هذا ليس ساحراً اسمه: حسام حسن! من نفس البلد، فى نفس الظروف، فى نفس الأزمات، فى نفس القلق، فى نفس الحروب والخوف والغضب والتمرد والحاضر وخلافه، فكيف استطاع أن ينجح رغم اليأس، كيف أدار وقاد فريق الزمالك المهزوم العاجز البائس إلى نصر وحياة وحلم!.
حسام حسن الشاب الأربعينى المصرى الذى لا يحب الاستسلام ولا ينتظر الفشل ولا يرضى بغير الفوز فى كل معاركه الماضية والتالية، لقد تسلم فريق الزمالك منذ أربعة أشهر وهو ينافس على الهبوط وجعله الآن ينافس على الدورى، وقد تعاطفت معه وغيرى بكل ما نملك من آمال كبيرة فى مراقبة كيف يحدث التغيير بشكل عملى، فريق الزمالك كان قد تحول بالإهمال والصراعات فى السنوات الماضية إلى مجرد أسد عجوز، منافس منتهى، كيان يعيش على أمجاده، وضع صعب يفكر ألف مرة أى مغامر أن يشارك فى محاولات إنقاذه، تسلم حسام المهمة فى لحظة جنون أو فراغ أو قوة خفية لا نراها، هو وحده كان يعرف ماذا يريد، ولم يكن حسام كما تصورنا يريد الصعود بفريقه من القاع إلى منطقة الوسط الهادئة التى لا معنى لها، وإن كانت تعنى بقاء الزمالك فى المسابقة، وربما كان هذا قمة طموح إدارته ولاعبيه وجمهوره ومشجعى الأندية الأخرى التى تتمنى بقاء الزمالك فى مسابقة الدورى لتبقى لها معنى فى السنوات التالية، إلا حسام حسن.. وحده حسام كان يرى أن مهمته أكبر وأبعد وأعمق وألذ من الدخول إلى منطقة الوسط الرمادية الخجولة، حسام كان يريد الفوز والمنافسة.. واتضح فيما بعد ما هو أهم، أنه خطط لتجديد الفريق بشباب صغير منحهم الثقة والفرصة كما كان يأمل أن يضع قواعد صارمة صادقة صادمة لمحاسبة اللاعب الذى يخطئ أو يتمرد أو يتصور أنه أهم من العمل الذى يقوم به!.
صنع حسام حسن ما هو أكبر من المطلوب منه والمتوقع له، والحقيقة أنه صنع ما يجب أن يصنعه أى شخص يأتى فى مهمة صعبة وظروف استثنائية، صنع المفروض، صنع بإخلاص وضمير وحس وفدائية هدفا كبيرا، لقد طور حسام مهمته من إنقاذ فريق إلى صناعة فريق، من تمثيل مشرف إلى منافسة مبهجة، وهو صعب المهمة على نفسه واختصر احتمالات بقائه فى قيادة فريق الزمالك، فقد أصبح مطلوبا منه الكثير.. والمتوقع منه المزيد.. وتضاعف خصومه إلى نقطة يصعب فيها الرهان على بقاء حسام حسن حتى الموسم القادم مع الزمالك!
مايحدث فى الزمالك.. يحدث فى مصر، تماماً..
نفس اليأس الإحباط الهزائم الخصوم من الداخل ومن الخارج.. وتسير الأمور عادة بتولى المسئوليات لآشخاص يفضلون العمل بأعصاب باردة من أجل البقاء فى المنطقة الهادئة.. لا فشل كاملا ولا نجاح كاملا، نصف حب ونصف كراهية، نصف أمل ونصف يأس، نصف صعود ونصف هبوط، وهذه هى المنطقة التى يضمن فيها صاحب المنصب البقاء لأطول فترة ممكنة بدون أصدقاء وبدون أعداء!.
حسام حسن درس فى الإدارة وحصة فى القيادة وشهادة فى كيف تنجح فى أقل من 100 يوم فى إنقاذ مريض كان على وشك الموت ليدخل ماراثون سرعة!
ولن يبقى حسام مع الزمالك كثيراً للأسف . والعيب ليس فى حسام.. لكن لأننا نفضل النوم على الجرى مسافات طويلة، ونفضل البكاء على أن نبذل مجهودا للضحك، ونفضل سعادة اليأس والاستسلام على شقاء الأمل والنجاح، نفضل ألا نذهب إلى النور لو كان بعيداً وألا نرى من هم أفضل حتى لا نكشف ضآلتنا وضعفنا!.
كل الأشياء العظيمة لها ثمن، المهم من يدفع الثمن!.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة