رغم أننى والحمد لله تربيت فى أسرة ميسورة الحال ولكننا لم نصل أبدا لدرجة أن يطلق علينا أغنياء(آه يعنى مش بنصيف فى مارينا ولا ركنين الحتة الكوبية تحت البيت(إلا أننى كنت دائما أسمع كلمات الحسد من أصدقاء والدى ربما لأنهم ينخدعون فى المظاهر أو يغترون باسم العائلة وكان ذلك يضايق أبى كثيرا ويحزنه فكانت والدتى ربنا يخليها تقول له دائما ( متزعلش الصيت ولا الغنى).
لم أعرف مدى حكمة أمى وبعد نظرها إلا عندما كبرت وبدأت أعى ما حولى وأفهم الدنيا
يبدو أن هذه المقولة متأصلة تماما فى وجدان الشعب المصرى بدليل أن القيادة المصرية تتحدث دائما عن السبعة آلاف سنة حضارة وعن ريادة مصر للأمة العربية، تقول ذلك بينما ينكل بالمصريين فى السودان من الأخوة العرب ويتحدثون عن التضحيات التى قدمتها مصر للقضية الفلسطينية، بينما العمل على قدم وساق لبناء جدار فولاذى يجعل من غزة سجنا حقيقيا للفلسطنيين، ولكن لا يهم فكما تعلم عزيزى القارئ (الصيت ولا الغنى(.
فى مطلع كل عام تتطالعنا حكومتنا الرشيدة( مع الاعتذار لرشيدة بتاعة بكا) بأخبار الإنجازات التى تمت فى العام الماضى ومدى الرفاهية التى يتمتع بها الشعب المصرى بينما تخبرنا الإحصائيات أن عدد المصريين تحت خط الفقر وصل إلى 4 ملايين مصرى وأن 87% من المصريين غير راضين عن أداء الحكومة (وأكيد يعنى أن13% الباقيين مش عايشيين معانا) ولكن طبعا حكومتنا تعى جيدا أن (الصيت ولا الغنى)
الحزب الوطنى أعلن أن أى تمثيل سياسى لابد وأن يكون من خلال الأحزاب وأن مصر بها 21 حزبا (حد سمع عنهم حاجة) بينما يقف أحمد الصباحى- رحمه الله- المرشح لرئاسة الجمهورية، ليعلن أنه من ضمن برنامجه الانتخابى أن يقضى على البطالة، وذلك بأن يعلم الشباب صنعة مفيدة ألا وهى الحلاقة ونبقى شعب حلاقين كلنا (عشان نحلق للحكومة) بل والأكثر من ذلك أنه سيعطى صوته للرئيس مبارك لأنه الأجدر بالرئاسة، لكن مش مهم المهم أن عندنا 21 حزبا يا إخوان لأن طبعا أيوه برافو عليكم (الصيت ولا الغنى(
لا أتعجب كثيرا عندما أتحدث مع أحد الشباب الغربى وأجده مقتنعا تماما أن الإسرائليين هم أصحاب الحق وأن العرب هم الإرهابيون والذين يبدأون دائما بالعدوان، وذلك لأن الإسرائيليين يجيدون توصيل أفكارهم عن طريق آلة إعلامية رهيبة أى أنهم بمعنى آخر يجيدون التصييت إن جاز التعبير، بينما نحن لا نجيد إلا الصويت وأن نحدث أنفسنا فى قنوات لا يراها إلا نحن، وذلك لأن حتى الإسرائليين يدركون أن الصيت ولا الغنى ويطبقونه على المستوى الدولى يينما نكتفى نحن فقط بتطبيقه على المستوى المحلى وأمام كل هذه الحقائق، لا أملك إلا أن أقول الله يمسيكى بالخير يا أمى .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة