كم أنت رقيق وخجول.. لا تعطى نفسك حقها.. تخجل من تلك الشعيرات البيضاء.. تصارحنى باستحياء أنك اكتشفتها ورأيت خطاً من التجاعيد اعتبرته قسوة غير مبررة وأن الشيب "غزا مفرقك" فأضحك فى نفسى وأتساءل أيخجل مما أحبه فيه؟.. إن هذه الشعيرات البيضاء هى علامة النضج وهى شباب الرجولة وقمة الاستواء.. تنظر لصورك القديمة وتأسو وتتمتم "أرأيت.. لقد كبرت".
فأضحك و... أيخاف الرجل أيضاً من علامات السن؟ إذن فكيف لو صارحتك أنه لا يأسرنى إلا تلك الشعيرات البيضاء التى تشبه النجوم تتلألأ فى الليل فتضيئه وتجعله دافئاً منيراً.. ألا تعرف أن الرجولة ليست فى جمال الشكل ولا سمات الوسامة إنما قمة الوسامة هى نضجه وعقله الرائع وقلبه الكبير.. هى طباعه المتحضرة.. تلك هى وسامة الرجل.. تلك هى الرجولة.. أما اللون والملامح فلا تأثير لها على فأنا لا أطلب "موديلاً" للعرض إنما أطلب روحك وهى بداخلك.. أما المظهر فهو مجرد غطاء يبلى مع الوقت.. يحمى الجوهر الجميل الذى لا يفنى.. ألا تعلم أن تلك الشعيرات هى ثوب الوقار الجميل الذى شدنى إليك؟ بل لا أبالغ إذا صارحتك أن قلبى كاد ينخلع عندما تعلقت عيناى بشعيراتك تلك وغمرنى إحساس الحنان الغامر نحوك.. فقاومت بشدة أناملى وهى تريد أن تمتد لتتخلل تلك الخصلات وتلمسها وتربت عليها.. صديقى.. أنظر إليك فأرى الذى أحب أن أراه.. أنت تجسيد جميل لكل ما تمنيته شكلاً وموضوعاً.. أنت بشعيراتك البيضاء تلك.. هى تاج على رأسك.. يتوج سنوات الشقاء ويحكى قصة الكفاح فى زمن شاب له الشباب وأحنى ظهور الرجال وما انحنيت أنت بل ظللت صامداً تواجه الحياة وتقهرها فما قدرت عليك.. فإن ألقى الزمن عليك بعض ترابه فبعض التراب هو "تبر" له بريق تألق فى شعرك القصير.
أتعلم أن أول من شاب كما يقولون هو سيدنا إبراهيم وأنه سأل ربه ما هذا يا ربى، فقال الله تعالى "وقار يا إبراهيم" فقال "رب زدنى وقاراً" فاعتز يا صديقى بالشاهد الوحيد على صمودك ورجولتك.. أنها التأريخ لقوتك وصلابتك.. ودعنى أهمس لك بكلمة تشفيك من هذا التوتر.. أنت نموذج رائع للرجل فى عنفوان رجولته وعز اكتمال العقل وسن النبوة والرسالة.. سن تورث صاحبها الدفء والاحتواء.. أرتاح لوجودى بجانب شخص أنضجته التجربة وسوَّتْه العثرات فصنعت مثالاً حياً لما افتقده من التفهم والحماية.. ثق فى نفسك واعتز بخصلاتك البيضاء لأنك.. تروق لى بكل مافيك.. خاصة.. خصلاتك البيضاء.. هذا ما يجب أن تهمس به كل امرأة للرجل فى هذه السن ليزداد ثقة فى نفسه ويستمر بينهما التواصل والألفة وبقدر الصدق فى هذا الكلام بقدر الوصول لقلب الرجل.. فتتمكن منه المحبة و... تمتلكه.. المرأة.. فقط بقدر صدقها.
كاتبة وأديبة مصرية
دينا سعيد عاصم تكتب: لا يأسرنى إلا الخصلات البيضاء!!
الثلاثاء، 02 مارس 2010 11:07 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة