محمد حمدى

حتى القضاء.. ينهار!

الخميس، 11 مارس 2010 12:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ سنوات عديدة لا يمكن حصرها، فوض المصريون أمرهم لله، ثم راهنوا على عدالة القضاء الذى نعتبره جميعا الحصن الأخير لرفع المظالم، ورد الحقوق لأصحابها، لكن الصديقة العزيزة نشوى الحوفى نشرت اليوم فى المصرى اليوم عرضا لرسالة دكتوراه تدق ناقوس الخطر، وتحذر من أن القضاء على وشك الانهيار.

الرسالة بعنوان "أثر الإصلاح المؤسسى والتنظيمى على كفاءة الخدمات العامة المقدمة للجمهور فى الجهاز القضائى"، أعدتها الباحثة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة صفاء يوسف صدقى وتناقشها اليوم فى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، وتذكر فيها الكثير من الإحصاءات المهمة والخطيرة، لعل من أهمها أن 41% من المتقاضين لا يثقون فى أحكام القضاء، و59% ليس لديهم مانع فى خصخصة بعض خدمات الجهاز القضائى، إضافة إلى استعراض حالة أبنية العدالة وعدد القضايا التى ينظرها كل قاضى، ومرتبات القضاة وغيرها من الأرقام والإحصاءات التى تحفل بها الدراسة.

وأعترف أمام الجميع أن علاقاتى بهذا الجهاز تقتصر على أقارب وأصدقاء من القضاة، وغالبا ما أزورهم فى مكاتبهم أو فى نادى القضاة، لكننى لم أدخل قاعة محكمة سوى مرتين فى حياتى، الأولى لاتهامى بإثارة شغب خلال انتخابات مجلس الشعب وأنا تلميذ فى المرحلة الثانوية، حيث كنت أساند مرشحا معارضا فى مسقط رأسى المحلة الكبرى، وقرر القاضى تسليمى لولى أمرى لأننى كنت حدثا صغير السن!

والمرة الثانية حين توفى والدى وذهبنا للمحكمة لإصدار إعلام وراثة، وفى المرتين لفت انتباهى السوء والإهمال الكبير لقاعات المحاكم مقارنة بما أشاهده فى الأفلام الأمريكية، والتكدس الكبير للمواطنين فى أروقة ودهاليز المحاكم بشكل غير آدمى مما فكرنى بنص بديع من مقامات الحريرى يدور فى أروقة المحاكم..لكن الشىء الثانى الذى لفت انتباهى أن عددا كبيرا من القضاة لا يلتزمون بالحضور فى مواعيد الجلسات، وكأن القضاة أكبر من الناس.

حينما قرأت عرض رسالة الدكتوراه عادت هذه الذكريات، لكن الأهم منها هو تراجع ثقة المواطنين بأحكام القضاء، وحين يفقد الناس ثقتهم بالقضاء يفقد المجتمع آخر حصونه.. وهذا أمر خطير جدا وينبئ بأننا قد نكون أقرب إلى الانهيار مما نتصور.. أو نتوقع!

البعض قد يقول ولماذا نستثنى القضاء من الانهيار، فكل المهن والطوائف فى مصر تتراجع، والقضاة جزء من هذا المجتمع وليسوا منعزلين عنه؟.. ورغم أن هذا صحيح فعلا، لكن إذا كنا جادين فعلا فى الإصلاح، فلابد من إصلاح القضاء، بالبدء فى زيادة عدد المحاكم والقضاة، حتى لا يحصل أى قاضى إلا على عدد محدود جدا من القضايا، ليتمكن من دراستها، ولا بد من التركيز على تثقيف القضاء قانونيا، ومن تحسين أوضاعهم المادية، فى نفس الوقت يجب إصلاح أحوال المحاكم والنيابات لتتمتع بالحد الأدنى اللازم لأماكن يحشر فيها المواطنون حشرا.. بالساعات!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة