يسرى فودة

الفصل بين الجنسين ونعمة العقل

الأربعاء، 10 مارس 2010 08:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى اليوم العالمى للمرأة اخترت، من بين نماذج كثيرة مشرفة، نموذجاً نادراً لامرأة مصرية بمعايير دولية. ربما يجد البعض فيه تشدداً وربما يجد البعض فيه انفلاتاً، وربما يجد البعض الآخر فيه تحقيقاً للمعادلة الصعبة.

ولدت قبل نحو أربعين سنة لأب مصرى مسلم وأم أمريكية مسيحية. وإذا كان البعض يرى فى ذلك تناقضاً فقد حسمت هى أمر انتمائها من زمن بعيد؛ ذلك الانتماء الذى حدا بها إلى أن تلقى بجواز سفرها الأزرق إلى السفارة الأمريكية فى القاهرة بسبب العراق وغير العراق، وحدا بها أيضاً إلى أن تغامر بزيارة المسجد الأقصى براً أمام دهشة جنود إسرائيل تضامناً مع شعبنا فى فلسطين.

هى طبيبةٌ هجرت الطب وتفرغت لتربية أبنائها وبناتها الأربعة ولمجموعة من الأنشطة المهنية والاجتماعية والشخصية يتوه المرء فى حصرها، تبرز من بينها أنشطة لا تجذب كثيرات من نساء العرب، كالغطس فى أعماق البحار وركوب الخيل واعتلاء قمم الجبال والتزحلق على الجليد والقفز من بين السحاب، وغيرها وغيرها. كل هذا وهى ترتدى حجاب المسلمات ولا يفوتها فرضٌ من فروض الله.

إنها الدكتورة نادية العوضى، رئيسة الاتحاد العالمى للصحفيين العلميين (نسبة إلى العلم لا العلمانية)، التى تتخذ من إتقانها اللغة الإنجليزية واستيعابها الذهنية الغربية وسيلة للدفاع عن الإسلام المتنور والثقافة الأصيلة والحقوق المسلوبة. تفعل هذا من خلال المقالات والندوات وأيضاً من خلال مدونتها باللغة الإنجليزية التى تحمل عنوان Inner Workings of My Mind وهو ما يمكن تعريبه إلى «بنات أفكارى» ويمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط http://nadiaelawady.wordpress.com/.

قبل أيام قليلة طرحت فى مدونتها تساؤلاً قد يعتبره البعض مستفزاً: »هل جلوسك إلى جوار شخص من الجنس الآخر أثناء محاضرة عامة لا يساعدك على التركيز؟« جاءت إحدى الإجابات من إحدى السيدات على سبيل المزاح: «يتوقف الأمر على مدى وسامته؛ فلو كان لبنانياً يستخدم عطر آكس، الذى تقول الإعلانات إن المرأة لا تستطيع مقاومته، فربما تكون الإجابة بنعم». ولأنها تستخدم العقل الذى زينها به الله للوصول إلى الحقيقة مع قليل من الدعابة المحببة فقد تلقفت الدكتورة نادية هذا التعليق وحولته إلى إعلان للبحث عن شاب لبنانى وسيم يستخدم ذلك العطر ويقبل أن يكون فأر تجارب للوقوف على مدى صحة الفرض العلمى الذى صاغته فى صورة الارتباط الإيجابى.

ربما تندهش، لكن التجربة الإنسانية تعلمنا أن أكثر الأعمال نجاحاً هى تلك التى يتم إنجازها بعقل منفتح وقلب منبسط وروح شفافة على استعداد لقبول الحقيقة سواء اتفقت مع آرائنا أو لم تتفق. ومع احترامنا للفتاوى الدينية فى هذه المسألة، التى يتشدد بعضها ويتيسر بعضها الآخر، من واجبنا على أنفسنا أن نختبر نتائج الدراسات المتتابعة التى أثبتت تفوق البنين والبنات فى المدارس المختلطة مقارنة بأقرانهم فى المدارس أحادية الجنس، وتلك التى أثبتت ارتفاع أداء الموظفين والموظفات فى بيئة مختلطة. إن الاختلاط لا يعنى بالضرورة قلة الأدب؛ فقليل الأدب لا يحتاج إلى اختلاط عام أمام أعين الأشهاد كى يمارس قلة أدبه، بل إلى عكس ذلك تماماً. إننا لسنا مجرد «أشياء» ولا نحن «بهائم»، وإنما نحن بشر كرمنا الله بالعقل واستأثر لجلاله وحده بالحكم على السرائر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة