1 - من خالف وصية شيخ الأزهر بالتبرع بقرنيته بعد موته لإثبات شرعية قانون نقل الأعضاء؟
2 - من الشخصية التى رشحها قبل وفاته لتتولى المنصب وطرح اسمها على القيادة السياسية؟
3 - هل تجاهل الإعلام الرسمى خبر الوفاة بتعليمات من نظيف لخلاف بينهما حول تطوير التعليم الأزهرى؟
4 - هل يمكن أن يتولى القرضاوى أو محمد عمارة أو فريد واصل منصب شيخ الأزهر؟
5 - هل يستطيع نظيف استخدام صلاحياته كرئيس مفوض فى تعيين شيخ أزهر جديد؟
عندما رحل الدكتور محمد سيد طنطاوى عن الحياة، ظن الجميع أن الرجل قد ارتاح أخيراً بعد أعوام قضاها عالما مجتهداً يخوض فى كثير من الأحيان جدلاً فقهياً مع معارضيه فى الرأى حول فتاوى يطلقها ويتمسك بها، إلا أن هذا الظن لم يكتمل، لأن الرجل كانت له وصيتان الأولى أن يتم التبرع بقرنيته بعد الموت، ليثبت لمعارضيه أن موافقته السريعة على نقل وزراعة الأعضاء كانت نابعة من اقتناع تام، ولكن هذه الوصية لم تنفذ ولم يعرف أحد حتى الآن من المسئول عن هذا هل هم أبناؤه الذين أذهلتهم الصدمة فاضطروا إلى الإسراع بإكرام جثة والدهم ودفنه فى البقيع، أم أن المسئول عن ذلك هو الجانب الرسمى الذى تعامل مع حادث الوفاة بارتباك وتخبط، حتى أن مجلس الوزراء كان آخر من أصدر بيانا ينعى فيه الرجل، كما أن التمثيل الرسمى من الحكومة المصرية كان هزيلاً جداً ومقتصراً على أعضاء من السفارة المصرية بالسعودية، رغم أن منصب شيخ الأزهر يضاهى منصب رئيس الوزراء.
هذا التجاهل طرح سؤلاً مهما تم تناقله فى أروقة الأزهر، حيث ردد المقربون من الشيخ أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، لا ينسى لشيخ الأزهر، أنه كان أول المعارضين له فى اقتراح فى عام 2006 بجعل قرار بناء المعاهد الأزهرية فى أيدى المحافظين، وهو ما وقف الشيخ حينها ضده بشدة لدرجة أنه وضع شروطا ميسرة لبناء المعاهد بالجهود الذاتية، حتى وصلت فى عهده إلى 9 آلاف معهد بعد أن كانت 6 آلاف عند تسلمه المشيخة، بل زاد عليها بـ9 معاهد فنية أزهرية متوسطة جديدة، وهو الأمر الذى أشعل غضب نظيف الذى لم ينس أيضاً أن طنطاوى استاء من الاقتراح الذى أعلنه رئيس الوزراء فى عام 2008 بفصل الكليات العلمية عن جامعة الأزهر، وقصره على الكليات الشرعية فقط فى إطار مقترح لتطوير التعليم الأزهرى، وهو ما أثار الرأى العام حينها ووضع شيخ الأزهر فى موقف حرج لعدم إعلامه بهذه المقترحات من قبل.
العلاقة بين الراحل ورئيس الوزراء وصلت ذروتها بعد أزمة مصافحة طنطاوى للرئيس الاسرائيلى شيمون بيريز، فى لقاء جمعهما بالأمم المتحدة، وكانت الحملة الإعلامية على الشيخ شرسة فى حينها، وتمسك هو بموقفه الرافض لهذا الهجوم معتبراً أنه ليس فى محله، وكاد الأمر أن يصل إلى حرب كلامية بينه وبين بعض الصحف، وزاره الدكتور أحمد نظيف فى نهاية الأزمة، لحثه على عدم إشعال الأمر بتصريحات جديدة، حسبما قال مقربون للشيخ الذى رفض حينها وأصر على موقفه.
نظيف الآن ينظر إلى شيخ الأزهر الراحل على أنه أتعبه حياً وميتاً، فالرجل لم ينعم بعد بالتفويض الدستورى الذى منحه له الرئيس مبارك للقيام بمهام رئيس الجمهورية، ليكون أول اختبار حقيقى لاضطلاعه بهذه المهام فى منح وفاة شيخ الأزهر القدر الذى تستحقه قيمة الرجل، وهذا الإخفاق كان بادياً فى التخبط الرسمى والتجاهل الإعلامى فى نعى الرجل، كما أن نظيف الآن يشعر أن يديه مقيدتان فى مسألة اختيار شيخ الأزهر القادم، لأنه قرار حساس لدرجة أنه يترك للرئيس مبارك وحده، فعلى رئيس الوزراء أن ينتظر عودة الرئيس ليقرر بنفسه، وحتى هذا الحين فهو دائما مطارد بتساؤل حول شخصية الشيخ القادم.
الوصية الثانية التى لا يعلم أحد حتى الآن هل ستنفذ أم لا، هى الاسم الذى رشحه طنطاوى قبل وفاته بفترة وجيزة، ليكون خلفا له فى المنصب، وتلك هى المعلومة التى تسربت بعد وفاة الرجل بساعات، لتشعل بورصة التكهنات أكثر، حيث إن الأنظار توجهت إلى الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية بصفته الأقرب للمنصب وفق العرف الأزهرى، ولكن بعض التحفظات من أوساط سياسية قد تعطل اختياره قليلاً، كما أن ورود اسم الدكتور أحمد الطيب بوصفه من أقرب الشخصيات للشيخ الراحل قد يكون محل شك، لأن الرجل قد يبدو عصبياً فى تعامله مع بعض القضايا مثلما تم فى حادث العرض العسكرى لطلاب الإخوان، وكذلك تركه العنان للأمن للتوغل داخل الجامعة، مما يعطى حوله انطباعا بأنه لن يتحمل صدمات تفرضها متطلبات منصب شيخ الأزهر، ولكن ما تردد حول وصية طنطاوى وتحديده اسما بعينه دون أن يستطيع أحد التكهن به، أشعل القلق فى نفوس المتطلعين للمنصب، وبدأ كل منهم فى تذكر مواقفه مع الشيخ قبل وفاته، فكثير من علماء الأزهر خالفوه بشدة فى رأيه حول قضية منع ارتداء الحجاب فى فرنسا عام 2008، كما أن عددا آخر انتقد موقفه المؤيد للجدار العازل، وفريق ثالث، انتقد موقفه الحاد من النقاب.
ويظل عدد من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية من بين المتطلعين لحقهم الطبيعى فى تولى المنصب وهم علماء مشهود لهم فقهيا ولكنهم يعلمون جيداً أن فرصهم ضئيلة جدا لظروف تختلف بين كل منهم، وعلى رأس هؤلاء يأتى الدكتور نصر فريد واصل والدكتور يوسف القرضاوى إلا أن كلا من الاثنين لديه تاريخ طويل من الفتاوى المعارضة للحكومة، وعلى رأسها تحريم فوائد البنوك وتحريم الجدار الفولاذى، كما يأتى فى القائمة الدكتور محمد عمارة، وهو مفكر ثقيل الوزن أزهرياً، ولكنه قد لا يلقى القبول فى أوساط بعينها، خاصة، فهو دائما على شفا معركة، لمعاركه المتكررة مع الجانب القبطى، وكذلك هجومه الدائم على العلمانية، أو انتقاده الأخير للمذهب الشيعى، وجميعها مناطق مشتعلة تحتاج لعالم دين «إطفائى» وليس عنيداً مثل عمارة، وعلى نفس المنوال يأتى الدكتور عبد المعطى بيومى، وهو الأكثر انفتاحا بين أعضاء المجمع ولكنه أيضاً أحد المدافعين عن الفلسفة فى الإسلام وهو أمر يقلل من شعبيته فى أوساط العامة، كما أن عضويته بلجنة الإعلام فى الحزب الوطنى ستجعله مرمى سهلا لسهام الإخوان والسلفيين فى نقدهم للأزهر.
وأياً ما كانت الشخصية التى ستخلف طنطاوى فى الأزهر، فإن عليها أن تعلم جيداً أن الأمر لن يكون مجرد نزهة أو منصب شرفى، فطنطاوى كان يسير على ممر من الألغام بعضها سيطر عليه وبعضها انفجر ومازال غباره عالقا فى فضاء المؤسسة الدينية الأكبر فى العالم الإسلامى، وعلى رأسها، قضية سب الصحابة وفتواه بتكفير من يقترفها وتوابع منعه النقاب فى الأزهر، وكذلك الحوار بين السنة والشيعة والذى يقوده الأزهر إلا أنه لم يصل إلى أى نتيجة إلى الآن، وكذلك حوار الأديان الذى شكل له طنطاوى لجنة لكن دورها لم يبرز بعد، أما أخطر ما ينتظر الشيخ القادم، فهو الإجابة عن السؤال الهام والأزلى «كيف يحافظ شيخ الأزهر على استقلاليته رغم أن تعيينه مازال بيد رئيس الجمهورية؟».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة