محمد حمدى

حين تستقيل الشعوب!

السبت، 20 مارس 2010 12:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر كان تغيير أنظمة الحكم فى العالم العربى على رأس جدول أعمال الإدارة الأمريكية السابقة، وظل هذا الموضوع مطروحاً بقوة حتى العام قبل الأخير من حكم الرئيس الأمريكى جورج بوش الأب، وليس خافياً على أحد أن إدارة بوش أنفقت ملايين الدولارات، واستغلت كل ما لديها من ضغوط وإمكانات لجعل هذا التغيير ممكنا، لكنه لم يحدث.

وباستثناء العراق الذى جرى فيه التغيير بالقوة المسلحة الأجنبية ظل العالم العربى عصيا على التغيير، رغم أن بعض الدول العربية كانت على رأس أجندة التغيير الأمريكية خاصة سوريا ولبنان والسعودية وأخيرا مصر التى اعتبرها المخططون الأمريكيون الجائزة الكبرى، لكن أيا من البلاد الأربع لم يشهد تغييرا حقيقيا.

وظل السؤال المطروح أمريكا وغربيا هل يستعصى العالم العربى على التغيير، أم أن قياداته قوية لدرجة استيعاب كل الضغوط الأمريكية، وتفادى تلك الرياح العاصفة التى هبت على الشرق الأوسط؟.

والحقيقة أن التغيير الذى أرادته أمريكا لم يحدث لعدة أسباب، منها أن العرب لا يؤمنون بنظرية الفوضى الخلاقة التى أطلقتها الولايات المتحدة، ليس لأنهم لا يفضلون التغيير، ويؤمنون بقاعدة " اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش" ولكن لأن العرب لا يغيرون إلا إذا كانوا يرون أفاق هذا التغيير فى الأفق، ولا يندفعون فى مغامرات لا يدركون نهايتها.

السبب الثانى والرئيسى ـ كما أرى ـ أن الشعوب العربية لا تثق فى الغرب وخاصة الولايات المتحدة، لذلك يكفى القول أن التغيير القادم هو هدف أمريكى حتى يتشكك الناس فيه، ولا يقبلون عليه حتى ولو كان هذا التغيير سيؤدى إلى حياة أفضل.

السبب الثالث أن العراق وهو النموذج الذى أرادت الولايات المتحدة صناعته وترويجه حتى يحتذى به العرب سقط فى دوامة فوضى عرقية ودينية ضخمة، وتحول إلى حرب أهلية طاحنة بين أهل العراق لذلك كان من السهل استخدام هذا النموذج فى تخويف الناس وليس تحفيزهم.

على أن السبب الأكثر أهمية لانتهاء سنوات التغيير الأمريكية فى الشرق الأوسط دون تغيير هو أنها افتقدت تحرك الشعوب العربية نحو التغيير، وإذا سألت أى مواطن عربى: هل أنت راض عن حكومتك؟.. وهل أنت مع تغييرها أم لا؟.. فسيجيب دون تردد لست راضيا ويجب تغيير تلك الحكومة، لكن إذا طلبت من المواطنين التوجه إلى صناديق الاقتراع لصنع التغيير بطريقة ديمقراطية فلن يذهب معك الكثير، أما إذا طلبت من الجماهير أن تلحق بك إلى الشارع، وإجراء التغيير بطريقة درامية فلن يلحق بك أحدا على الإطلاق!.

أعرف أن شعار التغيير هو الأكثر تداولاً فى الفضائيات وعلى صفحات الصحف هذه الأيام، قبل انتخابات مجلس الشعب هذا العام، ثم الانتخابات الرئاسية العام القادم، لكن دون حركة الجماهير يظل حوار التغيير مثل حدوتة قبل النوم نسمعها جميعا فى برامج التوك الشو الليلية، ثم نستسلم للنوم.. أما التغيير القادم الذى سيحدث فى مصر فلن يتعدى بعض الوجوه، وبعض السياسات.. أما التغيير الجذرى الذى يكثر الحديث عنه فلا أعتقد أنه سيخرج من خانة الأحلام.. طالما أن الشعب استقال منذ زمن بعيد من إدارة أو المشاركة فى الشأن العام!.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة