رشحت مجلة نيوزويك الأمريكية الشيخ يوسف القرضاوى لرئاسة الأزهر بعد رحيل الشيخ محمد سيد طنطاوى إثر التعرض لأزمة قلبية عن عمر يناهز 82 عاما فى المملكة العربية السعودية، وقالت إن جزء من مشكلة طنطاوى كانت تكمن فى تبنيه نهجا مواليا لحكومة الرئيس مبارك الذى عينه رئيسا للأزهر عام 1996، مما أضر كثيرا بشعبيته بين أطياف الشعب المصرى، لذا ذهبت المجلة إلى أن القرضاوى قد يكون الأوفر حظا لتقلد هذا المنصب نظرا لموقفه الواضح من الحكومة وشعبيته العريضة فى العالم الإسلامى.
وانتقدت نيوزويك فى تقرير لديفيد جراهام تعامل الزعماء الغربيين مع موت طنطاوى كما لو أن الغرب فقد حليفا هاما فى معركته لجذب المسلمين إلى الاعتدال والتسامح، فمثلا نعى الرئيس باراك أوباما طنطاوى واصفا إياه "بصوت الإيمان والتسامح الذى حظى باحترام كبير فى المجتمعات الإسلامية فى مصر وحول العالم"، بينما وصفته وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون "بصوت حوار الأديان والمجتمعات الهام".
وقال الرئيس الفرنسى، نيكولاى ساركوزى "إن العالم فقد رمزا هاما من الرموز الساعية لتعزيز حوار الأديان والثقافات"، ومع ذلك رأت نيوزويك أن هذه "الرؤية الخيالية" خاطئة تماما، وذلك لأن طنطاوى حظى بشعبية كبيرة بين صفوف الزعماء الأمريكيين والأوروبيين، أما بالنسبة للمجتمع الإسلامى، فكان يعرف بإرثه المثير للجدل ونهجه المفرط الولاء لحكومة الرئيس مبارك التى وصفتها بالـ"استبدادية".
ونقلت المجلة عن إبراهيم موسى، أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية فى جامعة ديوك، قوله "طنطاوى لم يكن فقط موالى للغرب، وإنما كان غالبا مواليا للسلطة، وفعل كل ما فى وسعه لإرضاء هذه السلطة، حتى وإن كان هذا معناه الإخلال بالأحكام الأخلاقية والمعنوية للشريعة الإسلامية، كما أن الفتاوى التى كان يقرها لم تكن تكتب أو تناقش بالعناية الكافية".
وفسر الكثير من النقاد الباحثين قراره بمنع ارتداء طالبات الجامعات للنقاب كمثال على الخنوع للسلطة، وبرغم كونه على حق فى أن النقاب ليس إجباريا، إلا أن منعها لم يكن له أيضا أساس دينى، واعتبر إرضاء للحكومة العلمانية إلى حد ما.
ورأت نيوزويك أن ولاء طنطاوى وليس تقنياته هو ما مثل مشكلة بالنسبة لأغلب المسلمين، فمثلا قراره بدعم بناء جدار فاصل على الحدود مع غزة، أعطى تلميحا بأن الشيخ أكثر حرصا على دعم حكومة مبارك من حياة المسلمين أنفسهم، وكما فقد نظام مبارك بريقه وشرعيته فى الآونة الأخيرة، فقد شيخ الأزهر مصداقيته.
وأشارت نيوزويك إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، أبرز جماعة إسلامية فى مصر، تطالب بأن يتم اختيار خليفة طنطاوى من قبل جامعة الأزهر، وليس الحكومة، للحيلولة دون تنصيب شخص تسيطر عليه البيروقراطية، وأضاف موسى "لا أرغب فى استباق تقييم إرث طنطاوى، ولكن أى مؤرخ اجتماعى سيتطرق إلى نهجه الذى اتبعه لقمع أخلاقيات الإسلام المتوازنة لصالح سياسات الدولة التى رسخت الاستبداد وأضرت بالقيم الديمقراطية".
وأضافت المجلة: كما فقد الكثير من رجال الدين البارزين أمثال زعماء الأزهر بعضا من شعبيتهم بسبب صلتهم بالحكومة، أطفئ رجال الدين المستقلين عن النظام نجم طنطاوى وأمثاله العالى، وتمكنوا من الحصول على شعبية واسعة بين صفوف الشعب، فمثلا، يحظى الشيخ يوسف القرضاوى بشعبية لا حدود لها ومصداقية كبيرة، على الرغم من أنه يعرف بموقفه المضاد للحكومة، فهو يعيش بمنفاه فى قطر بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة سياسيا، واصطدم كلا من طنطاوى والقرضاوى فيما بينهما بشأن قضايا شرعية.
ولفتت نيوزويك إلى أن هناك اتجاه عام بالابتعاد عن الباحثين الشرعيين التقليديين، مع ظهور دعاة يتمتعون بشعبية كبيرة ويفتقرون إلى التدريب الشرعى المعترف به، أمثال الداعية الإسلامى الشهير، عمرو خالد.
وذكرت المجلة أن آراء القرضاوى أقل دبلوماسية من آراء طنطاوى "وأقل إثارة للراحة"، فعلى سبيل المثال، أدان أحداث 11 سبتمبر، ولكنه يؤيد التفجيرات الانتحارية التى يشنها الفلسطينيون ويرى أن الهولوكوست عقاب إلهى ضد اليهود، ومع ذلك، حصد القرضاوى سلسلة من الجوائز المتنوعة من جميع أنحاء العالم الإسلامى، ويشاهد برنامجه أكثر من 40 مليون متفرج، واعتلى مركز أكثر مفكرى العالم شعبية وفقا لاستطلاع أجرته دورية فورين بولسى عام 2008.
وختمت المجلة تقريرها مشيرة إلى أنه "بم أن أوباما وساركوزى وصناع السياسة الآخرين يعرفون فى المنطقة بدعم الأنظمة الإسلامية الفاسدة على حساب الحركات الديمقراطية، فإنهم يتعين عليهم التركيز على الدعاة الذين يحظون بشعبية كبيرة أمثال القرضاوى أكثر من هؤلاء الذين فقدوا مصداقيتهم أمثال طنطاوى".
ومن ناحية أخرى، نشرت صحيفة واشنطن بوست تقرير أعدته وكالة الأسوشيتيد برس، قالت فيه إن طنطاوى الذى وصفته بـ"رمز التسامح والاعتدال الدينى" كان بين أكثر الشخصيات الإسلامية احتراما وتقديرا بالنسبة لمسلمى العالم الذين يبلغ عددهم 1.4 مليار شخص، وكان لأحكامه تأثير كبير، خاصة فى مصر، على الرغم من أنها لا تحمل صبغة القانون.
وأوضحت أن طنطاوى أثار غضب كثيرين عندما أيد زراعة الأعضاء ورفض ختان الإناث، ورأى أن المرأة تستطيع أن تتقلد مناصب قضائية وإدارية عليا فى الحكومة، ولكنه فى الوقت ذاته صدم الكثير من المسلمين عام 2004 عندما أيد خطوات فرنسا لمنع ارتداء الحجاب فى المدارس التابعة للدولة.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
الشيخ محمد سيد طنطاوى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة