يدافع عن الحق الدستورى للمرأة ويقدم نموذجا مشرفا للقاضى التقدمى

محمد الحسينى.. المستشار المحترم

الجمعة، 12 مارس 2010 03:02 ص
محمد الحسينى.. المستشار المحترم محمد الحسينى
محمد الدسوقى رشدى - تصوير: سامى وهيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما رفض السادة قضاة مجلس الدولة تعيين المرأة قاضية، لم يكن الرفض هنا مجرد حالة تعسفية ستنتهى بقرار إدارى يعتمدها أو حتى يقوم بإصلاحها.. هذا الرفض لم يكن مجرد قرار إدارى سيتم دشته أو ستأكله الفئران، ضمن ما تأكل من ملفات وأوراق حكومية تملأ مخازن غير مجهزة وغير متطورة..الرفض هنا كان يمثل نوعا جديدا من التمييز، نوعا ينتمى لتلك الفئة سيئة السمعة التى تتعارض مع حقوق الإنسان والحق فى المساواة، ولكنه فى نفس الوقت فتح شباكا جديدا ليرى الجمهور من خلاله علامة مضيئة ومحترمة فى السلك القضائى المصرى.. اسمها المستشار محمد الحسينى.

الحكاية ومافيها أن الله كان رحيما بمصر، حينما وضع المستشار محمد الحسينى رئيس مجلس الدولة فى طريق قرار جمعية مجلس الدولة العمومية التى رفضت فكرة تعيين المرأة قاضية بالمجلس، فى تحرك لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره عودة بالبلد إلى الخلف مئات السنين، كان الله رحيما حينما وضع المستشار محمد الحسينى فى طريق ذلك القرار، ليحفظ ماء وجه مصر أمام المجتمع الدولى بإصراره القوى وآرائه الصريحة والواضحة فيما يخص قبول تعيين المرأة قاضية، المستشار الحسينى اعتبر قرار الجمعية العمومية خطرا على سمعة مصر، وقال فى شجاعة إن ماحدث أمر خطير، يمس سمعة وكيان المجلس، ومستنكرا فكرة التعامل مع المرأة على أنها كائن درجة تانية، أو كائن قادم من كوكب آخر كما قال فى تصريحاته الأخيرة.

موقف المستشار الحسينى من مسألة تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة، يعكس حسا حضاريا عاليا لشخصية ذات ثقل سياسى وإدارى فى إحدى السلطات التى نعلق عليها فى مصر آمالا كبيرة فى تحقيق العدل، وعلى قدر مايكشف موقفه عن وجود شخصيات قضائية نجحت فى الفرار من عوالق المجتمع القديم، يكشف أيضا عن وجود تيار داخل مجلس الدولة يعانى من آثار العصور القديمة التى كانت فيها المرأة شيئا معيبا يجب الخلاص منه وقت الولادة، أو يجب تخزينها فى المنزل بين أربعة جدران، وهو أمر خطير إذا كنا نتكلم عن نخبة تمثل صفوة الصفوة داخل المجتمع المصرى، قدرها كقدر بقية النخب الأخرى، أن تتقدم لتقود عملية التطوير والتقدم وقيادة سفينة الوطن إلى حيث النهضة وقمتها، لا العودة بها إلى الخلف.

المستشار الحسينى ظهر كوردة يانعة ليضع برأيه وموقفه اللبنة الأولى فى بناء حائط صد نخبوى وجماهيرى، لمواجهة ذلك التيار الذى مازال ينظر للمرأة على أنها كائن منزلى، لا يرقى للصعود إلى منصة القضاء، رغم أن المرأة أثبتت تواجدها وقوتها فى كافة المجالات، ولم يكن غريبا على المستشار الحسينى أن يتخذ موقفا مثل هذا، فهو الرجل الذى وقف ضد التيار وأصدر من قبل حكما تاريخيا فى شأن إحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية، حينما أصدر حكمه بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة 34 من قيادات الإخوان إلى المحكمة العسكرية، وهو الحكم الذى حول المستشار الحسينى إلى بطل شعبى، بغض النظرعن تنفيذ الحكم من عدمه، فقد أدرك الناس وقتها أن فى السلك القضائى رجالا لا يخشون فى الحق لومة لائم، حتى ولو كان الرئيس نفسه، واطمأن الشارع المصرى إلى أن ثقته فى قضائه لا يمكن التشكيك فى ثوابتها مهما كانت الاستثناءات السيئة.

موقف المستشار الحسينى إذا وضعته بجوار مواقف وآراء أخرى، ستجد نفسك أمام رجل تقدمى، نحن فى حاجة إلى استنساخه لكى يملأ منصات القضاء، وقواعد النخبة فى مصر، فهو الوحيد من بين قضاة مصر الذى اعترف بفضل وقيمة الصحافة، واعتبرها شريكا أساسيا للقضاء فى نشر العدل والحق، واعترف أيضا أن الصحافة المحترمة من حقها أن تتابع القضاء بالشكل الذى يحفظ حق المجتمع فى المعرفة، وذلك على عكس الرأى السائد لدى القضاة بعدم منح الإعلام فرصة متابعة أدائهم، وهو نفس الرجل الذى وضع خططا للارتقاء بالعاملين فى مجلس الدولة بعد أن أصبح رئيسا له، حينما أوصى بتطبيق خطط تكنولوجية، ووضع سياسات جديدة تهدف إلى سرعة الفصل فى القضايا، ذلك الداء الذى أصبح مرضا مزمنا يعانى منه القضاء المصرى..الشكر وحده لن يكون كافيا إذا قررنا أن نوجهه للمستشار محمد الحسينى، والإشادة بمفردها لايمكن أن توفى هذا الرجل حقه والذى قرر أن يقف فى وجه التيار، لأنه الآن يخوض معركة تستدعى نوعا من المساندة طويلة الأمد، قوية الصوت، قبل أن يأتى يوم ما، نسمع فيه أن الناس تحفر فى الصحراء لدفن بناتهم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة