محمد الدسوقى رشدى

بمناسبة معرض الكتاب.. أرجوكم للخلف در!

الأحد، 07 فبراير 2010 12:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد تكون مجرد فكرة عبثية أو غير منطقية أو قد يكون التفكير فيها شئ من هذه الأشياء التى نطلق عليها الجنون بعينه ولكنها ومع احترامى للكل، السادة التقدميين، والسادة محبى الزمن الجميلن والسادة الذين يقفون فى منطقة البين بين، تظل فكرة بل رؤية وقد نعتبرها مطلب مشروع !

ما هو رد فعلك إذا عرفت أننا.. أنا وصاحب هذا الكتاب نطالب بمحاكمة عادلة وفى ميدان علنى للسيد المذكور والمعروف فى الأوساط الإنسانية باسم الراديو ومعه التلفزيون أيضا بتهمة خيانة الوجدان المصرى وتبديد التراث وقتل الموهبة وصفحات أخرى من التهم تنتهى بتهمة القضاء على بعض من الجمال الذى تحمله نفوس المصريين.

الدكتور محمد حسن غانم فى كتابه "أغانى الأفراح فى القاهرة الكبرى" الصادر منذ عدة سنوات -تذكرته بسبب صديق لى لم يقرأ كتاب واحد منذ ثلاثة أعوام- يذكرنا بتلك الموهبة التى كانت تعيش حالة انتعاش فى قلوب كل الناس تتغير وتتطور وتنمو وتسمو داخل النفوس المصرية التى تطل رؤوسها من شرفات المنازل أو التى تستلقى أجسادها على جسور الترع فى ساعة ضهرية بعد عناء صباح شاق يذهب عناؤه وتعبه بتلك الفترة من الراحة التى يعيش فيها المصرى فى تلك اللحظة الحاسمة مابين الموت والحياة وهو يدندن ببعض الكلمات والألحان التى ورثها عن الأجداد.. تلك الموهبة التى شكلت تراثا غنائيا خالصا مخلصا ملك للمصريين يرى الدكتور أن ظهور التلفزيون والراديو ساهموا فى قتلها ليس الراديو فقط بل ومعه الفقر الذى خلق الهم وألقى به فى قلوب الناس وسمح لمشاغل الحياة أن تسيطر على خيالهم وعقولهم ونجحت رحلة البحث عن الجنيه والمليم فى أن تنتزع من النفوس ذلك الجمال الذى يغذى النفوس ويدفعها لإبداع تلك النغمات والأفكار التى كونت الفلكلور المصرى.

والفلكلور عرفه الدكتور غانم بأنه تلك الفكرة أو النغمة أو التعبير الذى يتلقاه الفرد أو يلاحظه من جيرانه أو زملاؤه ويتأثر به ويعيد صياغته وسبكه ليلقيه إلى موهوب أخر يحوله إلى عمل فنى جذاب ينتقل إلى شخص أخر وثالث ورابع من فئة إلى أخرى ومن بيئة إلى بيئة مكتسبا مشاعر جديدة تصنع منه عمل فنى خالد مقيم فى الوجدان الجماهيرى تتغنى به الناس فى المناسبات وهذا التراث الشعبى يعتبره الدكتور غانم كنز لا ينضب يعبر عن جوهر الشخصية المصرية كما لم يعبر عنها شئ آخر يصف ويجسد ملامحها الوطنية والإنسانية والتاريخية .

الدكتور غانم فى كتابه الذى يرصد فيها بجهد مشكور عليه أغانى الأفراح فى القاهرة الكبرى يؤكد أن من أجمل الأشياء أن يعيش الإنسان ليستمتع بسماع وترديد ما استمتع سابقا فى صناعته وخلقه فالأغنية التى تصل للقلب وتجسد ملامح الإنسان هى تلك الأغنية التى ألفها الناس لأنفسهم بأنفسهم ولحنوها وغنوها دون انتظار مقابل مادى أو شهرة لحنوها وغنوها لا لشئ سوى لإرضاء مزاجهم فجاءت كل كلمة من تلك الكلمات التى غناها المصريون للاستمتاع بها فى أفراحهم وأحزانهم لتعكس ظاهرة نفسية وخاصية اجتماعية فى المجتمع .

وما ألفه وغناه المصريون فى تراثهم لا يقتصر ولا يقف عند منطقة معينة فالحزن مثل الفرح فى تراث الأغانى بل يتفوق عليه فهو يحتل مساحة كبيرة من الجانب الحياتى والروحى للشخصية المصرية حتى لو جاء الفرح لحد باب المصرى فهو يتبع ضحكاته بجملته الشهيرة المعروفة "خير اللهم اجعله خير".

أكثر مايمكن أن يفرح المصريين كما يرى الدكتور غانم هى أفراح الزواج والخطوبة فأهل المحروسة يتفننوا فى الاحتفال بتلك المناسبات فأفراح الزواج هى أكثر ما كتب عنه المصريون فى تراثهم الغنائى ففى الأفراح لا صوت يعلو فوق صوت المتحدث الرسمى بإسم الفرح فى مصر "الزغرودة" التى تنطلق صافية مرحة تنساب من بين الشفاه وعبر ذلك اللسان الذى يتلاعب داخل تجويف الفم، تنطلق لتبعث النشوة فى القلوب، وتعلن بدأ الفرحة يتلوها العديد من الأغانى والمقطوعات الشعبية ففى الأفراح المصرية الأصيلة تتقدم إحداهن وتطوع بأن تقود الكورال الغنائى قد لايعرفها أحد، وقد لا تكون من العائلة وقد يكون تصادف وجودها فى ذلك المكان وقت الفرح فقررت أن تقوم بالواجب فتؤدى واجبها على أجمل وجه، وتنطلق فى ترديد الأغانى التى يعتبرها الدكتور غانم مثل الأمثال والنكت مؤلفها ومبدعها مجهول لأن مؤلفها الطبيعى هو الحس الشعبى وكل منطقة فى مصر لها خصوصيتها وأغانيها وقد تتشابه الاغانى فى مناطق مختلفة ولكن تختلف بعض الكلمات وبالطبع تختلف اللهجة .

ويحلل الدكتور غانم أغانى الأفراح هذه ليخرج بأن الأغانى التى يرددها النسوة فى الأفراح يحمل معظمها طابع جنسى مما يعتبره الدكتور دليل قوى على حرية المرأة فى الإبداع على المستوى الشعبى بل أن بعض الاغانى تحمل تلميحات صريحة لأماكن حساسة فى الجسد غرضها كما يقول المؤلف هو تهيئة الجو للعروس والعريس، وغناء النساء لتلك الأغانى التى تحمل طابع جنسى دون خوف وأحيانا فى حضور بعض الرجال يعتبره المؤلف دليل قوى على اختفاء الرقيب الشعبى المتعصب الذى نراه مسيطر على أجواء الحياة الرسمية، كما أن هذه الأغانى فى معظمها يتغنى بالشرف وضرورة فرحة الأهل بأن ابنتهم رفعت رأسهم بحفاظها على بكارتها.

عموما الدكتور محمد غانم لم يحرمك من شئ فى هذا الكتاب لأنه تفضل بجهد مشكور وعرض لك كافة الأغانى التى ترددها الفتيات فى افراح محافظات القاهرة الكبرى أرجو أن تبحث عن الكتاب لكى تقرأها وبعد كده نبقى نتناقش فى موضوع المحاكمة الشعبية للراديو أو ننزل منادى يدور على الموهبة والبسمة الللى تاهت من نفوس المصريين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة