رمضان عبد الوهاب يكتب: المواطن وغياب الشفافية والرفاهية

الجمعة، 12 مارس 2010 10:38 ص
رمضان عبد الوهاب يكتب: المواطن وغياب الشفافية والرفاهية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعود الناس فى مصر أن يتقبلوا حياتهم اليومية بكل همومها وآلامها وأوجاعها كما تعودوا أن يتعايشوا معها, بكل مشاكلها, وأن يجتهدوا فى حلها بطريقتهم الخاصة ورغم كل هذه الصعوبات والأزمات التى تمر بها النماذج الكادحة فى مصر, فإن طيف الأمل لا يفارق أعينهم , فهم يتحلون بالصبر, رغم مرارة العيش ووطأة الفقر وتفشى المرض.. فى انتظار من سيحقق لهم العدالة الاجتماعية فى إطار من الشفافية والعيش الكريم.

مع أن المواطن ظل يسمع عن الحياة الكريمة طوال سنوات خلت, غير أنه لم يجد منها إلا صوراً قاتمة تتراءى له أمام عينيه فيجدها إما فى زحام الناس الكثيف أمام طوابير المخابز, للحصول على بضع أرغفة خبز صّنعت من قمح ردىء أو فاسد لا يصلح للبشر ويعف عنها الطير, أو فى نقص أنابيب الغاز, أو فى ارتفاع أسعار السلع التموينية, أو فى قلة موارد الدخل, أوفى انعدام الرعاية والعناية بالمرضى فى المستشفيات العامة, أوفى انخفاض مستوى التعليم, أوفى اعتصام العمال والموظفين فى قطاعات العمل المختلفة أمام مجلسى الشعب والشورى للمطالبة بحقوقهم, وكذلك فى طابور العاطلين بدون عمل لأسباب معلومة وتتجاهلها الجهات المعنية بالدولة, وهذه صور حقيقية يؤكدها الترتيب الإنسانى المتدنى لمصر، حيث أشارت المنظمات العالمية للحقوق الإنسان فى تقريرها أن مصر قد بلغت المرتبة 132 من مجموع 175 مرتبة فى العالم.

ومع ذلك فإن المواطن يحاول جاهداً, فى أن يحسن الظن بالمسئولين, فيصدقهم فيما يدعونه من تصريحات وإصلاحات تنم عن الشفافية أو عن الأمل فى تحسن الأوضاع الحالية, ويكذب فيهم ما رأته عينه, أو سمعته أذنه من آراء الخبراء والمحللين عن الرشوة والمحسوبية التى غرقت فيهما الأجهزة الإدارية بالدولة, ويحمد الله تعالى, على نقاء ضمير المسئولين، غير أن المنظمة العالمية لحقوق الإنسان نفسها لم تكد تتركه يهنأ بظنه هذا, إلا وتفاجئه من واقع الإحصائيات العالمية بأن مصر تحتل المركز (111) من الشفافية فى العالم, فتعيد المواطن مرة أخرى إلى رشده وترد إليه صوابه, وتؤكد ظنونه السابقة فى صور الفساد الواضحة, والتى ظهرت أمامه فى الآونة الأخيرة بتحصل رجال أعمال, ومسئولين بالدولة, على العديد من قطع الأراضى تبلغ مساحتها الآلاف الأمتار لأنفسهم ولزوجاتهم ولأولادهم ولأحفادهم، بمناطق الحى الخامس ومحافظة سيناء وغيرها من المدن الجديدة وقد أحيل أولئك وهؤلاء بالفعل للنائب العام وهم الآن رهن التحقيقات.

لاشك أن المواطن يرى بعقله, غياب كل من الشفافية والرفاهية والعدالة الاجتماعية عن حياة البسطاء من الناس, ولا يأمل فى أن تصل إليه يوما ما من الأيام, ويزيد من يقينه فى ذلك وجود بؤر من الفساد بقطاعات الدولة, تهدر المال العام, وتلتهم حقوق الطبقة الكادحة التى طالما تمنت يوما أن تتحقق أحلامها المشروعة, فى الحصول على الدعم المخصص لها من الحكومة, أو أن تتحصل على قرار من قرارات وزارة الصحة للعلاج على نفقة الدولة.

ولكن سرعان ما كانت تذهب أحلام هذه الطبقة أدراج الرياح, فلم تحصل على هذا أو ذاك، فأما الدعم المخصص لها, فقد أثبتت اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب, بأن هذا الدعم يذهب إلى غير مستحقيه بنسبة 80% ولم تستفيد منه الطبقة الفقيرة, وأما قرارات العلاج على نفقة الدولة فهى توزع فقط, على نواب مجلسى الشعب والشورى, والتى شهدت اختلافاً كبيراً بين النواب تحت قبة البرلمان بسبب غياب عدالة توزيع هذه القرارات على المواطنين، فضلاً عن تقديم بعض النواب استجوابات بشأن قرارات العلاج على نفقة الدولة الصادرة لصالح بعض المسئولين أو رموز الدولة والمخصص لهم مبالغ طائلة تصل المليون جنيها أو تزيد وفى النهاية تثبت الأرقام والإحصائيات أن المواطن البسيط لا يصله من الدعم إلا نسـبة تصل 20% فقط بينما يذهب باقى الدعم إلى غير مستحقيه من فئات الشعب القادرة, وقلما يتحصل الفقراء على قدر من الشفافية أو الرفاهية أو من العدالة الاجتماعية وهذا القدر القليل بالطبع لا يسمن ولا يغنى من جوع.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة