محمد حمدى

الفرح ليس له دين

الأحد، 07 فبراير 2010 12:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما خرج المصريون للاحتفال بفوز فريقهم الوطنى بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالى فى إنجاز غير مسبوق، قال أحد المعلقين إن المحتفلين كانوا من المسلمين والمسيحيين، فرحوا معا واحتفلوا معا، وصار هذا الكلام نموذجا يتكرر على كل الألسنة للدلالة على حالة التعايش بين المواطنين المصريين!

والحقيقة أن مثل هذا التوصيف يفتقد للدقة فى كثير من الأحيان، وهو توصيف فى غير موضعه أيضا، لأن مثل هذا المثال يوحى وكأن هناك شكوك فى علاقة المسيحيين بوطنهم، وهذا غير مطروح على الإطلاق، كما أن التوتر أو الفتنة أو حتى النزاع الطائفى فى أقصى درجاته عنفا لا ينسحب بالضرورة على علاقة المواطن بالوطن.

المشكلة الحقيقة فى هذا السياق هى أننا لا نريد الاعتراف بوجود مشكلة تعايش حقيقية بين المصريين، لذلك نستغل بعد الأحداث الوطنية العارضة للتدليل على وطنية المواطنين، وهو موضوع ليس محل شك، ولا هو مطروح للمناقشة، وإنما القضية الأساسية هى الاحتقان الطائفى الذى يؤثر على العلاقة بين الملسمين والمسيحيين، ويجعل التعايش بينهما صعبا فى أحيان كثيرة.

وأخشى ما أخشاه أن يستمر التعامل العارض مع مشاكلنا الحقيقية والمزمنة بمثل هذه الخفة أو الاستنتاجات الخاطئة المبنية على أسس غير موضوعية، مما يعنى أننا من النوع الذى يفضل دفن رأسه فى الرمال، بدلا من أن ننظر إلى جوهر المشاكل ونسعى إلى اجتثاثها من جذورها.

وفى الحالة الدينية فى مصر ليس خافيا على أحد ـ كما قلت من قبل ـ أن جوهر المشكلة يكمن فى حرية بناء دور العبادة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، صحيح أن الرئيس نقل صلاحياته فى بناء الكنائس إلى المحافظين، لكن حتى مثل هذا القرار يمثل نوعا من التمييز، لأنه من المفترض فى وطن متعدد الأديان أن تسرى قواعد واحدة لبناء دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس.

وبينما يبدو قانون بناء دور العبادة الموحد متعثرا، لماذا لا يتم حل هذه القضية عبر قانون البناء الموحد، بإجراء تعديل تشريعى ينص على بناء دار للعبادة سواء كانت كنيسة أو مسجد لكل عدد محدد من السكان، والتعامل مع هذه القضية بشكل بسيط جدا، وأعتقد أن خبراء التنمية العمرانية وتخطيط المدن لديهم نماذج محددة توضح عدد المدارس والمستشفيات ودور العبادة اللازمة لكل تجمع بشرى.

أعتقد أننا إذا بدأنا فى حل قضية در العبادة بشكل جذرى يرتبط بعدد السكان والتجمعات العمرانية فلن نكون بانتظار فوز للمنتخب أو استدعاء التاريخ للحديث عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وربما نخطو خطوة ملموسة فى مجال إعادة بناء الثقة بين مواطنى هذا البلد باختلاف دينهم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة