لا أخفى عليكم.. كم كنت حزينا فى اليومين الماضيين.. حيث ضغوطات الحياة ومتطلباتها تحاصرنى من كل جهة.. حتى وصل بها الأمر إلى حرمانى من أعز شىء عندى.. ألا وهو "الكتابة".
لكن وفى ظل "رزنامة" الهموم.. تنفست الصعداء قليلا عندما شاهدت كوميديا من نوع آخر ألا وهى "الكوميديا السياسية".
لم أكن أتوقع أن تلك "الكوميديا" تمتلك العصا السحرية لقلب نظام حياتى من هم وحزن إلى ضحك وصل حدها للهستيريا..
بداية وأنا اتصفح الإنترنت.. كانت إحدى يدى تحمل كوبا من "الشاى باللبن" كالمعتاد.. وبيدى الأخرى أتنقل بين مواقع الإنترنت العالمية.. عندها استوقفنى خبر مؤتمر دول مجموعة العشرين والذى انعقد منذ أيام قليلة فى منطقة "دوكلاند" الشهيرة فى مدينة الضباب...لندن..
فى هذا المؤتمر.. كان يجلس على مائدة الحوار أقوى دول العالم اقتصاديا والذى تمثل اقتصادياتهم 90% من الاقتصاد العالمى.. و80% من التجارة العالمية.. وثلثى سكان العالم.. اجتمعوا لحل الأزمة الاقتصادية بطريقتهم "الكوميدية".. وانتهى المؤتمر بجمع ضخم للتبرعات وصل إلى 1.1 تريليون دولار.. على رأى محمد صبحى فى عائلة ونيس.. (وااااااااااااو).
وعندما قرأت بنود الاتفاقية كدت أسقط على الأرض من الضحك.. ولكنى تذكرت أن بيدى كوبا من "الشاى باللبن".. ما أن أسقط ستسقط هى الأخرى على الأرض.. وحينها سأتولى مسألة تنظيف ليس فقط الغرفة وإنما البيت بأكمله عقابا على جرمى (حكم القوى على الضعيف). لذا قاومت شهوة الضحك..
فأول بند فى الاتفاقية.. لا مشكلة فيه.. فقد قرروا جمع 500 مليار دولار ووضعه فى صندوق النقد الدولى لمساعدة الاقتصاديات المتعثرة للدول الفقيرة.. أما البند الثانى فهو "مختلف تماما" مع ابن عمه البند الأول.. فهو ينص على وضع 250 مليار دولار لصندوق النقد الدولى لمساعدة الدول الفقيرة.. لكن هذه المرة مشروطة.. بخدمة مميزة ألا وهى.. السحب على المكشوف.. حقا شتان بين البند الأول والثانى!!!!
ولكنهم نسوا أن يضعوا بندا مهما يفيد إلى وجود سحب على سيارة "لاند روفر شيفروليه 2009" لأكثر دولة سحبا على المكشوف.. أما أقل الدول سحبا على المكشوف.. فيكفيها الدخول فى مسابقة "امسح واربح".
الغريب والمضحك فى آن واحد.. أن الدول الفقيرة.. عندما تفكر بالاقتراض من صندوق النقد الدولى.. يتم إمضاؤها على اتفاقيات أمثال.. "النفط مقابل الغذاء".. "الأرض مقابل الغذاء".. وهكذا
وبعد كل هذا.. أرفع شعار.
"اللى يعيش يا ما يشوف... فى دوكلاند خدمة السحب على المكشوف".
وبينما كنت احتسى رشفة من "الشاى باللبن" كنت فى نفس الوقت اضغط بيدى على "الماوس" لأرى ردود الأفعال.. يقول رئيس الوزراء البريطانى جون براون إننا سنعمل جاهدين لإيجاد فرص عمل حسب المعايير البيئية.. معايير بيئية!!!.. أى أن من يخاف على بشرته من أشعة الشمس يذهب للعمل فى الدول الباردة.
وذلك ليتسنى لهم الحفاظ على وسامتهم والجواز من "اليسا" أن أمكن لهم.. أو أن هواة الدب القطبى يذهبون للعمل فى المناطق الشمالية القطبية وهواة السلحفاة البحرية يذهبون للعمل فى الملاحة (وأسمع سلام البطالة بالمعايير البيئية).. ويقول أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.. إن ما قامت به الدول الغنية تجاه نظيرتها الفقيرة ليس شفقة ولا رحمة إنما التزام وواجب... الله أكبر.. يحيا العدل.. (أنا عايز أعيط).. لحظة عزيزى القارئ (أعيط) ثم أعود...
عدنا بعد "الدموع".. ولكن أكثر ما أضحكنى أنه بعد انعقاد المؤتمر بأربعة أيام قالوا إن هناك شركات ارتفعت أسهمها فى البورصة نتيجة القرارات اللى اتخذت فى المؤتمر....سبحان الله...هل "لحقوا" يجمعوا الـ1.1 تريليون دولار...ويقدموها لصندوق النقد الدولى ويقوم الصندوق بتوزيعها على أصحاب الاقتصاديات المتعثرة..وليس هذا فحسب بل ويظهر انعكاسها على أرباح الشركات فى البورصة......(ليه ...أبو تريكة).
هذه الحادثة تذكرنى بمسرحية "شاهد مشفش حاجة" للفنان عادل إمام عندما قال له القاضى.. (عملت ساندوتش المربى وشربت كوباية شاى وغسلت الكوباية فى ربع ساعة).... ألم أقل لكم ...كوميديا بقى.
أعتقد (إن لم أكن جازما) إننا لسنا بهذه السذاجة...
يذكر أن شركة ديزنى الشهيرة الأميركية استغنت بعد المؤتمر عن 1900 وظيفة وذلك للضائقة المالية.
بصراحة أشكر زعماء دول مجموعة العشرين.. لأنهم وحدهم استطاعوا أن يخرجونى من الحزن والهم.. وأقول لهم حمد الله على سلامتكم.
وتيتو تيتو.......... زى ما رحتوا زى ما جيتوا.
وإلى أن تنعقد القمة الحادية والعشرين نلتقى بإذن الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة