جاء ذلك خلال احتفالية دار الشروق أمس الاثنين بكتاب "سرد الذات" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم إمارة الشارقة والذى عقدته الدار فى فندق جراند حياة القاهرة.
وقص الشيخ سلطان حاكم إمارة الشارقة قصة عم إبراهيم "حارس العقا " الذى كان يسكن فيه بالجيزة، مشيرا إلى أنه لم يستطع أن يضع حكايته فى الكتاب لأنه لم يستطع أن ينزعها من قلبه، وقال إن حكايته جزء من تكوين حبه لمصر، وأضاف الشيخ أن عم إبراهيم قابله ذات مرة عند عودته مساء إلى بيته، وأعطاه مبلغا من المال وقال له: خلى الفلوس دى عندك أمانة، فأجابه الشيخ: لا أستطيع أن أشيل الأمانة، وظل عم إبراهيم يلح عليه كى يأخذ منه النقود، حتى دخل معه شقته، وأشار الشيخ إلى أنه فهم سبب إلحاح عم إبراهيم بعد أن تأخرت الحوالة التى كانت تصله من الإمارات، وقال الشيخ: ليس عم إبراهيم هو الوحيد فى مصر، وإنما مصر كلها عم إبراهيم. وأكد الشيخ فى كلمته على أنه عاش فى مصر سنوات لم يجرحه أحد أو يهينه أحد، وقال: أنتم يا أهل مصر نسيتونى أهلى.
وأضاف الشيخ سلطان: حتى المرة التى ذهبت فيها إلى قسم الدقى، أكرمونى الضباط هناك، وهو ما أثار ضحك الحاضرين فى القاعة مما جعل الشيخ يستطرد: لا أقصد الكرم الذى تعرفونه، لكنهم أكرمونى فعلا وشربت "سباتس"، وأوضح الشيخ القاسمى أنه كان يقوم بالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية، فى إحدى الحدائق، مما جعل مباحث قسم الدقى تطلب فحص الصور، مؤكدا على أن الضابط جمال سالم الذى كان صغيرا فى ذلك الوقت أخذ الفيلم وأعطاه لضابط يعلوه برتبة أخرى، وعندما تعرفوا على هوية الشيخ، لم يتعرضوا له، وأعادوا الفيلم مرة أخرى، مشيرا إلى أنهم قاموا بسحب قوات الأمن التى كانت موجودة فى كلية الزراعة فى ذلك الوقت إكراما له.
وقص الشيخ كيف أن استدعاه أحد المسئولين فى مباحث لاظوغلى يوما ما ليستفسر منه عن أسباب جولاته المتعددة فى القاهرة، مشيرا إلى أن مباحث لاظوغلى كانت ترصد تحركاته، وأبدى المسئول تعجبه من الأماكن التى يذهب إليها فى أنحاء القاهرة ومنها "قهوة باب الخلق، شارع الترعة فى شبرا، وشارع شركس خلف التلفزيون، وسأله المسئول فى المباحث: ماذا تفعل فى هذه الأماكن؟ فأجابه الشيخ: باتعرف على مصر، فتعجب المسئول: تتعرف على مصر فى هذه الشوارع؟ فقال الشيخ: أمال أتعرف عليها فى شارع الهرم؟ فسأله المسئول: قول لنا بقى ماذا اتعلمت منها؟ فأجابه الشيخ: تعلمت الطيبة والكرم والتسامح.
وأضاف الشيخ فى كلمته: عام 1954 حدثت أزمة مالية فى مصر بسبب النقد الأجنبى، لكن ذلك لم يمنع مصر عن إرسال بعثات المدرسين إلى الشارقة وكانت تدفع لهم بالدولار، مؤكدا على أن هذا يظل دين فى أعناقنا وقال: لأنى تعلمت فى مصر، وقت أن كان التعليم مجانيا، وأخذت مكان أحد أبنائها فى التعليم، وهذا سيظل دينا فى رقبتى أرده بملايين من الطلبة.
وألقى الكاتب محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر كلمة أكد فيها أن الشيخ سلطان بن محمد القاسمى هو صديق كتاب مصر، والمثقفين، وجميع المصريين، بما فيهم عم إبراهيم الذى أصر على زيارته رغم طيلة هذه السنين، وأشار سلماوى إلى أن كتاب القاسمى يأتى على طريق طويل صدر قبله عدد كبير من الكتب القيمة جدا فى العولمة والتاريخ والجغرافيا والخرائط النادرة لمنطقة الخليج.
وأكد سلماوى أن هذا الكتاب أكثر كتب الشيخ خصوصية للشيخ، فهو كتاب شخصى جدا يتعرض لسيرته الذاتية عبر ثلاثة عقود هامة فى مرحلة تكوينه، وكذلك فى مرحلة تكوين الأمة العربية، مشيرا إلى أن الشيخ سلطان جمع كل خصائص الأمة العربية بانتمائه للقضايا القومية الكبرى، وتفاعله مع القضايا المصرية وكأنه مصرى، وختم سلماوى كلمته بالتأكيد على أن كتاب الشيخ ممتع لجمعه بين نقيضين، هما السيرة الذاتية لشاب عربى وفى نفس الوقت هو تذكير لمرحلة هامة فى تاريخ هذه الأمة.
وألقى إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار الشروق التى نشرت الكتاب كلمة أكد فيها أن كتاب الشيخ إضافة هامة لكتب السيرة الذاتية التى تعبر عن تجربة إنسانية حافلة بالأحداث والأسرار والدروس والعبر.
وأشار المعلم إلى أن الكتاب جمع بسلاسة بين الإمتاع والفائدة، مؤكدا على أنه عبر عن مواقف الآخرين فى موضوعية، وأضاف المعلم أن الكتاب يحوى قصصاً إنسانية مؤثرة.
حضر الاحتفالية جمع كبير من رجال الفكر والفن والسياسة، منهم الدكتور صابر عرب رئيس الهيئة العامة للكتاب، والفنانون صلاح السعدنى، أسامة عباس، أشرف زكى، سامح الصريطى، ومصطفى حسين، ومن الكتاب فاروق شوشة، خيرى شلبى، يوسف القعيد، محمد المخزنجى، إبراهيم أصلان، سعيد الكفرواى، فهمى هويدى، جمال الغيطانى، فؤاد قنديل، ومن الإعلاميين جمال الشاعر، أحمد المسلمانى، وائل الإبراشى، مصطفى بكرى ومحمود بكرى، ومن رجال السياسة مصطفى الفقى، ووزير خارجية مصر السابق أحمد ماهر، وعبد العزيز حجازى رئيس الوزراء السابق، وقام الشيخ سلطان بن محمد القاسمى بتوقيع أول نسخة من الكتاب للناشر إبراهيم المعلم، ووقع الكاتب محمد سلماوى ثانى نسخة منه.

