رغم أن مؤلف مسرحية "حمام رومانى" بلغارى الجنسية، إلا أن المشاهد للعرض يشعر بأنه ولد وعاش فى حوارى الأحياء الشعبية فى مصر وأن العرض كتب خصيصاً من أجل تناول مشكلة أى مواطن بسيط فى أى مكان على وجه الأرض.
فالمسرحية تتعرض بأسلوب ساخر للصراع بين الإنسان الشريف وبين القوى الانتهازية التى تضرب سعادة الآخرين عرض الحائط لتحقيق طموحاتهم ومآربهم الشخصية من خلال المواطن "إيفان أنتونوف" الذى يخرج فى رحلة بحرية لمدة 20 يوماً وإذا به يعود من جديد فيجد بيته قد تحول لموقع أثرى بعدما اكتشف عالم الآثار والأستاذ الجامعى "أنا نييف" حماماً رومانياً لعصر الإمبراطور "بوبليان" وهنا تتوالى على المواطن فى بيته الشخصيات العديدة التى يحمل كل منها مصلحة ما بداية من تاجر الآثار الذى يريد أن يعقد صفقة مع المواطن ويقوم بعملية تهريب للآثار ومروراً بالشاب المنقذ الذى عينه الاتحاد الرياضى كمنقذ على حمام السباحة ويحمل فى جيبه أمر تعيينه وانتهاءً بموظف الحى الذى يريد أن يستغل الحدث ليفوز فى مسابقة الأحياء وغيرها من الشخصيات.
لكن الأكثر قسوة وقهراً كان عالم الآثار الذى احتل بيت المواطن واخترق خصوصيته وحول منزله لمكان يكتب فيه أبحاثه مرة وينام فيه مرة ويلتقى بحبيبته "مارتا" مرات عديدة، لكن حبيبته تكتشف أنانيته ووحشيته فتدخل فى قصة حب شديدة مع المواطن ويتصارع الجميع على الاستيلاء على الجمام الرومانى إما بمحاولة كسب ود المواطن وإما بالطرق الملتوية وأحياناً بالعنف لكن ينتصر المواطن فى النهاية بمساعدة حبيبته ويخرج الجميع من مسكنه ليستمتع بحياته مع حبيبته.
نجح المخرج هشام جمعة ببراعة فى توظيف قاعة "صلاح عبد الصبور" بمسرح الطليعة وأدخل مشاهدى العرض فى جو المسرحية ورسم حركة متدفقة جميعها تبرز جو الصراع الكائن داخل النص بين المواطن "إيفان أنتونوف" وكل الشخصيات التى تمر عليه وكان المشهد الأخير خير معبر عن ذلك الصراع وساعد مهندس الديكور ربيع عبد الكريم المخرج هشام جمعة فى رسم حركته بما صممه من ديكورات قوية متينة على شكل حمام سباحة رومانى تحوطه الزخارف والتماثيل الأثرية والأخشاب التى تحمل الحمام وتسند الأماكن التى تم حفرها من الداخل والخارج والتى تصور الموقع الأثرى وكأنه لوحة متداخلة ورغم صغر المساحة داخل القاعة إلا ربيع استغلها جميعاً واستخدم نفس الخامات الطبيعية التى يتم الحفر بها لتكوين الشكل الحقيقى للموقع الأثرى.
ورغم تفوق محمد محمود فى أدائه البسيط السهل الممتنع وأحياناً الكوميدى فى تجسيد شخصية المواطن "إيفان أنتو نوف" ومعايشته لتفاصيل شديدة الخصوصية استخدمها فى التعبير عن مأساته قابله أداء متوازٍ وحاد جداً لشخصية الأستاذ الجامعى والباحث الأثرى "أنا نييف" التى جسدها الممثل أيمن الشيوى ونجح الشيوى فى إظهار مدى الأنانية المختلطة بالخبث واللؤم والخديعة فى محاولته للسيطرة على المواطن وهناك أيضا الممثلة نيفين رفعت التى لعبت شخصية "مارتا" حبيبة العالم التى تكتشف خداعه وزيفه وأنانيته فتتعاطف مع المواطن وتحبه وتساعده فقد كان أدائها متناسب مع كل مرحلة مثلتها ففى البداية أظهرت مدى الحب واللهفة لحبيبها عالم الآثار، ولكنها عندما صدمت فيه حولت أدائها وعندما تعاطفت مع المواطن وأحبته استخدمت أداءً حالماً مختلفاً عن الأداء الذى بدأت به العرض.