فاز كتاب "إنهيار العولمة وإعادة إختراع العالم" بجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، الكتاب من تأليف جون رالستون، وترجمة محمد الخولى وصدر عن الدار المصرية اللبنانية بالإشتراك مع مؤسسة "محمد بن راشد آل مكتوم" للترجمة، والمؤلف واحد من المهتمين بتحليل تاريخ الحضارة وهيكل السلطة فى الغرب، وما يتفرع عن هذه الظواهر من قضايا ثقافية معرفية، خصوصا فيما لحق بهذه الأوضاع من فساد، تحولت به النظم السياسية إلى خدمة جماعات المصالح واحتكارات القلة على حساب الصالح العالم لأوسع قطاعات المواطنين.
وينقسم الكتاب إلى خمسة أجزاء كبرى تحيط بموضوع سقوط العولمة من كل جانب وعلى كل أصعدتها: الاقتصادية والسياسة والثقافية، وكيف أثر مفكروها الكبار على العالم بإطلاق مقولاتهم عن العولمة واعتبارها الدين الجديد، ونهاية التاريخ ماروّجوه من قيم وعقائد أضرّت بالكثير من دول العالم، بل وأدت إلى انهيارها.
ويقيم المؤلف فى الكتاب النظام العولمى، فى محاولة للتعُّرف على مصادر قوتّه ونقاط ضعفه، وتحديد مبادئه ومنطلقاته، وتأثيراته الكونية على مجالات الاقتصاد والسياسة والأحوال الاجتماعية والإنسانية للبشر والعمران.
وأول خطوة رآها المؤلف كبداية لانهيار العولمة أنها تحوّلت منذ سبعينيات القرن الماضى، خصوصًا فى شقها الاقتصادى إلى اعتبارها حقيقة مطلقة، بحيث غدت نوعًا من المعتقد الدينى، ورأى المناصرون لها أنها المحرك الوحيد لمسيرة التاريخ، ثم يقدِّم المؤلف ملخصًا لأهم الوعود والآمال التى أطلقتها عقيدة العولمة منذ أوائل السبعينيات، من خلال مختلف القيادات السياسية والأكاديميين، ورجال الأعمال، والإعلاميين والمؤسسات الدولية، وما أوصت به مئات المؤتمرات والندوات والبحوث ورجال الفكر من أمثال فوكوياما، وعالم الاجتماع أنتونى جيدنز، وميلتون فريد مان، وتوماس فريد مان وغيرهم من المروجين لفكر الرأسمالية، وكان من أبرز مؤسسات العولمة التى خططت لبسط سيطرتها على الكون : صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، ومنظمة التجارة العالمية، ومنتدى دافوس.
على أن الخطوة الأخطر فى هذا السياق هى ما لاحظه المؤلف جون رالستون سول فى الجزء الرابع بعنوان :"السقوط" من أنه لا العولمة ولا التجارة الحرة صادفت مشكلات لمجرد أن هناك من عارض أيَّا منهما أو التمس معالجة لهما بطريقة واقعية، إنما صادفتهما المشكلات بسبب نهج اللامبالاة والرومانسية والتمسك بالأيديولوجية الذى اتبعه غلاة مؤيديهما، لأنهم كما يرى المؤلف أرادوا تأكيد نظرية شمولية خالية من دور محورى سواء للقيادة على المستويات المحلية أو على مستوى المجتمع ككل.
وبدءا من الفصل الثالث من الجزء الرابع، يرصد المؤلف التسلسل الزمنى لانهيار العولمة وصولاً إلى ما نحن فيه الآن من بطالة وأزمات عالمية كان قدومها واقعًا لا محالة أمام عين الجميع لكن قوة الإعلام وهيمنته خدرت الجميع ووضعتهم فى هذا المأزق ويستشهد المؤلف بمقطع شعرى من "سوفو كليس"
المال أيها السادة، المال هو الآفة
التى تصيب البشر بكل مرضٍ
ولا نملك لهذه النازلة الرهيبة اسمًا
إلا هذا الاسم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة