه، ومجرد استبدال قيادة سياسية لا تدرى ماذا تفعل فى المشاكل المتمكنة فى المجتمع المصرى وتكبله وتمنعه من أن يصبح مجتمعا متحضرا طبيعياً يعيش العصر الذى يعيشه متبوءاً المكان اللائق به تحت الشمس.

فتغيير القيادة السياسية وتسليم زمام أمور هذا الشعب بالوضع الحالى إلى أى قيادة سياسية لا تملك خططاً وبرامج اقتصادية وسياسية تلتزم أمام الشعب بتنفيذها وتسأل أولاً بأول عنها، يصبح الأمر من قبيل الخدعة المكشوفة لمجرد نقل القيادة السياسية من قيادة استنفذت طاقتها فى الحفاظ على الأمن القومى وفى المحافظة على الحرية السياسية والاقتصادية إلى قوى همجية لن تستطيع المحافظة لا على الأمن القومى بل ستفرط فى تراب مصر بإرادتها ولا تستطيع تحقيق أى مكاسب سياسية أو ديمقراطية أواقتصادية لشعب مصر الذى لن تقوم له قائمة بعد ذلك.

فإذا استعرضنا أهداف "الأمانة العامة للجنة الوطنية للتغيير" التى تمخض عنها الحراك الأخير للدكتور البرادعى، والتى اختزلت تغيير ظروف الشعب المصرى البائسة إلى هدف واحد وهو تغيير القيادة السياسية دون الحرص على مصالح الشعب المصرى سنفاجأ بالآتى من الأهداف:

1- "إنهاء حالة الطوارئ"، وهذا مطلب مشروع ولابد من تحقيقه لحماية الشعب المصرى من أى تجاوزات ضد حريته، وجميع دول العالم الحر لا تستخدم قانون الطوارئ المقيد للحريات، ولكنها جميعاً فى نفس الوقت تستخدم قانون آخر يسمى "قانون مكافحة الإرهاب"، لحماية المجتمع من الإرهاب المتطرف، الذى سيكون سيفا مسلطا على رقاب المجتمع، الذى سيصبح لعصابات التطرف، ولابد من ضمان إصداره قبل إلغاء قانون الطوارئ.

٢- تمكين القضاء المصرى من الرقابة الكاملة على العملية الانتخابية برمتها.

3، إشراف من قبل المجتمع المدنى المحلى والدولى، وهذان المطلبان الأخيران مطلبان شرعيان ومن المحتم أن يتم تطبيقهما، فى مجتمع يتمتع بوعى سياسى يعرف حقوقه ويعرف من يضره ومن ينفعه، ولكن الشعب المصرى سبق أن فوض رئيس الدولة وقائدالثورة فى احتكار كافة سلطاته بسبب حرب 1967، وأغفل متابعة الفساد فى الانتخابات التى كانت تتبع لحماية النظام والمجتمع من تسلل العملاء، لذلك، لابد قبل تطبيقهما من توعية الشعب المصرى بالكامل بحقوقه السياسية وضمان اشتراكه بإيجابية كاملة ووعى كامل فى التصويت والترشيح والترشح، واختيار من ينفعونه ولا يكون عرضه لتلاعب محترفى السياسة من الجماعات الدينية أو الأحزاب السياسية، وتنقية كشوف الناخبين.

٤- توفير فرصة متكافئة فى وسائل الإعلام لجميع المرشحين، خاصة فى الانتخابات الرئاسية.

٥- تمكين المصريين فى الخارج من ممارسة حقهم فى التصويت فى السفارات والقنصليات المصرية.

6-كفالة حق الترشح فى الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية، اتساقا مع التزامات مصر الدولية المنصوص عليها فى الاتفاقيات الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين متتاليتين.

7- الانتخاب عن طريق الرقم القومى.

أما باقى الشروط، فلابد أن تتضمن مايلى:

8- تعديل المواد الدستورية، أرقام ٧٦ و٧٧ و٨٨ قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية كى يتوافر لهذه الانتخابات أكبر قدر ممكن من النزاهة والشفافية.

9- ضمان تفعيل دولة المؤسسات الدستورية وهى المؤسسة التشريعية "مجلس الشعب"، والمؤسسة التنفيذية وهى النظام الإدارى الحكومى من قمته إلى قاعدته، والمؤسسة القضائية وهو السلك القضائى، والفصل بينها جميعا وعدم سيطرة أى منها على الأخرى مع تفعيل دور المحكمة الدستورية العليا، وتحديد وتقييد اختصاصات وسلطات كل سلطة بما فيها رئيس الجمهورية .

مراعاة السماح بحرية تكوين الأحزاب التى ليس لها مرجعية دينية.. عند ذلك لا يهم من يحكم مصر، لأنه سيكون مقيداً بنظام مؤسسى يعمل بديناميكية ديمقراطية تعتمد على دستور قائم يحمى الشعب.

10- من يتقدم للانتخابات فى دولة ديمقراطية، يجب أن يكون لديه برنامج سياسى واقتصادى وثقافى وخطط لتنفيذه لصالح الشعب ويعرضه بالتفصيل خلال الحملة الانتخابية وليس مجرد ترشيح أسماء بغرض استبدال القيادة السياسية لأغراض قد تكون حميدة أو خبيثة. تعتمد على ضمان حقوق الموطنة.

إن مصر تحتاج أن تصبح دولة طبيعية، حيث أنه وفقا للتقارير الصادرة من التنمية البشرية برنامج الأمم المتحدة للتنمية تقع فى الترتيب رقم 123 بينما فلسطين المحتلة أفضل منها وتقع فى الترتيب 110، هل تصدق هذا- سيدى القارئ- ولكى نرتقى بالمجتمع المصرى لابد من إيجاد الوسائل التى تضع مصر فى الترتيب اللائق بها، وذلك عن طريق إلغاء الأسباب التى أدت إلى ذلك وهى:

1- تدنى مؤشر التعليم بشكل عام، وارتفاع مستوى الأمية بشكل خاص. حيث جميع دول العالم التى أرادت أن ترتقى، اهتمت بالتعليم وهناك ما يسمى بالصندوق الأسود فى التعليم الزراعى، الذى طبقته فرنسا وجميع الدول التى سعت للتقدم، والمقصود هو الارتقاء بالتعليم الزراعى والصناعى والتعلم فى جميع المجالات. فما هو برنامج من يريد الترشح لرفع مستوى التعليم؟

2- التضخم البيروقراطى: فالنظام الاشتراكى فى مصر ترك خلفه كما هائلا من البيروقراطية يتمثل فى العاملين فى الجهاز الحكومى الذى بإضافة العاملين بالقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة والمؤسسات العامة والمؤسسات الأمنية والدفاعية إليه فإن البيروقراطية فى مصر تتجاوز 7 ملايين نسمة أو نحو 28% من القوى العاملة فى مصر (تقرير الأهرام الدكتور عبد المنعم سعيد)، وهذه الحالة من البيروقراطية حالة فكرية واقتصادية وثقافية وسياسية من الطراز الأول، وجميع تلك المؤسسات يكفيها ثلث العاملين فيها فقط لأداء العمل والثلثان عبارة عن بطالة مقنعة، وقد يكون المثل الشائع القائل بأن "النواية تسند الزير لها دخل فى ذلك"، فما هى خطة المرشح القادم للرئاسة لعلاج هذه المشكلة، فالرغيف الذى يجب أن يأكله فرد يقسم على 3 على الأقل. وهذا الرغيف لايوجد من ينتجه، والجميع لاينتج، فما هو برنامج المرشحين للرئاسة لحل هذه المشكلة؟.

3- مشكلة الدعم تفاقمت وشكلت مع البيروقراطية الحكومية الأزمات الدورية التى نراها ونعيشها ولابد أن يحمل من يتقدم للحكم خطة موضوعية لمعالجة هذه المشكلة. خاصة وأن أغنى فئات المجتمع تحصل على 28% من الدعم المخصص للفقراء.. فما هى خطة من يتقدم للترشيح؟

4- ونأتى للاقتصاد الموازى، وهو اقتصاد المشروعات والمهن المسماة "مشروعات تحت السلم" ولا يحصر فى سجلات الحصر الحكومية، وهى تمثل تقريباً ثلث الاقتصاد المصرى ولكنها لا تسجل فى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر.

5- ومشاكل لاحصر لها تحتاج لرجال يتدخلون لحلها ولا يتكلمون فقط ويجتمعون فى أماكن مغلقة يدبرون التآمر على نظام الحكم بدون وجود خطط حقيقية لعلاج المشاكل، مثل الإسكان والقمامة، مرحباً بأى تغيير لصالح الشعب المصرى كله.

إننا نرحب بأى حراك سياسى لحل مشاكل مصر والأخذ بيد الشعب المصرى، وأن تكون القضية الحقيقية هى التعامل مع جميع المشاكل وخاصة ما هو غير طبيعى، فمتى نتحدث عن تحقيق مصالح الشعب المصرى وليس فقط مجرد استبدال القيادة السياسية بجماعة دينية قد تدمر مستقبل مصر بالكامل.

فهل لنا من مفكرين يستطيعون ترجمة أحلام مصر وتحويل حل مشاكلها إلى أهداف استراتيجية تتضمنها خطة للإصلاح التطبيقها فى مصر للنهوض بها حتى ترتقى مكانها تحت الشمس؟.

إن أسلويب الهجوم فقط لن يجدى فالإصلاح يأتى بالتعاون والتخطيط وكلنا نسعى لصالح الأجيال القادمة وليس لصالح فئات تريد تسخير مصر لتحقيق أهداف لصالح قضايا أخرى وجماعات أخرى ثانوية.

فمصر أولا ومستقبل مصر أولا ثم محاولة تحقيق باقى الأهداف، وليس من المعقول مثلا أن نضحى بقطعة من أرض الوطن لفكر مجنون يسعى لتحقيق أهداف لن تتحقق قبل قرون إلا بإذن الله.


• رجل أعمال ودكتوراه فى إدارة الأعمال








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة