حالة من الاستغراب والدهشة تعترينى ليس فقط تلك الأيام ولكن منذ فترة طويلة فمع أولى خطواتى بالحياة وأنا أرى والدى شديد التعصب أمام الكرة، ومش ممكن يتزحزح عن انتمائه للنادى الأهلى فهو أهلاوى صميم حتى النخاع، ودائما ما كان يردد أننا بيت أهلاوى كلنا لابد أن نكون شديدى الولاء "للفلنه الحمرا" ودوما ما كان يوم الماتش يوم الطوارئ العالمى فلا يجروء أحد أن يقترب من بابا أثناء الماتش ولمده 90 ق وتبقى يا ليله سودا لو الأهلى خسر يالطيف.
طبعا لا أعيب على والدى ولاعلى أى متعصب خلقه ربنا لتلك الساحرة الشريرة أقصد المستديرة لكننى أتسائل لماذا كل هذا التعصب وحرقه الدم، ما النفع الذى سوف يعود علينا إحنا المشاهدين الغلابة من كل هذا الصراخ والعويل ماهى المتعة الواردة من أن استقطع من قوتى وقوت عيالى كى أذهب للاستاد لأشاهد الماتش مع أن البلد مليانه تلفزيونات.
"ملحوظة كل لاعب من لاعبى المنتخب بعد ماتش مصر والجزائر الأخير فى حالة الفوز كان سوف يحصل على 6 مليون جنيه دا غيرا المكافئات والهدايا والذى منه"
نرجع مرجعونا بيقولك إيه ياسيدى لا وكمان الشاب من دول يستميت من أجل الحصول على تذكره للماتش ومش مهم لو تتقطع الهدوم وهدوم اللى جمبه.
"معلومة دفتر التذاكر الواحد بيعمل"1.000.000جنيه "دا فى سعره العادى والطبيعى بعيدا عن السوق السودا يعنى والذى منه"
كل ذلك لمشاهدة قطعة من الكاوتش تتقاذف بالأرجل داخل ساحة كبيرة من مئات الياردات لينتهى بها المطاف داخل أحضان قطعة شبكية ممزقة وأكون أنا فى حالة من الانهيار العصبى أمامها مع كل صفارة حكم أو شوطة لاعب.
"على فكره فى شخص توفى بالسويس قبل مباراة مصر والجزائر قبل الأخيرة من شدة توتره وقلقه على نتيجة الماتش وآخر أصيب بارتفاع مفاجئ فى ضغط الدم وهو بيشترى تذكره.
ليس ذلك وحسب أى والله ولكن لا مانع أيضا من تراشق الكلمات والسباب والعلب الكانز والعصيان والشماريخ سواء قبل أو بعد "اسمع دى بقا عمرك سمعت عن تعصب على رغيف العيش أو سعر أنبوبه أو حتى مظاهر فرح وسعادة فى عيد من الأعياد القومية كما هو الحال فى احتفالات الشعب المصرى عقب فوز المنتخب بالمباراة"
أكاد أجن، لكن الكارثة الأكبر التى نقوم بها تحت دافع الحب لتلك
الساحرة الشريرة إننا نغذى تجارة السوق السودا ونصنع من أجلها حالة من الانتعاش بقوتنا وقوت عيالنا لما نوافق على أننا نشترى تذكرة بالشيء الفلانى علشان أروح يتحرق دمى ولا أرجع مضروب.. بالذمة ده كلام.
أعرف أن كثيرين لن يأتى كلامى على هواهم بل ومن الممكن أن أصبح ملعونة فى كل كتاب ولكن أنا لا يعنينى كلام وليد عن لحظه اندفاع، فأنا لا يعنينى نحقق الفوز أو الخسارة فى ماتش كرة فهذا لن يعمل على محاربة وباء أنفلونزا الخنازير، ومن قبله الطيور ومن قبله غلاء الأسعار وتوحش البشر فى الشوارع وفوزنا أو خسارتنا لن تقل معدلات التحرش أو عمليات الاغتصاب الجماعى للفتيات والنساء، فوزنا أو خسارتنا لن يزيد من وعى الناس حول ضرورة معرفتهم بأقل حقوقهم فى التعليم والصحة والأكل ولن يحنن قسوة الدولة على أبنائها العائدين فى الصندوق الأسود من على حدود إيطاليا ( أصله طلع مابيعرفش يعوم)، اللهم سوى بعض من أبنائها اللعيبة الحريفة، فوزنا أو خسارتنا لن نعيد إحياء من ماتوا بعبارة السلام 98 وإرجاع البسمة لشفاه أهاليهم، ولا ماتش كورة قد يحرر الجولان أو شمال لبنان أو لعراق أو فلسطين أو يحل من أزمة إيران
الطامة الكبرى يا سادة هل لو نزلنا بعد الماتش بيومين وقولنا لأى واحد ماشى فى الشارع أن كل لاعب هياخد بعد الماتش 6 مليون جنيه تفتكروا هيكون ردوا إيه !!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة