فى بادرة لافتة للنظر استوقفتنى وأنا أتتبع قنوات التليفزيون يوم الأربعاء الماضى وفاة شيخ الأزهر دكتور محمد سيد طنطاوى رحمه الله. أدهشنى أن وجدت قناتى أون وأو تى فى، المملوكتين لرجل الأعمال المصرى القبطى المسيحى نجيب ساويرس وقد ظهرا وهما يتوجهما شارة حداد سوداء فى أعلى الشاشة فى لافتة طيبة وذكية منه لم نرها على أى من الشاشات الأخرى والذى ان لم يكن يتقدم بهذه اللافتة الطيبة لما لامه فيها أحد.. فهو ببساطة شديدة غير مضطرا لذلك.. وإذا عدنا بالذاكرة قليلا وليس بالكثير فإننا نجد أن نفس القناة أو تى فى تعرض فى خضم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فيلم الرسالة الذى يحكى قصة النبوة والهجرة وانتشار الإسلام فى سهرتها.. فى لافتة طيبة أخرى توحى لك بأن هذا الرجل يحمل فى طيات فكره صليبا يعانق هلالا.. وهذا ينعكس بصدق وتلقائية على محطتيه الفضائيتين الائى من الممكن أن يوجههما كما يحلو له.. ولكنه اختار الوسطية والاعتدال فى الفكر.. والذى أجد فيه أنه ليس اختيارا فى حقيقة الأمر بقدر ما هى تنشئة طيبة فى مجتمع كان ينعم بالصحة الدينية والفكرية والوطنية وليس مجتمعا معتلا كالذى نعيشه الآن.. ومن الممكن جدا أن يقول رأى آخر أن ساويرس بعيد كل البعد عن مسألة الديكتاتورية أو التسلط والتعنت فيما يعرض على شاشتيه وأنه مهتم فقط بمشروعاته الاستثمارية الأخرى .. فإن كان هذا صحيحا فإنه بالمصادفة يكون يتفق معى فى أنه رجل ليبرالى يترك للقائمين على محطتيه الفضائيتين هذه المساحة المحترمة للقيام بعمل حر .. كما أنه من المؤكد ثقة هؤلاء القائمون على بث الإرسال على الشاشة فى فكر ونزاهة ووسطية هذا الرجل.. وولائه واعتداله الفكرى تجاه باقى أفراد المجتمع من المسلمين. وهذا ما يكتشفه أى شخص عادى ليس من الضرورى أن يكون حاد الذكاء عند مجرد متابعة أى حوار ممتع يدار معه، فتستطيع أن تجد فى الحوارمع هذا الرجل ما يعكس لك مدى ليبرالية ووسطية ووعى هذا الرجل الذى هو خير مثال للمسيحى المصرى الحقيقى .. والذى أتمنى أن يكون خير مثال لكل من المسيحى والمسلم اللذين قد نسيا أن هذا هو الحال الذى كان سائدا من قبل.. فكان إذا توفى الجار المسيحى تجد الحزن والأسى يمتد فى بيوت جيرانه المسلمين والعكس صحيح.. الآن صار ما كان أمرا طبيعيا وصادقا صار عملة نادرة .. وصار احترام كل منا لحرية عقيدة الآخر أمرا يستدعى الوقوف عنده وتأمله.. نجيب ساويرس ..من حقك أن نرفع لك القبعة.
سمر الزهيرى تكتب: نجيب ساويرس.. من حقك أن نرفع لك القبعة
السبت، 13 مارس 2010 03:00 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة