أكد دومينيك أسكويث السفير البريطانى لدى القاهرة خلال مدونته الجديدة على أهمية الحوار كوسيلة للتقريب بين الثقافات وتبادل وجهات النظر المختلفة بين الشرق والغرب، وكبديل عن استخدام العنف أو رفض الآخر دون معرفته جيدا.
وذكر فى المدونة – التى حملت عنوان "ما بين القول والفعل تبلى أحذية كثيرة"- أنه رغم وجود نماذج ترفض ثقافة الحوار إلا أنه هناك العديد من النماذج فى المقابل تعمل جاهدة من خلال الحوار على تقريب وجهات النظر المختلفة.
وكتب أسكويث فى مدونته التالى:
"ما بين القول والفعل، تبلى أحذية كثيرة" هناك بعض الأشياء التى يمكن أن تدفعك إلى الغضب اللاعقلانى. كان ذلك هذا الأسبوع هو صورة لطالب أندونيسى يرمى حذاء على ملصق يحمل صورة أوباما وعليه عنوان "أطردوا أوباما". يبدو أن هناك حركة بين الطلاب المسلمين فى إندونيسيا لمنع زيارة أوباما المرتقبة إلى دولتهم لأنه لم ينجز ما ذكره فى خطابه بالقاهرة فى يونيو الماضى.
لماذا غضبت؟ أوباما فى الواقع ليس رئيسى. لماذا أتضايق إذا أراد شخص ما إهانته؟ وربما يكون أوباما لم ينجز بنفس القدر الذى كان يأمله الكثيرون بعد خطاب القاهرة.
أعتقد أن ما أغضبنى هو التصرف المتعالى غير البناء والقبيح لشخص مصمم على ألا يشترك فى الحوار وألا يسمع رأيا آخر. إذا كنت كطالب مسلم غير راضٍ عن أداء أوباما فعليك أن تستغل فرصة زيارته لبلدك للمشاركة معه فى نقاش وطرح وجهات نظرك عليه. من الواضح أن أوباما يستمتع بهذا النوع من النقاش العام. أرى أنه من الحمق منع مثل هذا النقاش.
كما يبدو أنه يكشف عن سمة إنسانية شائعة وهى لوم الآخرين على ما لديك من مشكلات. يعد آخر تقرير للأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية مستندا شيقا للقراءة حول ذلك.
إنه تقرير مكتوب عـن المنطقة بمعرفة فريق من العلماء ومحللى السياسات والمتخصصين العرب المستقلين مـن المنطقة. يتعلق التقرير بما يطلق عليه "الأمن الإنسانى" والذى يعرفه التقرير بأنه تحرير الإنسان من تلك التهديدات الحادة والطويلة والشاملة التى تتعرض لها حياته وحريته. وهو كالعادة مستند أمين. سبب التقرير الأول فى عام 2002 إثارة كبيرة فى العالم العربى. أما هذا التقرير فلم يحظ بكثير من الاهتمام. كان هذا غريبا، فالتقرير يكشف عن نتائج مثيرة للقلق حول تدهور سيادة القانون والمساءلة والإدارة، وزيادة عدد من لا يحصلون على الغذاء الكافى وبطالة الشـباب – والتى تبلغ ضعف المتوسط العالمى.
والمشكلة كما يقول التقرير إن الدولة العربية الحديثة فشلت فى تطوير إحساس بالمواطنة بين مواطنيها. ينظر كثير من المواطنين نحو الخارج للحصول على الحماية بدلا من السعى للحصول عليها من داخل مجتمعهم. لم تكن "عقلية الحقبة الاستعمارية" هذه فى أى شىء أكثر لفتا للنظر مما كانت عليه فى الاهتمام الضخم بانتظار سياسات الشرق الأوسط الجديدة من إدارة أوباما.
أخرجنى من غضبى مثالان صادفتهما بعد ذلك لشباب يأخذون بأيديهم مسئولية محاولة تغيير بيئتهم. تعلق أحد المثالين بطالب مصرى من الأزهر يساعده المجلس الثقافى البريطانى فى تعلم الإنجليزية. ذهب هذا الطالب إلى برشلونة للمشاركة فى مؤتمر حول كيفية تحقيق تقدم حقيقى فى التعاون الاجتماعى والثقافى بين دول البحر المتوسط. يذهب إلى هذا الحدث متحدثون بارزون. قدم طالب الأزهر (الذى أعرفه جيدا – بل إنه قد أجرى معى مقابلة صحفية) عرضا رائعا لدرجة أنه أصبح المرجعية التى أراد الجميع التحدث إليها حول أفضل السبل لبناء المشاركات.
المثال الثانى هو مجموعة من الشباب من المملكة المتحدة ومصر والبوسـنة واليمن والمغرب وهولنـدا الذين سـوف يعملون لمدة ثلاثـة أشـهر فى أنشطة لخدمة المجتمع فى الشرقية بمنطقة الدلتا هنا فى مصـر – قبل قضاء ثلاثة شهور أخرى فى عمل نفس الشىء ببريطانيا.
هذا هو برنامج قام بتنظيمه المجلس الثقافى البريطانى ويسمى برنامج "التبادل العالمى". لقد قابلت مجموعات سابقة من الشباب الملتحقين بهذا البرنامج – فى المنيا وأسيوط. إنهم شباب مفعمون بالنشاط يساهمون فى البيئة المحيطة بهم ويحاولون تشكيلها – تماما مثل العراقيين الذين خرجوا للتصويت مرة أخرى، متحدين من يحاولون تفجيرهم. يا له من بديل مفرح يقدمه هؤلاء الشباب مقارنة بذلك الطالب ملقى الحذاء فى إندونيسيا.
سفير بريطانيا بالقاهرة ينتقد قذف تمثال أوباما بالحذاء
الخميس، 11 مارس 2010 04:18 م