محمد حمدى

درس كويتى!

الأربعاء، 17 مارس 2010 12:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مطلع عام 1993 وبعد أشهر قليلة من انتهاء عاصفة الصحراء وتحرير الكويت من الاحتلال العراقى، طلب منى الصديق الصحفى المبدع أسامة الغزولى إعداد صفحة يومية من القاهرة للنشر فى صحيفة القبس الكويتية باسم "محطات مصرية"، تخاطب الجالية المصرية فى الكويت، والتى كانت أكبر جالية غير كويتية بها بعد الحرب، وتكون جسرا بين الوطن والمصريين العاملين فى الكويت.

ورغم أن الصفحة كانت تهتم بالشئون المصرية فقط، لكن وجودى اليومى فى مكتب القبس الكويتية بالقاهرة، أتاح لى فرصة نادرة للتعرف على الكويت، ومتابعة الحراك السياسى والاجتماعى الذى تشهده، والتغييرات الكبيرة التى أحدثها الغزو العراقى، فى طبيعة الحياة اليومية، وفى تفكير الكويتيين، مما انعكس بشكل كبير على الحياة السياسية.

ودون مبالغة فإن فى الكويت ومنذ زمن طويل حياة برلمانية مكتملة وناضجة، تكاد لا يكون لها مثيل فى العالم العربى، وينشط النواب الكويتيون فى استخدام وسائل الرقابة التى يوفرها الدستور لهم، بما فى ذلك الحق فى الاستجواب وسحب الثقة من الوزراء والحكومة، صحيح أن الصدام بين البرلمان والحكومة فى الكويت أدى إلى حل مجلس الأمة وإجراء ثلاثة انتخابات متتالية فى ثلاث سنوات، لكننا أمام تجربة برلمانية حية، وقد شاهدنا أمس وقائع استجواب وزير الإعلام الذى وصل ذروته بتقدم عشر نواب بطلب سحب الثقة من الوزير.

لكن الحراك السياسى ليس كل شىء، فقد لفت انتباهى الجدل الدائر حول تقرير "رؤية الكويت 2035" الذى أعدته مؤسسة رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير وسلمه أول أمس.

ودعا الشيخ ناصر صباح الأحمد وزير شئون الديوان الأميرى رؤساء تحرير الصحف الكويتية للقاء لشرح محاور خطة بلير، وتحدث بلير عن تقرير فريقه الذى تكوّن من ثلاثة محاور أساسية هى: البنية التحتية، ومساهمة القطاع الخاص، والبعد الاجتماعى الذى يتناول التعليم والصحة والثقافة، وقال بلير فى كلمته: "ليس المهم أن نعرف ماذا نريد، فالكويتيون يعرفون ماذا يريدون، بل المهم أن نجيب عن السؤال الصعب: كيف نصل إلى ما نريد؟".

وقد حظى التقرير بانتقاد واسع فى الصحف الكويتية، والبعض رأى أن بلير لم يأت بجديد فمشاكل الكويت معروفة، والأهم الإرادة السياسية اللازمة لحل المشاكل، لكن المهم بغض النظر عن الجدل الدائر أن الحكومة الكويتية لا تنظر تحت قدميها، وإنما تفكر فى المستقبل، لذلك تسعى لوضع رؤية استراتيجية طويلة الأمد لحل مشاكل البلاد خلال 25 عاما القادمة.
وأعتقد أن الحكومة الكويتية ضربت مثالا مهما وغير معتاد فى العالم العربى، فنحن فى الغالب لا نفكر بمثل هذا الشكل الاسترتيجى، وأقصى ما نفكر فيه هو خطة استراتيجية لخمس سنوات فقط، أما التفكير فى عشرين وثلاثين وأحيانا خمسين عاما مقبلة فهو أمر قد يعتبره البعض من الغيبيات.

لكن المحصلة النهائية التى يجب الخروج بها من خطة بلير لرؤية الكويت للمستقبل هى أن الأمم التى تنظر تحت قدميها لا تتقدم أبدا.. فما بالنا بمصر التى يكاد ينحصر تفكيرها فى الماضى!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة